تعليمتقاريرثقافة وفنون

بعيداً عن الحرب والدماء.. “لوتّه هوبستاكن” تقدم دراسة عن الثقافة السورية في المجتمع الهولندي

مضر عدس – هولندا

تخصصت الباحثة الهولندية “لوتّة هوبستاكن” في علم الإنسان “الانثروبولجيا” في جامعة “أمستردام الحرة”، وتنجز الآن دراسة بحثية حول الثقافة السورية وطرق التعبير عنها ونشرها في الأروقة الثقافية أمام للرأي العام الهولندي، وذلك عن طريق دراسة ومتابعة ورصد مشاريع فنية وثقافية يقوم بها فنانون ومثقفون سوريون مقيمون في العاصمة الهولندية.

وعن فكرة الدراسة تقول الباحثة الهولندية لـ “أخبار العرب في أوروبا”: ”انطلقت فكرة الدراسة عندما بدأت الاختلاط بالمجتمع السوري المنفتح في أمستردام، في البداية لم أكن أفهم ما الذي يحاولون تقديمه والتعبير عنه، ولذلك قررت أن أتخصص في الثقافة السورية وذلك من خلال دراسة بحثية موجهة لهم وعن طريقهم”.

وتضيف”هوبستاكن” : أن “الهدف هو تأسيس فهم خاص بالمتلقي الهولندي، وذلك في محاولة لتقديم الثقافة السورية بالشكل الأمثل، واتاحة الفرص لتقبل أي (مختلف) و استيعاب ما يحاول أن يقوله، وبهذا تغدو إمكانية أن تسمع بشكل أفضل في الوسط الهولندي أفضل بكثير”.

تقبل الآخر..

تسعى الباحثة “لوته” من خلال الدراسة لتوسيع أفق فهم الإنسان الهولندي لثقافة مجتمع كامل جاء إلى هولندا منذ بدايات العام 2014، فتقول: “إنه مجتمع غير معروف مسبقاً بالنسبة للمجتمع الهولندي، وبالتالي تركز الدراسة على محاولة تقديم صورة واضحة بعيدة عن النمطية التي ترسخت في ذهن المواطن الأوروبي عن ثقافات الشعوب العربية.

وتؤكد “هوبستاكن” على أهمية دراسات مماثلة فهي“تساعد على الإندماج والإندماج المعاكس، بحيث يتمكن الإنسان السوري من تقديم نفسه بشكل أفضل، إن كان المتلقي على دراية أكثر بثقافته وأساليبه في التعبير، وبالمحصلة فهم هذه الثقافة تساعد على استيعاب اختلافهم وتقبله أفضل”. وتضيف: “وهي بالتأكيد ثقافة غنية جداً، ولكن للأسف الصورة الأكثر شيوعاً في الأوساط الاوروبية بأن الثقافة السورية تتمثل فقط بالدبكة والأكلات السورية المعروفة لنا جداً، أنا أسعى لأن أعرّف الثقافة السورية بمجملها لمجتمعنا، فهي غنية بالأدب والنصوص الشعرية، والكثير من الرقصات الشعبية التي تعتبر الدبكة واحدة منها، بالإضافة للكثير من الفنون البصرية والأعمال الفنية من أفلام ومعارض رسم وصور فوتوغرافية”.

مخطط تنظيمي لمدينة “حلب” على انقاض الدمار

الوجود والحضور السوري

شملت الدراسة 35 فنانا ومثقفا سوريا، وقد وثقت مشاريعهم في “أمستردام”، سواء الحالية أو القديمة، وقامت بتسجيل شهاداتهم وأفكارهم وطروحاتهم، لتكون الدراسة مرجع لمن يحاول أن يعمل على دراسة مستقبلية عن الموضوع.

وركزت الباحثة الهولندية على معرفة الهدف من وراء انتاجهم لهذه الفنون، وما المواضيع التي يحاولون مشاركتها مع غيرهم، وما هي الهوية التي يحاولون الحفاظ عليها وتقديمها للآخرين فتقول: “الغالبية تحاول أن تدمج ما بين الثقافة السورية والهولندية، لتقديم أعمال قادرة ان تحكي واقعهم المعاش في أمستردام، وما هي طموحاتهم وأحلامهم في بلدهم الجديد وكيف يمكن أن تكون الطرق التي يستطيع المجتمع المضيف أن يقدمها”.

وتضيف “هوبستاكن”: “إحدى أكثر المشارع أهمية هو مشروع مشترك مع مجموعة فنانين آخرين من ثقافات مختلفة، اذ يعبر كل منهم عن أشكال حياتهم اليومية في أمستردام، والمشاكل التي يواجهها كل واحد منهم من خلال العقبات التي يواجه بسبب الصور النمطية التي زرعت في عقول الكثير من الأوروبيين، مثل هكذا مشاريع نستطيع فهم الهوية السورية أكثر ونستطيع التوصل لحلول تساعدهم على الاندماج أكثر”.

وعن سبب اختيار دراسة الثقافة السورية توضح الباحثة “لوتّه”: “للوجود السوري حضور كبير وواضح في المجتمع الهولندي والأوروبي في السنوات الأخيرة، والجميع متخوف من أن يتحول هذا العدد الكبير إلى مجتمع مغلق رافض للاندماج، وهذه مخاوف مشروعة ولكن تبقى محاولاتنا عديمة الأهمية إن لم نحاول فهم الثقافة التي ينتمون لها، ولذلك يجب تقديمها للمواطن الأوروبي بطريقة مفهومة بعيداً عن النمطية”.

وتتابع”لوته“: “بفهم ثقافة المجتمع نستطيع القيام ببرامج مهمة تعمل على الإندماج الأفضل في الحياة العامة، فالثقافة هي صلب الحياة التي تسير عليها المجتمعات، ولذلك الفهم الأفضل يؤدي إلى ثقة وبالتالي الوصول إلى نقطة جيدة من التواصل وكسر كل الحواجز الموجودة”.

تقدم الباحثة الهولندية “لوتّة هوبستاكن” عبر أوراقها صورة مختلفة عن سوريا بعيداً عن الحرب والدماء والخوف، وذلك من خلال تقديم فهم واضح لثقافة وفنون وموسيقى هذا البلد، وتسعى في المستقبل لتؤطر هذا البحث وتتوسع به بالتعاون مع مراكز بحثية مهمة في هولندا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى