أخبار العرب في أوروبا – متابعات
كشفت تقارير صحافية فرنسية أن الحكومة الجزائرية اوقفت مؤخرا العمل باتفاقية 1968 الموقعة مع فرنسا، في بندها المتعلق بتنقل الأشخاص المعدل في العام 1994.
بحسب التقارير فإن تعديل الاتفاقية كان لصالح فرنسا حيث تنازلت الحكومة الجزائرية عن امتيازات كبيرة لمواطنيها، في وقت أعطى التعديل تسهيلات كبيرة للطرف الفرنسي من أجل ترحيل الرعايا الجزائريين، وهي الخطوة التي مرت بعيدا عن الأضواء إلى أن فجرتها أوساط فرنسية أخيرا.
في هذا الصدد، كشفت التقارير عن وثيقة رسمية فرنسية موسومة بشعار “سري” مسربة، عن طبيعة القرار الذي اتخذته السلطات الجزائرية ردا على نظيرتها الفرنسية التي كانت قد اتخذت بدورها قرارا بخفض عدد التأشيرات الممنوحة للرعايا الجزائريين الى النصف.
وتنص الوثيقة التي نشرتها وسائل إعلام فرنسية على أن السلطات الجزائرية ردت على قرار خفض التأشيرات، بعدم الموافقة على استقبال أي مهاجر غير شرعي تريد باريس ترحيله إلى الجزائر، وذلك عبر منح المصالح الفرنسية المختصة “رخصة المرور”، وهو الشرط الوحيد المطلوب بالنسبة لمن لا يتوفرون على وثائق سفر رسمية سارية المفعول.
كما جاء في هذه الوثيقة التي أصدرتها وزارة الداخلية الفرنسية وعممتها على مصالح مديرية الهجرة- بحسب الإعلام الفرنسي- فإنه “تبعا للخلافات الدبلوماسية والسياسية بين الجزائر وفرنسا والمرتبطة بقرار تخفيض التأشيرات الممنوحة للرعايا الجزائريين، قررت السلطات الجزائرية عدم الموافقة على استقبال أي ترحيل قصري (لمهاجر غير شرعي) من فرنسا”، مؤكدة أن الوثيقة تم توقيعها بتاريخ السادس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
أيضا فقد ذكرت الوثيقة أن “هذا الرفض يتعلق أيضا بالجزائريين الذين، عندما كان هذا الإجراء لا يزال ساريا، كانوا قادرين على الاستفادة من اتفاقية إعادة قبول اسمية أرسلتها السفارة الجزائرية في فرنسا”.
وبحسب الوثيقة فإن الجزائر وجهت تعليماتها لشبكاتها القنصلية في فرنسا بعدم ضمان أي استماع قنصلي (لمن يراد ترحيلهم)، وكذا عدم إصدار أي “رخصة مرور” قنصلية بالنسبة للمرحّلين بصفة قصرية.
وكانت السلطات الفرنسية قد قررت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي بخفض التأشيرات الممنوحة للرعايا الجزائريين وهو قرار خلف غضبا رسميا وشعبيا في الجزائر.
وشمل القرار إضافة للجزائر كل من المغرب وتونس، وذلك في ضغط من قبل السلطات الفرنسية لقبول ترحيل حكومات هذه الدول لمواطنيها.
حينها أكد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال، إن بلاده ستخفض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب والجزائر بنسبة 50% ولتونس بنسبة 30%.
كما ذكر المتحدث أن السلطات الفرنسية بصدد ترحيل قرابة 8 آلاف مهاجر جزائري غير شرعي، معتبرا بأن الجزائر ” لاتتعاون في هذا الشأن” مع فرنسا، مشيرا إلى وجود 3400 مهاجر تونسي غير شرعي على الأراضي الفرنسية وأن باريس تنوي ترحيلهم كذلك.
اتفاقية 1968
باعتبار أن فرنسا كانت تزعم بأن الجزائر ليست مستعمرة بل هي تابعة لها إداريا عندما كانت محتلة لها، لم تكن الاتفاقيات الثنائية بعد بين فرنسا والجزائر بعد الاستقلال خاضعة لمنطق الاتفاقات الأخرى بين الدول, وأبرز مثال على ذلك اتفاقية 27 ديسمبر/كانون الأول 1968.
لكن بعد نيل الاستقلال بقيت العلاقة بين باريس والجزائر معقدة وبالخصوص فيما يتعلق بوضع الجزائريين في فرنسا، الذي كان عددهم كبيرا منذ فترة الاستعمار، وعلى الرغم من أن فرنسا أبرمت اتفاقات مع كل مستعمراتها التاريخية في هذا الجانب فإن الاتفاق مع الجزائر كان مغايرا، مما جعل المواطن الجزائري يعامل معاملة خاصة في فرنسا.
وتنص الاتفاقية على تسهيل دخول الجزائريين إلى فرنسا شرط الدخول المنتظم كما توضح وزارة الداخلية الفرنسية على موقعها الإلكتروني.
وإذا كان الجزائريون يرغبون في ممارسة مهنة حرة أو فتح شركة فسيكونون قادرين على الاستفادة من حرية التأسيس، كما يجري تسريع إصدار تصريح إقامة ساري المفعول لمدة 10 سنوات إذا طلب المواطنون الجزائريون ذلك، على عكس الدول الأخرى.
وبشكل ملموس يمكن للمواطنين الجزائريين على سبيل المثال طلب شهادة إقامة لمدة 10 سنوات بعد 3 سنوات من الإقامة. مقابل 5 سنوات بموجب القانون العام.
كما يمنح الجزائري المتزوج من فرنسية شهادة إقامة لمدة 10 سنوات بعد عام واحد من الزواج. وإذا رغبوا في البقاء في فرنسا وجرى قبولهم فيها بموجب لم شمل الأسرة. فإن أفراد عائلة الزوج الجزائري يحصلون على تصريح إقامة لنفس مدة إقامته.
اقرأ أيضا: صحف فرنسية تسخر من هزيمة الجزائر في كأس أفريقيا “صور”
غير أن الطرف الفرنسي ظل يلح من أجل الحد من امتيازات الجزائريين في إطار تلك الاتفاقية، وعليه جاء التوقيع على أول تعديل لبنود هذه الاتفاقية، بتاريخ 22 ديسمبر 1985، تم بموجبه إسقاط المادتين الأولى والثانية.
وتبقى أكثر ضربة وجهت لاتفاقية 1968 هي المراجعة التي تمت في عام 1994، وجاءت في شكل مرسوم يحمل الرقم 94/1103 الصادر بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 1994، والذي يحمل توقيع كل من الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران ووزيره الأول، إدوارد بلادور، ووزير الخارجية آنذاك، آلان جوبي، والذي ألغى المادة السادسة من الاتفاق المذكور.
بعد هذا التعديل (إلغاء المادة السادسة) تم حرمان الجزائريين من امتياز كان مكفولا، حيث بات أمامهم شرط الحصول على تأشيرة خاصة بالدراسة لمن يريد مزاولة دروسه هناك، أو تأشيرة سياحية لمن يريد السياحة، لكن حق العمل كما كان في السابق، تم سحبه من الطرف الجزائري.