أخبار العرب في أوروبا- فرنسا
مع قرب تنظيم عمليات التطعيم ضد فيروس كورونا في فرنسا التي تعد الأكثر تضررا في أوروبا في الموجة الثانية من الوباء بعدد تجاوز الـ 2.23 مليون، تطفو على السطح مشكلة جديدة قد تواجه السلطات الصحية في هذا البلد خلال الفترة المقبلة.
المشكلة بدأت تتكشف بعدما باتت فرنسا الدولة الأشد معارضة للقاحات في العالم، في وقت انتشرت فيه المواقف الرافضة حتى قبل انتشار وباء كورونا، خصوصا بين شخصيات معروفة.
وبحسب استطلاع أخير أكد 59% من الفرنسيين نيتهم عدم تلقي اللقاح ضد فيروس كورونا، في الوقت الذي يعتزم فيه الرئيس “إيمانويل ماكرون” إطلاق حملة تلقيح واسعة بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو بعد حملة للاشد خطرا من الفيروس خلال الشهر المقبل.
وخلال السنوات الماضية بدأت أعداد الرافضين للقاحات تزداد. ومنتصف 2019 خلص تحقيق عالمي إلى أن فرنسا هي البلد الأشد رفضا للقاحات إذ أن ثلث الفرنسيين لا يعتقدون انها آمنة.
وبحسب “جوسلين رود” عالمة النفس الاجتماعية في معهد الدراسات العليا في الصحة العامة الفرنسي، فإنه كان هناك “دعم كبير” للقاحات في فرنسا، لكن المواقف “انقلبت” في 2009 مع “الفشل الذريع” لدى تلقيح ملايين الأشخاص ضد انفلونزا “اتش1 ان1” وخصوصا أنه تبين لاحقا أن المرض غير خطير.
كذلك فقد سجل في فرنسا إحدى أسوأ الفضائح الصحية مع عقار “مدياتور”، الذي تسبب بمئات الوفيات وحملت السلطات الصحية مسؤولية التأخر في حظر تسويقه رغم التحذيرات منذ منتصف التسعينات.
شخصيات بارزة تعارض اللقاح
معارضة الفرنسيين للقاحات ازدادت مؤخرا مع خروج شخصيات عبر مواقع التواصل تنشر للجمهور رأيها، في وقت يلاحظ فيه متابعة كبيرة من قبل الفرنسيين، ومن بين هذه الشخصيات “تييري كزانوفاس” الذي يتابعه أكثر من نصف مليون مشترك على قناته على يوتيوب، ويعتبر الأخير في فيديوهات ينشرها باستمرار بأن “المرض غير موجود” وانه يمكن الاستغناء عن العلاجات الطبية التقليدية.
كذلك، فإن الصيدلاني الفرنسي “سيرج رادير” الذي قال لإذاعة “سود راديو” الفرنسية إنه “من المستحيل تلقيح سبعة مليارات شخص”، منتقدا “كل هذه المخاوف التي ادخلت إلى أذهان الناس لحملهم في وقت من الأوقات على القبول باللقاح المنقذ”.
أيضا دخلت معاونة رئيس بلدية مدينة مرسيليا والممثل الفكاهي الفرنسي “جان ماري بيغار” ونجمة تلفزيون الواقع “كيم غلو” على خط النقاشات الرافضة للقاح، في وقت اعتبرت” غلو” أن اللقاح سيساهم في حقن شريحة “تعمل مع شبكة الجيل الخامس” (5 جي).
في مقابل ذلك، فإن “انطوان بريستييل” الاستاذ في العلوم الاجتماعية يعتبر أن “اللقاح هو الموضوع الذي يجمع أكبر عدد من المؤمنين بنظرية المؤامرة”.
كذلك ولمواجهة هذه الانتقادات كتبت صفحة فرنسية على فيسبوك يتابعها أكثر من 15 ألف شخص تؤمن بجدوى اللقاح الذي يعد من “أهم الانجازات الطبية”، واعتبرت بأن “المعارضين للقاح بدأوا بتعبئة مواقع التواصل الاجتماعي قبل التنبه أصلا الى وجود مشكلة الرفض. بالتالي سبقوا الجميع بأشواط”.
مخاوف من رفض الملايين للقاح
وكان “ماكرون” أعلن أمس عن التحضير لحملة تلقيح عامة ستكون بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو، وذلك بعد الحملة الأولى التي تستهدف الأشخاص الأكثر ضعفا كانون الثاني/ يناير المقبل.
إعلان ماكرون جاء وسط مخاوف من قبل الحكومة الفرنسية برفض ملايين الفرنسيين أخذ لقاحات ضد الفيروس الذي أظهر فعالية تصل لنحو 95%.
وسبق أن صرح رئيس الوزراء “جان كاستيكس” منتصف الشهر الماضي :”ما أخشاه هو أن لا يتلقى عدد كاف من الفرنسيين اللقاح”.
اقرأ أيضا: لمواجهة كورونا.. المفوضية الأوروبية تقدم منح مالية ضمن برنامج “شور”
وفي هذا السياق، انتشرت مؤخرا الكثير من الصفحات التثقيفية على مواقع التواصل الاجتماعي في فرنسا، التي يقف وراءها أفراد متطوعون ويقومون بالرد وبلا كلل على المعسكر الآخر، لكنها تندد بغياب الرؤية مع ايمانها بأنها قد تنجح في أقناع المترددين وليس الرافضين للقاح رفضا تاما.
يذكر أن فرنسا من بين أكثر الدول الأوروبية تضرراً بجائحة فيروس كورونا لا سيما الموجة الثانية وقد اضطرت في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لإعادة فرض العزل العام. وحتى اليوم بلغت عدد ضحايا المرض في فرنسا 53 ألفا و506 وفيات.
كما تستعد السلطات لتخفيف قيود الإغلاق المفروضة منتصف الشهر الجاري، وسط تراجع كبير في الإصابات اليومية بالفيروس منذ عدة أيام.