إصرار السوريين في بلدان اللجوء لاسيما في أوروبا، مازال يفرز الكثير من حالات التفوق والتميز، هذه الحالات التي تأتي رغم أن الكثير منهم وصل لتلك الدول بعد عبور رحلة أقل ما يمكن وصفها بـ”رحلة الموت “.
فصعوبة الرحلة والاندماج في المجتمع الجديد لم تكن دائما عائقاً أمام تحدي الكثير من اللاجئين السوريين لانفسهم، بل هذه الصعوبة جعلتهم في كثير من الأحيان يتفوقون على الأوربيين في مجالات عديدة .
حديثنا اليوم عن تفوق رجل سوري بلعبة فكرية هي “الشطرنج” على نظرائه الأوربيين، بعد وصوله المانيا بنحو أربع سنوات قادماً من محافظة درعا جنوب سوريا.
”شادي ابو القياص” الذي ما إن وصل ألمانيا التي بدت له بلداً غريباً ثقافياً ولغوياً ومن جميع النواحي، إلا أنه استطاع تجاوز جميع الصعاب، بل تمكن كذلك من دخول مضمار لعبته المفضلة “الشطرنج”، واستطاع تحقيق المركز الأول على مستوى المقاطعة”هيسن” التي يعيشها فيها.
هذا التفوق كان دافعاً له لإدخال طفليه في هذا مجال وحققوا كما أبيهم مراكز متقدمة على مستوى المدينة التي يعيشون فيها “ماربورغ” .
يقول “ابو القياص” في حديث مع (Arabe Europe ) في الفترة الأولى بعد وصولي لألمانيا بحثت عن نادٍ للشطرنج رغم هول الطريق والظروف الصعبة التي مررت بها في رحلة الوصول لهذا البلد، والسبب في بحثي هذا هو حبي لهذه اللعبة، واستطعت ايجاد ناد في المدينة، وتم قبولي.
”أبو قياص” الذي سبق وحاز المركز الأول في سوريا على مستوى الفرق والأول بالفردي على مستوى محافظته بعد دخوله النادي الألماني حاول استعادة لياقته بالشطرنج بعد انقطاع لسنوات، وذلك من خلال اليوتيوب وأخبار الشطرنج، مؤكداً بأن هذه اللعبة تحتاج لدراسة نظرية بشكل متكرر، وفيها تحديث بشكل دائم، فضلاً عن تمكنه من الاحتكاك مع لاعبين ألمان اقوياء، ما جعله يستعيد معلوماته ولياقته .
وأردف محدثنا قائلاً :”تدرجت في النادي وبعد أقل من عامين ونصف، استطعت الفوز بالمركز الأول على مستوى ولاية هيسن “، مضيفاً :” كانت المنافسة صعبة وهي بطولة فردية على مستوى الولاية ورغم ذلك استطعت الفوز بالمركز الأول بنتيجة خمس نقاط ونصف من أصل سبعة، حيث فزت بخمس مباريات وتعادلت بواحدة وخسرت واحدة”.
و”هسن” تعد من الولايات الرئيسة في ألمانيا وفيها مدن مهمة على مستوى البلاد مثل فرانكفورت.
و فيما يخص دخول طفليه ميدان هذه اللعبة، يقول “أبو القياص” إنه أدخل طفله الأصغر “محمد” قبل عامين للنادي ويبلغ الآن 11 سنوات، ولفت نظر الألمان واهتموا به وكان عند حسن الظن، وتمكن من نيل بطولة الشطرنج على مستوى مدينة ماربورغ، والمركز الثالث على مستوى الولاية (هيسن) في نموذج الفرق، وهو طفل متفوق دراسياً وهو الأهم”.
وأضاف: ” أما طفلي الأكبر “كريم” وعمره 15 عاماً، استطاع نيل المركز الثالث على مستوى ماربورغ وهو كذلك متفوق دراسياً”.
وحول طموحاته يقول “أبو القياص” إنه على الرغم أن الشطرنج مجرد لعبة، فإن لديه طموحاً كبيراً أن يرفع من خلالها اسم سوريا وأن يحصد المركز الأول على مستوى ألمانيا.
حالة “شادي ابو القياص” ليست الاولى وهي واحدة من بين مئات حالات التفوق التي تمكن فيها اللاجئون السوريون بألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية من تحقيق تميز وتفوق سواء على الصعيد الاقتصادي او الدراسي وليس اخيراً الرياضي، لاسيما أن لاعب الشطرنج السوري “موسى المجبل”، استطاع الفوز ببطولة الشطرنج على مستوى ألمانيا عام 2015، حيث انتزع الكأس من حامل اللقب الألماني وكان الفوز حينها من قبل “المجبل” على الرغم من وجود عائلته آنذاك في مخيم “الزعتري” في الأردن.