تقاريرمجتمع
أخر الأخبار

هل الحجاب عائقاً أمام اللاجئة في المجتمعات الأوروبية؟

أخبار العرب في أوروبا – حسام حميدي

“خلع الحجاب”، واحدة من أكثر الظواهر، التي أثارت الجدل في مجتمعات اللاجئين في الدول الأوروبية، على الرغم من أنها كثيراً ما كانت ترتبط بأسباب متعلقة بالبحث عن العمل أو الدراسة أو الخوف من التعرض للهجمات العنصرية، بحسب ما تذكره العديد من اللاجئات اللاتي خضن تلك التجربة.

تجارب مختلفة ومستقبل لا يعيقه الحجاب

خلال فتح موقع “أخبار العرب في أوروبا” لملف خلع عدد من اللاجئات للحجاب، كان هناك تجربة مختلفة تماماً للشابة “أسماء الخليل”، التي ترفض اعتبار مسألة وجود الحجاب عائقاً بالشكل الكلي أمام اللاجئة للدخول في المجتمع الأوروبي، حتى وإن سبب لها شيئاً الصعوبات داخل تلك المجتمعات، مضيفةً: “أعلم أنها مهمةٌ صعبة جداً أنك تكون الفتاة محجبة وتبحث عن فرصة لإثبات نفسها في المجتمع الاوروبي، ولكن في النهاية الفرصة ستأتي مع حجاب أو بدونه، لذا أصررت على الالتزام به كجزء من هويتي، والاستمرار بالبحث عن تلك الفرصة”.

تضيف “أسماء”: “نعم هناك من ينظر إلى حجابي كنوع من الرجعية أو التخلف، ولكن تلك النظرة لا تعني أن هذه حقيقتي”، معتبرةً أن المطلوب من الفتاة المحجبة أن تمتص هذا الواقع، وأن لا تكتفي بأخذ دور الضحية أو أن تستلم له، بل أن تواصل السعي لإثبات ذاتها، حتى وإن تم ذلك عبر أطول الطرق، على حد قولها.

محاولات متكررة ونهاية سعيدة وعنصرية في وضح النهار

الموقف من قضية الحجاب بالنسبة “لأسماء”، طالبة الحقوق السابقة، ارتبط بحسب روايتها، بما مرت به من تجارب، لافتةً إلى أنها وخلال سنواتها الثلاث الأولى مرت بالكثير من الخيبات، بسبب المحاولات الفاشلة للعمل، والتي انتهى بعضها قبل أن يبدأ، على حد قولها، مضيفةً: “بعد كل تلك المحاولات والصبر حظيت بالفرصة المنتظرة، وعملت في قسم التسويق في إحدى الشركات القريبة من منزلي، وهو ما أمن لي أول خطوة باتجاه ما أطمح له”.

أما عن إمكانية التعرض لهجمات أو مواقف عنصرية، تشير الشابة العشرينية إلى أنها تعرضت لمثل ذلك الموقف من قبل أحد الأشخاص في الطريق، لافتة إلى أن بعض المارة من الألمان هم من تصدوا للرجل ومنعوه من الاقتراب منها، معتبرةً أن وجود شريحة من الأشخاص الرافضين للحجاب، لا يعني تعميمه بشكل عام على المجتمع ككل.

أرقام وإحصائيات

الحديث عن إمكانية التعرض لمواقف عنصرية، بسبب الحجاب بشكلٍ خاص، كشفت عنه بعض استطلاعات الرأي، من بينها الاستطلاع، الذي نشرته وكالة الاتحاد الأوروبي للتسوق، والذي أظهر عام 2019، أن 94 بالمئة من النساء المشاركات المقيمات في دول أوروبية تعرضن لمواقف عنصرية بسبب الحجاب، توزع بعضها على الاعتداءات اللفظية والجسدية.

كما أظهر الاستطلاع، الذي شمل 10527 شخص في 15 دولة أوروبية، أن 39 بالمئة من إجمالي المستطلعة آرائهم تعرض للتمييز أثناء بحثه عن عمل، في حين تعرض 53 بالمئة منهم للتفرقة العنصرية بسبب ملامحهم الأجنبية خلال البحث عن منزل.

حرية شخصية لا تحتاج إلى التبرير

تعتبر الشابة “ريم عثمان”، التي سبق لها أن خاضت تجربة خلع الحجاب، أن هذا الأمر يرتبط بالدرجة الأولى بالحرية الشخصية، مضيفة: “هو قرار شخصي يتعلق بالمرأة بحد ذاتها، وبالتالي لا يحق لأحد أن يهاجم شخصا آخر أو يتنمر عليه بسبب قرار شخصي، وبالتالي لا يحق لأحد أن يطعن بمصداقية التبريرات التي تتناولها المرأة حول خلع الحجاب، سواء أكانت بسبب العمل أو الخوف من العنصرية أو غيرها”.

إلى جانب ذلك، ترى الشابة العشرينية أن تداول موضوع الحجاب على هذا النحو الواسع يأتي من نظرة المجتمع الذكوري في كافة أنحاء العالم للمرأة على أنها ملكية خاصة بالرجل، ليس فقط من ناحية جسدها فحسب وإنما حتى في التفكير، على حد وصفها، متسائلة عن سبب إلزام المرأة بارتداء ملابس معينة أو تغطية شعرها، بدلاً من أن يطالب الرجل بعدم النظر إليها أو الشعور بالاستثارة.

حق ارتداء الحجاب وردود أفعال غير كافية

على الرغم من اتخاذها قرار خلع الحجاب، إلا أن الشابة “ريم” تصر على حق المرأة في أن ترتدي الحجاب طالما أنه مرتبط بقناعتها الشخصية وبالتقرب من الله، وليس أمرا مفروضا بحكم المجتمع أو البيئة المحيطة أو الوصاية الذكورية، معتبرةً أن الأسباب، التي ذكرتها النساء لخلع الحجاب، المتعلقة بالعمل والعنصرية والرفض المجتمعي، تستدعي رد فعل واسع على نطاق المنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان؛ لمنع إجبار المرأة على خلع الحجاب تحت ضغط تلك الأسباب أو غيرها.

وتضيف “ريم”: “هو شيء محزن أن تجبر الفتاة على شيء مخالف لقناعاتها، فكما لها الحق بخلع الحجاب إن رغبت بذلك، لها الحق أيضاً في أن ترتديه إذا كان خياراً شخصياً بحت، ومعنى أنني قررت أن أخلع الحجاب لا يعني أن أقبل أن يصادر حق إمرأة في أن ترتديه، طالما هي لا تنظر إلى نفسها على أنها عورة”.

كما ترى “ريم” أنه من غير المقبول في كل الأحوال تعرض المرأة المحجبة لأي نوع من أنواع التنمر أو التمييز، سواء كانت محجبة بقناعاتها أو رغماً عنها، معتبرةً أن ذلك التنمر يزيد من تعرضها للاضطهاد ويحد من حريتها وحقوقها في أن تكون كما تريد، موضحةً: “لا أدري لماذا يتحول أي تصرف من النساء مهما كان صغيراً إلى ظاهرة ونقاش وجدال، للحكم على ذلك التصرف، بدلاً من مناقشة أسبابه واعتباره مؤشراً على ما تعانيه المرأة في حياتها”.

أما عن تجربتها الشخصية في خلع الحجاب، تقول “ريم”: “قراري لم يرتبط بكوني موجودة في أوروبا، كما أنه ليس ناتج عن أسباب العمل والاضطهاد، وإنما هو قرار شخصي له علاقة بشعوري بالظلم والتمييز”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى