“ألبير كامو” و”جان بول سارتر”.. صداقة فقطيعة
بمناسبة إحياء الذكرى الستين لوفاة الكاتب الفرنسي ألبير كامو في حادث سيارة، تولى الكاتب والصحافي الفرنسي مارك بنحمو إنتاج شريط وثائقي عن هذا الكاتب الذي أحرز جائزة نوبل للآداب عام 1957 عنوانه ” حيوات كامو” في إشارة إلى ثراء شخصية الكاتب الراحل وجوانبها المتشعبة والمعقدة في كثير من الأحيان. وما يدل على ذلك مثلا أن كامو الذي ولد في الجزائر كان ينتمي إلى أسرة فقيرة جدا.
وكانت والدته أمية عاملة في المنازل. ولكنه أصبح في ما بعد من أفضل صحافيي جنس “الربورتاج” ومن أهم مثقفي فرنسا وكُتَّابها. وكان يحب زوجته ولكن كانت لديه في الوقت ذاته عشيقات. وكان يُنظر إليه أحيانا من قِبل خصومه المثقفين على أساس أنه ينتمي إلى التيار اليميني، فثبت بعد مرور عقود على موته أنه مثقف مستقيل برأيه وذو رؤية.
ويتطرق الفلم الوثائقي إلى جزء مهم من حياة كامو يتعلق بعلاقة الصداقة القوية التي ربطت بينه من جهة وبين الفيلسوف الوجودي والكاتب جان بول سارتر ورفيقة دربه الفيلسوفة والكاتبة سيمون دي بوفوار. ويخلص الفلم انطلاقا من وثائق صوتية وشهادات حية إلى أن جوزيف ستالين الذي كان يُلقب في خمسينات القرن العشرين بـ ” أبي الشعوب ” هو الذي كان وراء القطيعة التي حصلت بين كامو وسارتر لسبب بسيط هو أن كامو تجرأ على القول إن ممارسات ستالين فاشية تجاه خصومه المسالمين من سكان ما كان يسمى الاتحاد السوفييتي والذين كان يَزجُّ بهم في معتقلات سيبيريا بينما كانت الغالبية الساحقة من مثقفي فرنسا في ذلك الوقت ترى أن ستالين هو محرر الشعوب من الاستعباد ورأس المال.
ولابد من التذكير-وهو ما يشير إليه الفلم الوثائقي الجديد عن كامو-أنه اتُّهم من قبل سارتر بصاحب الفكر الفاشي. ومن الشهادات النادرة الواردة على لسان كامو بشأن القطيعة بينه وبين سارتر تلك التي قال فيها إن ما يدل على ” تميز العلاقات بينهما ” أن كليهما لا يرى الآخر”. والطريف في علاقة الجفاء التي تحولت إلى قطيعة بين كامو وسارتر أنها جُسدت عبر نصوص مقالات فيها كثير من الإبداع وصاغها الخصمان اللدودان بعد أن كانا صديقين حميمين.
مونتي كارلو