أخبار العرب في أوروبا – محمد الأسعد
وسط ظروفٍ غير إنسانية، تتضح ملامحها بقلة الأغذية والمساكن الصالحة للعيش وأطفال يضيع مستقبلهم مع كل دقيقة، ينتظر آلاف اللاجئين على الجزر اليونانية أي تطورٍ في قضيتهم، التي لا تبدو لها نهاية في الأفق القريب.
وكانت أزمة اللاجئين قد تفجرت بشكل كبير في شباط الماضي، بعد إعلان الحكومة التركية فتحها الحدود مع اليونان، أمام الراغبين بالوصول إلى الاتحاد الأوروبي بطريقة غير شرعية.
في بحر من الخيام يتجاوز عددها 1000 خيمة، يعيش اللاجئ “أبو تمام” في مخيم على جزيرة ليسبوس اليونانية، اذ يؤكد لـ”أخبار العرب في أوروبا”، أن مآسي اللاجئين هناك لا يمكن حصرها ولا عدها، لافتاً إلى أن كافة المشكلات، التي يمكن للإنسان أن يتخيلها، موجودة في هذا المكان من الأرض.
وجبة واحدة..
كما يضيف “أبو تمام”: “أزمة الأغذية وقلة الكميات الموزعة علينا تعتبر أكبر الأزمات الوجودية، التي يعاني منها سكان المخيم، والتي دفعتهم إلى البحث عن خيارات بديلة لتأمين ما يكفيهم من طعام خلال اليوم، ولا سيما بالنسبة لمن لديهم أطفال”، مشيراً إلى أن كل فرد يتلقى وجبة غذائية واحد يومياً.
وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة وبعض المنظمات الإغاثية فإن إجمالي اللاجئين العالقين في الجزر اليونانية يصل إلى نحو 40 ألف لاجئ.
في السياق ذاته، يلفت الناشط في مجال حقوق الإنسان، “محمد الخطاب” إلى أن معاناة اللاجئين في الجزر اليونانية تفاقمت مؤخراً بشكل أكبر، لا سيما مع حريق مخيم موريا، الذي شرد نحو 12 ألف شخص، في أيلول الماضي، إلى جانب تصاعد خطر انتشار الأوبئة بما فيها وباء كورونا؛ نتيجة الاكتظاظ وعدم توفر الخدمات الطبية.
إلى جانب ذلك، يشير “أبو تمام”، إلى أن اقتراب دخول فصل الشتاء بات هاجساً يطارد اللاجئين في الجزر، لا سيما مع غزارة الأمطار، التي غالباً ما تحول المخيمات إلى مستنقعات وبرك مياه تتسلل إلى داخل خيام اللاجئين، لافتاً إلى ما يحمله ذلك من خطر على صحة الأطفال وكبار السن.
تعليقاً على حديث “أبو تمام”، يؤكد الناشط “خطاب” أن البنية التحتية للمخيمات لا تؤهلها لمواجهة ظروف فصل الشتاء وصعوبته، خاصةً في ظل وجود هذا العدد الكبير من اللاجئين، موضحاً: “هذا الوضع يزيد من ضرورة البحث في حل لأزمة اللاجئين، ونقلهم من أماكن تواجدهم الحالية بأي شكل من الأشكال، حتى وإن كان إلى داخل الأراضي اليونانية.
أسر عالقة وأخرى تنتظر ..
مآسي المخيم وآثارها، بحسب ما يرويه الناشط في مجال دعم وتوطين اللاجئين، “فادي ربيع”، لا تنحصر ضمن حدود المخيمات فحسب، وإنما بعضها كان عابراً للقارات، على حد وصفه، مضيفاً: “العديد من اللاجئين أتوا منفردين إلى أوروبا وعلقوا في اليونان فيما تنتظر أسرهم لا سيما السوريين منهم، في دول أخرى بانتظار رحلة إلى الجنة الأوروبية، قد لا تحصل، وهنا يعيش اللاجئ مأساة مضاعفة، على المستوى المعيشي والاجتماعي والنفسي”.
كما يوضح “ربيع” أن اللاجئين الذين قدموا مع أسرهم ليسوا بأحسن حال، خاصة في ظل ضياع مستقبل أبنائهم في بيئات وظروف غير صحية على الإطلاق، بعيدة عن التعليم، مشيراً إلى أن الكثير من الأطفال باتوا يعانون من أزمات صحية ونفسية، بسبب ما يعيشونه من ظروف.
وبحسب الأمم المتحدة فإن عدد الأطفال اللاجئين في الجزر اليونانية، يصل إلى نحو 14 ألف طفل، منهم من جاء مع ذويه، ومنهم من أتوا منفردين، أو من يطلق عليهم مسمى “القصر غير المصحوبين”.
في هذا السياق، يؤكد اللاجئ الأفغاني “رحيم” أنه قام باقتراض تكاليف رحلة اللجوء من بلده إلى اليونان، مروراً بتركيا وإيران، مضيفاً: “لقد بعت معظم مقتنيات منزلي واقترضت على أمل أن أصل إلى أوروبا وأحظى مع عائلتي بحياة أفضل، ولكن النتيجة أني أنفقت كل ما لدي لأصل إلى هذا الجحيم، أنا بعيد عن زوجتي وأبنائي منذ ما يقارب العام، لا أدري كيف يتدبرون الآن”.
إلى جانب ذلك، يوضح “رحيم” أن قلة المساعدات الممنوحة وصعوبة وضع عائلته، دفعه لجمع زجاجات البلاستيك وما يتوفر أمامه من أشياء تركها أصحابها خلفهم، ومحاولة بيعها مجدداً بهدف توفير شيء من المال، لافتاً إلى أن الكثير من اللاجئين بدأوا يسلكون طرقاً غير قانونية، لم يحددها، لجني المال، في ظل الفقر والعوز.
وسبق لمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن دعت كافة الدول المعنية إلى التحرك والسعي لاتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الظروف المعيشية لطالبي اللجوء على الجزر اليونانية، واصفة الأوضاع هناك بـ “غير المقبولة”.
يشار إلى أن عدة دول أوروبية أعلنت عن استعدادها لاستقبال المزيد من اللاجئين العالقين في اليونان، في مقدمتها ألمانيا، التي أفادت بأنها ستستقبل 1500 شخص، بينهم قصر غير مصحوبين بذويهم، وفرنسا، التي أعلنت عن استقبالها 900 لاجئ جديد على أراضيها.