“مجد أبازيد”.. طالب سوري يحصل على براءة اختراع من المركز الأوروبي
أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
لا تزال المواهب العربية في الدول الأوروبية تخرج بانجازات يمكن وصفها بالعالمية، هذه المواهب استطاعت أن تزاحم الأوروبيين في عقر دارهم، ومن بين هذه المواهب التي استطاعت أن تسجل اسمها بحروف من ذهب مؤخرا، الطالب السوري “مجد أبازيد” الذي وصل إلى فرنسا قبل نحو 6 سنوات بعد أن ترك بلاده التي تعصف بها الحرب.
طبيعة الاختراع .. نتائج جيدة ومتقدمة
تمكن”أبازيد” من تسجيل براءة اختراع تتمحور حول طريقة رياضية قائمة على الذكاء الاصطناعي، تساعد في الكشف المبكر عن مرض “الزهايمر” وأمراض أخرى، وتم الاعتراف بهذا الاختراع رسميا من قبل المركز الأوروبي.
يقول أبازيد لـ”موقع أخبار العرب في أوروبا”: “اضطررت لترك مقاعد الدراسة في سوريا هربا من أجهزة النظام السوري نحو مصر عام 2013، قبل أن أحصل على منحة دراسية إلى فرنسا في عام 2014 وكنت حينها في السنة الرابعة في الهندسة المعلوماتية، وبعد وصولي إلى فرنسا تمكنت من الحصول على ليسانس في نفس التخصص”.
وذكر الطالب السوري الذي يبلغ 29 عاما أنه يدرس حاليا سنة أولى دكتوراه في مجال”علم المعلومات والذكاء الاصطناعي و الرياضيات التطبيقية”، مشيرا إلى أن عنوان الدكتوراه هو “الكشف المبكر عن الأمراض العصبية باستخدام إشارات الدماغ الكهربائية” بواسطة طرق الذكاء الاصطناعي والرياضيات.
وحول طبيعة الاختراع، أوضح :” تتلخص بتطبيق طرق جديدة لإيجاد نتائج أفضل للكشف المبكر عن مرض الزهايمر من خلال تجريب قاعدة المعطيات التي منحني إياها مستشفى فرنسي منخرط بالبحث العلمي”.
وأضاف: “الاختراع طريقة رياضية تعتمد على استخلاص أهم المتغيرات التي تميز بين الإنسان الطبيعي والإنسان الذي يعاني من أمراض عصبية، بمعنى إيجاد أهم المناطق في الدماغ التي يوجد فيها اختلاف بين الإنسان الطبيعي والانسان المريض بالزهايمر، وذلك من خلال تطبيق قوانين رياضية اعتمادا على إشارات الدماغ الكهربائية (EEG) التي أثبتت فعالية كبيرة في الكشف المبكر عن هذا المرض”.
وفيما يخص اختيار بحثه العملي في هذا المجال (مرض الزهايمر وإشارات الدماغ الكهربائية)، أكد أنه” جاء بسبب انتشار هذا المرض بشكل كبير، ويصيب الطبقة الأكثر ضعفاً في المجمع وهم كبار السن”، منوها بأن عدد مرضى الزهايمر يرتفع بشكل متسارع عالميا، بسبب طبيعة الحياة العصرية التي تجعل الأشخاص في توتر مستمر، لا سيما في أوروبا.
يشير “أبازيد” في حديثه إلى أن براءة الاختراع وهي مشتركة مع مشرفته “الفرنسية” في مشروعه للدكتوراة، تقوم على مبدأ الدراسات السابقة حيث يقوم الباحثون بأخذ نسبة معينة من كمية المعلومات المتضمنة داخل الإشارة الكهربائية( 30% 50% …) ويتم الاختيار بشكل عشوائي، ثم تطبيق القوانين الرياضية على النسبة المتبقية لفهم خريطة الدماغ، وكانت النتائج جيدة بعد تقديم الاختراع.
ويوضح قائلا:”للتخلص من عشوائية النسبة وكي لا أخسر المعلومات، عملت على دمج النسب جميعها من ١٠ %حتى 100% من كمية المعلومات، ثم تطبيق طريقة رياضية تسمى (Gram shmidt)، وذلك لاستخلاص أهم المتغيرات التي تميز مرضى الزهايمر، ثم عمل نمذجة لكل مريض بناء على هذه المتغيرات”.
وحول نتائج الاختراع، أكد الطالب السوري لموقع “أخبار العرب”: ” كانت جيدة جدا ووصلت نسبة الكشف عن مرضى الزهايمر إلى 100% في قاعدة المعطيات التي تملكها المستشفى والتي تشاركنا مشروع الدكتوراة”.
لكنه عاد وقال :” هذا لا يعني أنه سنصل إلى نسبة كشف عن الزهايمر بنسبة 100% في جميع الحالات، خاصة أن الموضوع مرتبط بقاعدة المعطيات التي نملكها، لكن نسبيا هي بالتأكيد طريقة جيدة ومتقدمة، لأن الدراسات الأخرى على نفس قاعدة المعطيات لم تصل لأكثر من 80% كنسبة كشف عن المرض في أحسن الحالات، وهذا ما يعطي الاختراع قيمة كبيرة من خلال الوصول إلى النسبة الأعلى”.
شهادة رسمية من أوروبا ويطمح بالعالمية
بات لدى “أبازيد” شهادة رسمية في هذا الاختراع من المركز الأوروبي، لكنه ينتظر حاليا أن يتم تسجيله كذلك في المركز الأمريكي كي تصبح براءة اختراع عالمية.
وتمكن خلال ثلاثة أشهر من الانتهاء من بحثه، فيما أخذت الأمور الإدارية لتقديم البحث من قبل مختبر البحث العلمي التابع لجامعته إلى الاتحاد الأوروبي ستة أشهر، كما قال .
اقرأ أيضا: وصل قاصراً.. شاب سوري يحصل على جائزة “السلام” في المانيا
وذكر في موضوع حماية براءة الاختراع، أنه من المعتاد في أوروبا إيجاد شركة تدخل في شراكة مع الجامعة كي تدفع معها أقساط حماية براءة الاختراعات للمركز الأوروبي لمدة عشر سنين، وفي حال عدم استثماره تتقاسم خسائر أقساط الحماية كل من الشركة والجامعة وكذلك الأرباح في حال الاستثمار، مشيرا إلى أن ليس له علاقة في الأمور المالية للاختراع.
بحث جديد .. وفاة والده كانت حافزا له
لم تنته طموحات “أبازيد” عند هذا، فهو الآن يعمل على بحث جديد خاص بمرضى “لكوما”، وهم الاشخاص الذين يغطّون في غيبوبة عميقة ولا يستجيبون للمؤثرات الخارجية، وذلك بهدف تحليل خريطة أدمغتهم عبر إشارات الدماغ الكهربائية “EEG”، وقد يكون مقدمة نحو اختراع جديد.
الطالب الذي ينحدر من مدينة درعا أقصى جنوب سوريا، ذكر أن والده اعتقل من قبل أجهزة الأمن السوري قبل الانتفاضة التي حصلت في سوريا (انطلقت الانتفاضة2011) بعدة سنوات بسبب مناهضته لتصرفات السلطة وانتشار الفساد في البلاد، حيث سجن لأكثر من 3 شهر في أسوأ سجون النظام.
وقال في ختام حديثه إن والده بعد خروجه من المعتقل بفترة قصيرة توفي من مضاعفات الاعتقال، الذي جاء بسبب التعبير عن الرأي.
وأكد أن فقدانه لوالده في عمر مبكر والظلم الذي تعرض له، كان حافزا له على مواصلة المشوار ومناهضة الظلم، وبنفس الوقت، العمل من أجل أن يكون ضمن الشباب السوري الذين تركوا بصمة إيجابية في أوروبا، والتأكيد على أن الإنسان السوري متى ما توفرت له الظروف المواتية باستطاعته أن يُخرج مواهبه في أي مكان بالعالم .