رغم عدم الإغلاق .. مستقبل قاتم للاقتصاد السويدي والانكماش قد يصل لـ 10%
أخبار العرب في أوروبا- ستوكهولم
تعد السويد الدولة الأوروبية الوحيدة التي رفضت اتباع نهج الدول الأخرى لمواجهة تفشي وباء كورونا، حيث ابقت مدارسها مفتوحة ولم تمنع الناس من مغادرة منازلهم وبقيت القطاعات الاقتصادية تعمل تقريبا كالمعتاد، وذلك بحجة أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات أمر غير مستدام، ويمكن أن يضر الاقتصاد دون داعٍ.
وجاء اتباع السويد لهذا النهج، بعد أن حث قادة الأعمال في البلاد الحكومة على أخذ الاقتصاد في الاعتبار عند التفكير في فرض قيود أو المخاطرة بالاضطرابات الاجتماعية.
وتشير الأرقام المبكرة للناتج المحلي الإجمالي للسويد في الربع الأول من 2020، الصادرة هذا الأسبوع، إلى أن الأداء الاقتصادي في السويد كان أفضل من معظم دول الاتحاد الأوروبي في آذار/ مارس على الأقل، إذ سجلت انخفاضاً بنسبة 0.3% فقط، مقارنة بانخفاض نسبته 3.8% فى منطقة اليورو.
ورغم ذلك فإن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن السويد لن تستطيع الهرب من الضربة الاقتصادية الشديدة التي ستعاني منها أوروبا على المدى الطويل، في حين تتوقع المفوضية الأوروبية انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للسويد بنسبة 6.1% هذا العام.
صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية ذكرت أن بنك السويد المركزي يمتلك نظرة أكثر قتامة اتجاه الاقتصاد، إذ يقدر إمكانية انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 7% و10%.
في حين أظهرت البيانات المتعلقة باستخدام وسائل النقل العام وبطاقات الائتمان والمطاعم انخفاضاً كبيراً في السويد، حيث حثت الحكومة الناس على العمل من المنزل كلما أمكن ذلك والحفاظ على التباعد الاجتماعي، لكن الانخفاضات أقل سرعة من الدول الأوروبية الأخرى الخاضعة لحظر كامل.
تراجع غير مسبوق للنشاط الاقتصادي
يقول “ديفيد أوكسلي” كبير الاقتصاديين الأوروبيين في مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس”إن “النشاط الاقتصادي في السويد قاتم، ربما ليس قاتماً كما في أماكن أخرى، لكنه لا يزال يتراجع بشكل غير مسبوق”.
بدورها،”كريستينا نيمان” كبيرة خبراء الاقتصاد لدى البنك السويدي”هاندلس بانكن” اعتبرت أنه “لولا سياسة عدم الإغلاق، لكانت السويد قد تضررت بشدة”، كما حدث فس عام 2008، وأضافت: “إذا لم تكن لدينا هذه الظروف الأفضل، لكانت الأوضاع أسوأ، فنحن عادة ما نكون أكثر تضرراً من الركود العالمي”.
لكن خبراء الاقتصاد في بنك “سكاندينافيسكا إنسكيلدا” يقدرون انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للسويد بنسبة 6.5% هذا العام وهو رقم يعادل نفس الانخفاض تقريباً فى الولايات المتحدة وألمانيا، لكنه أفضل بقليل من النرويج وأقل من الانخفاض بين 9% و10% فى فنلندا والدنمارك، التى عانت جميعها من إغلاق البلاد.
وفي الوقت نفسه، يقول بعض الخبراء أن هناك إمكانية لجني السويد لبعض الفوائد في ظل مواصلة مسارها الحالي، في الوقت الذي تتصارع فيه الدول الأخرى حول كيفية إعادة فتح اقتصاداتها.
البطالة في تزايد
الاقتصاد السويدي يسير نحو الانكماش، ما يعني زيادة في البطالة، وهذا ما أكدته قبل أيام هيئة التوظيف السويدية، التي قالت إن نسبة البطالة في البلاد ارتفعت من 6.7 % إلى 8.1 %، مشيرة إلى أن سبب هذا الارتفاع يعود لأزمة فيروس كورونا.
الهيئة اوضحت أنه تم تسجيل نحو 419 ألف شخص كعاطلين عن العمل في نهاية شهر نيسان/ أبريل، وهو رقم أعلى بأكثر من 81 ألف شخص مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
ومن المقرر أن تصدر هيئة التوظيف إحصائيات جديدة في الأيام المقبلة، حيث يتوقع أن تكون أرقام البطالة أعلى، رغم أن الهيئة سبق أن توقعت وصول نسبة البطالة خلال الصيف إلى نحو 11 %.
وعلى وقع هذه الأرقام أعلنت الحكومة السويدية الأسبوع الماضي، حزمة مساعدة جديدة للشركات تصل قيمتها لـ 39 مليار كرون ( 3.65 مليار يورو)، بهدف إنقاذ الوظائف خلال جائحة كورونا.
وقالت وزيرة المالية السويدية “ماجدالينا أندرشون”، إن حجم الدعم سيعتمد على مقدار الإيرادات التي حققتها الشركة، ويمكن أن يتراوح بين 22.5 %و 75 % من التكاليف الثابتة للشركة في آذار/مارس ونيسان/أبريل، باستثناء الرواتب.
اقرأ أيضا: أزمة اقتصادية في فرنسا تلوح في الأفق .. والتجار يدقون ناقوس الخطر
ولتلقي الدعم يجب أن تكون لدى الشركة مبيعات على الأقل بـ250 ألف كرون في السنة المالية الماضية، وأن تكون تكبدت خسارة مبيعات لا تقل عن 30 % خلال آذار ونيسان . وتقدر الحكومة أن تكون 180 ألف شركة مؤهلة للحصول على الدعم.
يبدو أن جائحة كورونا على الاقتصاد السويدي هي الاعنف منذ عقود طويلة، لاسيما أن نقابات وبلديات في البلاد حذرت من ركود اقتصادي خطير في الفترة المقبلة، وأن هذا الركود سيزداد تدريجيا، لاسيما أن البلديات بدأت منذ الآن تعاني من قلة فرص العمل، فيما تقول الكثير من التقارير الاقتصادية المحلية إن التوازن لن يعود للاقتصاد السويدي قبل نهاية عام 2023، وأن تبعات هذه الجائحة قد تستمر فترة أطول.