ابداعات ومواهبتقارير

الكُتاب الشباب في أوروبا.. أدب مهجري بطعم اللجوء

حسام حميدي – عرب أوروبا

غالباً ما يقال أن الإبداع يولد من رحم المعاناة، ولكن في أوقاتٍ أخرى يمكن أن يخلق الإبداع مع أول صرخات صاحبه في هذه الدنيا، ولكن وبكلا الحالتين يبقى الفيصل في خروج تلك الإمكانيات إلى العامة مرتبطاً بتوفر البيئة والظروف التي تعتبر الحاضنة الأولى، خاصة عندما يتم الحديث عن الجوانب والأعمال الأدبية، بالنسبة للشباب العرب المقيمين في أوروبا، التي شهدت خلال الفترة الماضية تصاعداً في أعدادهم بشكلٍ ملحوظ في دول اللجوء.

اسلام مطور

الشابة “إسلام مطور” واحدة من الكتاب الشباب الذين خاضوا العمل الأدبي في سنوات مبكرة من العمر، وعن بدايتها تقول لموقع “العرب في أوروبا” “عندما كانت في التاسعة وبتشجيع من العائلة التي ساعدتني على القراءة وتنمية القدرات على الكتابة”. مضيفة: “أمام شغفي بالقراءة أنشأ لي أهلي مكتبة صغيرة في مكان صغير من المنزل، سررت كثيراً بها، كانت أولى الروايات التي قرأتها رواية (الأخوان) وعندها بدأت أكتشف رغبتي بالكتابة”.

وأشارت “مطور” إلى أنها مع تقدمها بالسنوات وتعميق رغبتها بالقراءة بدأت تشعر برابط روحي بينها وبين الكتب: “كنت أشعر بأنني في أسوأ أحوالي عندما ابتعد عن الكتابة ، خاصةً وأنني مع تجاربي الأولى في الكتابة كنت ألمس استحسان من حولي وإعجابهم بما أكتبه، كل هذا شكل لي دافعا كبيرا كي استمر في طريق الأدب”.

أولى الكتابات ورغبة يحركها الحنين

“جدائل اللوز” عنوان أولى مؤلفات الشابة “إسلام” وفيها تمتزج آثار المغترب بالحنين إلى الوطن، إلى فلسطين، موضحة أن أحداث الرواية تدور بين مدينة “دوسلدورف” الألمانية ومدينة “القدس” التي تنتمي إليها الكاتبة الشابة.

تقول “إسلام”: “ليست مجرد رغبة بالكتابة، وإنما هي مزيج من الرواية الكلاسيكية العالمية التي تتميز بالتعمق في أغوار النفس البشرية والرواية الحديثة التي تركز على الحدث أكثر منه على الشخوص، والتي  تتسم بالانتشار في عدة أزمنة وعدة أماكن”.

في سياق الحديث أكثر عن روايتها الأولى، تضيف “إسلام”: أنا مقيمة هنا في ألمانيا منذ خمس سنوات وأدرس الطب، جئت من مدينة القدس ذات الخصوصية الكبيرة بأزقتها وشوارعها وذكرياتها”، لافتةً إلى أن الحرب التي تعيشها بلادها منذ عقود تركت أثراً  كبيراً بداخلها وهو ما انعكس على الرواية بشكل واضح، على حد قولها.

تتابع إسلام: “البعض ممن كانوا حاولي كانوا ينظرون إلى أعمالي وكتاباتي كهواية وتضييع للوقت، وهذا ما دفعني للانطواء ومحاولة إصدار كتابي الأول كهوية لي ومدخل يساعدني على التعرف على عالم الكتابة ويثبت لي إن كنت امتلك القدرة على الكتابة أم لا”، مشيرة إلى أنها لا تزال حتى اليوم تحاول تطوير ملكة الكتابة لديها.

في السياق ذاته، اعتبرت الشابة ابنة الـ”26″ عاماً أن الكثير من الشباب العرب لديهم القدرة على الإبداع وابتكار أساليب جديدة في الكتابة خاصة مع حالة اللجوء التي يعيشها قسم كبير منهم، معبرة عن ثقتها بقدرة  الكتاب الجدد على الخروج من قالب الجمود الذي غالباً ما يقع الكتاب فيه، طبعاً مع الحفاظ على ما وصفته بأساسيات ومقدسات اللغة العربية.

ظاهرة آخذة بالارتفاع.. والسبب!!

تعليقاً على تنامي ظاهرة المؤلفات الأدبية بين الشباب العرب في أوروبا، أشار مدير مكتبة العرب الألمانية “راشد حموش” إلى وجود الكثير من التجارب لكتاب عرب تحت سن العشرين عاماً، مرجعاً تلك الزيادة إلى عدة عوامل أهمها سهولة عمليات النشر والتمويل في أوروبا لا سيما من الناحية المادية على حد قوله.

راشد حموش

بالإضافة إلى ذلك، أشار “حموش” خلال حديثه مع موقع “العرب في أوروبا” إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في دفع الكثير من الشباب إلى الكتابة، إلى جانب إمكانيات ترجمة تلك المؤلفات إلى لغات أجنبية، لافتةً إلى أن عادات القراءة في أوروبا وانصراف الكثيرين باتجاه مطالعة الكتب والأدب أيضاً كان من بين العوامل التي ساعدت على ارتفاع عدد المؤلفين الشباب.

وأضاف “حموش”: “هناك الكثير من التجارب للشباب العرب في مجال الأدب وتحديداً في مجال الرواية، ولكنها حتى الآن لم تصل إلى مرحلة النضوج الكامل”، لافتاً إلى أن من بين كل التجارب يمكن القول بأن 15 بالمئة منها تستحق النشر على نطاق واسع، ويستحق كتابها مواصلة العمل الأدبي وتلقي الدعم الكامل.

أما عن الموضوعات المتداولة في مؤلفات الشباب، لفت “حموش” إلى أنها دائماً ما تتأثر وتركز على مسألة اللجوء والحرب والذكريات قبلها، مضيفاً: “نحن أمام موجة جديدة من أدب المهجر، لكن الموجة حتى الآن لا تزال غير مستقرة بانتظار من يستطيع الاستمرار بالكتابة”.

وختم “حموش”: “الكثير من الشباب لديه القدرة على الإبداع وهي الطبقة التي يجب تشجيعها على الدوام، فالكاتب هو مخزون ما يقرأ، ولا يمكن أن يخلق كاتب دون ثقافة أو مخزون جيد من المطالعة للأدب المحلي والعالمي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى