أخبار العرب في أوروبا – خاص
كشف استبيان أجراه موقع “أخبار العرب في أوروبا” عن تعرض 97 في المئة من النساء العربيات للتحرش الالكتروني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً موقع “فيسبوك”، حيث شمل الاستبيان 106 نساء مقيمات في أوروبا والشرق الأوسط، في سن تتراوح بين 15 وحتى 55 عاماً.
وكشفت 84 في المئة من المشاركات أن عمليات التحرش تمت عبر مراسلات خاصة في موقع “فيسبوك، وشملت رسائل نصية وصور إباحية، بالإضافة إلى محاولة إجراء اتصالات هاتفية عبر تطبيق “ماسنجر”.
كما أشارن إلى أن أعمار المتحرشين تتفاوت، حيث شكل المراهقون تحت سن 18 عاما ما نسبته 5 في المئة من إجمالي نسبة التحرش، وما يصل إلى 73 في المئة للفئة العمرية بين 18 وحتى 50 عاماً، و6 في المئة لمن هم فوق 50 عام، في حين لم تتمكن 16 في المئة من النساء تحديد سن المتحرش.
ذوي القربى
أما عن هوية المتحرش، فقد أوضح 19 في المئة من المشاركات في الاستبيان أن المتحرش كان شخص معروف مسبقاً بالنسبة لهن، سواء من الأقارب أو الأصدقاء أو المعارف، كما أكدت 53 في المئة من المشاركات أن عمليات التحرش تمت من حسابات حقيقية.
في هذا السياق، تقول الشابة رحمة “اسم مستعار”، لـ”أخبار العرب في أوروبا” أنها تعرضت في إحدى المرات إلى التحرش من قبل صديق والدها، الذي يكبرها بما يزيد عن 39 عاماً، مضيفةً: “إحدى المرات أرسل لي رسالةً يعبر فيها عن حبه لي وأنه يرغب بلقائي، اكتفيت وقتها بإجراء حظر لحسابه على فيس بوك، ولم أخبر أبي بالحادثة كوني لا أضمن ردة فعله”.
تعقيباً على حديث “رحمة”، أكدت 83 في المئة من النساء، اللاتي تعرضن للتحرش، بأنهن لم يخبرن ذويهن أو أزواجهن بما يتعرضن له من تحرش إلكتروني، بسبب القلق من ردة الفعل، فيما أشارت 12 في المئة من النساء إلى أنهن واجهن مشكلات مع عوائلهن بعد إخبارهم بتلك الحوادث، في حين أكدت 5 في المئة من المتزوجات أنهن واجهن مشاكل مع الزوج، عند إخباره بما يتعرضن له.
وفي تعليقها على تكتم النساء على حوادث التحرش، تشير الباحثة الاجتماعية، الدكتورة “سميرة المبيض”، إلى أن النسبة الغالبة من السيدات لا يصرحن عن حالات التحرش، بحكم وجود حكم مسبق سائد ضمن المجتمعات العربية بإلقاء اللوم على النساء في أي حوادث تتعلق بالتحرش وبتبرئة الطرف المرتكب للفعل، وهي أحكام منحرفة تؤدي الى سلوك غير سوي يبتعد عن مسار سليم بكشف المتحرشين واخضاعهم للمساءلة القانونية والمجتمعية وهي مفاهيم تحتاج للتغيير الجذري في مجتمعاتنا، لتصبح موضوعية تقف بوجه السلوكيات الخاطئة وتقوّمها، عوضاً عن أن تتغاضى عنها وتساهم في تفاقمها، على حد وصفها.
إلى جانب ذلك، تؤكد السيدة “رامية” المقيمة في إحدى الدول الأوروبية، لـ”أخبار العرب” أنها تعرضت لتحرش إلكتروني مباشر من قبل والد صديقتها، الذي تعدى خلال مراسلاته حدود التحرش إلى مرحلة طلب إقامة علاقة مباشرة معها، مؤكدة أنها لم تتجرأ على إخبار أي أحد بالحادثة خوفاً من إثارة المشكلات، لا سيما وأنها سيدة متزوجة وتربطها علاقة قوية بأسرة المتحرش، حسب قولها.
بين الحرية والنظرة الخاطئة
أمام ارتفاع نسبة التحرش الإلكتروني، تشير الدكتورة “المبيض” إلى أن ظاهرة التحرش ناجمة عن تقييد في الحريات وعن نظرة خاطئة للمرأة وللعلاقات المجتمعية، وأن مجموعة من العادات والتقاليد غير سوية تؤسس لتلك الظاهرة في المجتمع، من خلال نشأة الأطفال أو الشبان، مضيفةً: “تبين نتائج الدراسة المذكورة أن ظاهرة التحرش الإلكتروني تطال تقريباً كافة السيدات ضمن الشريحة العمرية المعنية بالدراسة”.
كما تخلص الدكتورة “المبيض” إلى مجموعة من الأمور انطلاقاً من نتائج الاستبيان، في مقدمتها، أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل شريحة واسعة كوسيلة للتحرش بشكل قد يكون أكثر تواتراً من التحرش المباشر، وقد يساهم بذلك كون المُتحرش يستطيع أن لا يُظهر عبر هذه الوسيلة هويته الحقيقية، وهو بذلك يحمي نفسه من نظرة المجتمع السلبية للمتحرشين، كذلك يحمي نفسه من المُساءلة القانونية، التي تلحق بهذا الأمر في حال قدمت السيدات المعنيات شكوى بهذا الخصوص.
تضيف “المبيض”: “قد يقوم بالتحرش أشخاص من حسابات تحمل أسماء حقيقة مستغلين البعد الجغرافي أو التباعد في الوسط الاجتماعي مع السيدات المعنيات، بما لا يهدد بكشف سلوكياتهم المنحرفة في وسطهم المباشر”، لافتةً إلى أن عدم وجود إمكانية محاسبة مباشرة للأشخاص المُبادرين بمثل هذه الأفعال عبر وسائل التواصل، على الأخص عبر “الفيسبوك” بحكم إمكانية دخول الافراد من حسابات وهمية ومتعددة، يشجع على الخوض في تجارب التحرش وممارستها.
تأكيداً لنظرتها حول دور إخفاء الهوية بتشجيع الشباب على ممارسة التحرش الإلكتروني، تذهب “المبيض” إلى انخفاض نسبة التحرش عبر تطبيق “واتس آب” مقارنة بموقع “فيسبوك”، حيث أظهر الاستبيان أن 33 في المئة من حوادث التحرش تمت عبر “واتس آب”، وهو ما تفسره الباحثة بارتباط التحرش برقم هاتف محدد قد يؤدي بشكل أو بآخر، للوصول إلى الشخص المعني ومساءلته بشكل قانوني، خصوصاً في بلدان تتيح مثل هذه الإجراءات.