اقتصاد واعمالتقارير

العقوبات الغربية على روسيا.. التبعات والتوقعات

أخبار العرب في أوربا – اقتصاد

مع استمرار العمليات العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية، فإن الدول الأوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة و اليابان وكندا تواصل الإعلان عن حزم جديدة من العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة على موسكو.

وتهدد سلسلة العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا ردا على هجومها العسكري على أوكرانيا، بتقويض اقتصاد روسيا على المدى القريب والمتوسط رغم جهودها للحد من تبعيتها المالية، لكن قد تتخطى وطأة هذه العقوبات حدود روسيا.

ظهور العواقب

بدأت تظهر العواقب داخل روسيا لهذا العقوبات منذ أمس الاثنين، وذلك مع هبوط الروبل إلى أدنى مستوياته التاريخية وإغلاق بورصة موسكو والزيادة الحادة لمعدلات الفائدة.

هذا التدهور في الروبل نجم بصورة خاصة عن إحدى التدابير الأخيرة المتخذة والقاضية بتجميد قسم من احتياطات البنك المركزي الروسي من العملات الصعبة في الخارج.

ويلجأ البنك المركزي بصورة عامة إلى هذه الاحتياطات عندما يريد دعم العملة الوطنية، وهو ما سيصبح في غاية الصعوبة في ظل العقوبات الجديدة.

في هذا السياق، يقول “نيكلاس بواتييه” الباحث في معهد بروغل البلجيكي إن “حجم احتياطاتكم( الروس) يحدد مصداقيتكم في الدفاع عن سعر عملتكم”، مضيفا “فقد الناس الثقة في نظامهم المالي” ما يبرر هبوط الروبل والسحوبات الكبيرة من المصارف.

وسعيا لوقف هذا النزيف حظرت موسكو أمس الأثنين على المواطنين تحويل أموال إلى الخارج، وأرغمت المصدرين على تحويل قسم كبير من عائداتهم إلى الروبل.

أقسى العقوبات

قد تكون جميع العقوبات الغربية “قاسية” لكن يبدو أن إقصاء نسبة كبيرة من البنوك الروسية عن نظام” سويفت” العالمي للحولات بين المصارف، من بين الأقسى وفقا لخبراء الاقتصاد.

وتشمل العقوبات الاقتصادية الغربية كذلك، تجميد أصول مصارف وافراد، إضافة لفرض قيود على الصادرات إلى روسيا.

تعليقا على هذه العقوبات، يقول “أوليفييه دورغان” المحامي المتخصص في العقوبات في مكتب “آشهورست” إن بعض هذه العقوبات سيكون لها مفعول على المدى القريب، مثل تجميد أصول شخصيات قريبة من النظام الروسي، فيما ستظهر نتائج عقوبات أخرى على مدى أبعد، مثل القيود على تصدير مكونات إلكترونية.

وقد تكون وطأة العقوبات شديدة على الاقتصاد خارج روسيا، ما حمل صندوق النقد الدولي على التحذير الخميس من “مخاطر اقتصادية كبرى” في المنطقة، بعدما كان يتوقع في يناير/ كانون الثاني قبل غزو أوكرانيا نموا بنسبة 2,8% في روسيا هذه السنة.

أيضا من الممكن أن تكلف العقوبات نمو الاقتصاد الروسي نقطة إلى نقطتين من إجمالي الناتج المحلي، بحسب ما توقعت شركة “كابيتال أيكونوميكس” للدراسات، الجمعة، وذلك حتى قبل قرار تجميد أصول البنك المركزي الروسي أو تدابير الإقصاء من نظام “سويفت” التي تصبح نافذة قريبا.

كما أنها قد تزيد من حدة التضخم في روسيا بحوالى 3 نقاط، بحسب شركة الدراسات، بعدما سجل التضخم 8,7% في يناير/ كانون الثاني الماضي.

مع هذه الإجواء سارع البنك المركزي الروسي بشكل طارئ أمس الأثنين إلى رفع معدل فائدته الرئيسية إلى 20%، سعيا لوقف نزيف الرساميل، ما قد يتسبب بإبطاء النمو أكثر.

ضرر متبادل

وبعدما أعلنت الدول الغربية إقصاء عدد من المصارف الروسية من نظام “سويفت” بدون التوافق حتى الآن على تحديد هذه المصارف، قد تعمد إلى تعميم الإقصاء على جميع المصارف الروسية، وهو ما قد يعزل روسيا عن النظام العالمي المالي بشكل كامل وهو حدث غير مسبوق منذ بداية هذا النظام قبل نحو نصف قرن.

غير أن هذا الخيار غير مرجح كثيرا وقال مسؤولون أوروبيون كبار لوكالة فرانس برس :”إذا مضينا أبعد مما ينبغي، سيكون هذا مضرا لنا” مضيفين “هذا مضر للمستقبل أيضا لأنه سينعكس سلبا على سويفت كبنية تحتية” وسيدفع الروس أكثر نحو الصين.

كما أنه قد يتم استثناء عدة مصارف من هذا الإجراء للحفاظ على إمدادات الطاقة لأوروبا. لكن النائب الأوروبي والخبير الاقتصادي لويس غاريكانو قال إن “العقوبات لا قيمة لها إذا لم نستهدف الطاقة” التي تمثل جزءا كبيرا من إجمالي الناتج المحلي الروسي.

ويقول الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة كاليفورنيا “غابريال زوكمان” إن إمكانية استهداف أموال كبار الأثرياء الروس القريبين من السلطة من خلال تجميد أصولهم في الخارج بشكل أوسع.

من جهته دعا الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي إلى فرض ضرائب على هذه الثروات الكبرى بنسبة 10 أو 20%.

مخاطر على الاقتصاد العالمي

بعض خبراء الاقتصاد قالوا إن ثمة مخاطر على الاقتصاد العالمي، موضحين بأن هذه المخاطر تكمن في الاستراتيجية المتبعة على صعيد العقوبات منذ بدء النزاع في تركيز الجهود إلى أقصى حد ممكن على الاقتصاد الروسي والحد من العواقب على باقي العالم.

وقال كلاوديو بوريو رئيس قسم الاقتصاد في “بنك التسويات الدولية” الأثنين، إنه مع اندلاع النزاع “ازدادت الضغوط التضخمية فيما تراجعت احتمالات النمو”.إنشرها 

ويتسبب هذا النزاع يتسبب بزيادة أسعار المواد الأولية، ما ينعكس على سلاسل الإنتاج الدولية التي تعاني بالأساس بلبلة جراء الانتعاش الاقتصادي ما بعد أزمة وباء كورونا.

وكان صندوق النقد الدولي قد عمد نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي إلى تخفيض توقعاته للنمو العالمي عام 2022 إلى 4,4% ولا سيما بسبب آفاق التضخم المتزايد، وإلى 3,9% في الدول المتطورة.

هل هناك عقوبات أخرى يمكن فرضها على روسيا؟

يمكن للغرب أن يبحث منع الواردات من النفط والغاز الروسيين، وهي التي تدر نحو 20 % من حجم الاقتصاد الروسي ككل ونحو نصف عائدات الصادرات الروسية. وسيكون الغرب قد وجه ضربة قوية للاقتصاد الروسي لو قرر التوجه إلى هذه العقوبات.

لكنها في الوقت نفسه قد تؤثر هذه العقوبات على الغرب، وخاصة الدول التي تعتمد بشكل شبه كلي على واردات قطاع الطاقة الروسي في حال لم تجد بديلا له.

وتمد روسيا دول الاتحاد الأوروبي بنحو 26 % من حاجاته في قطاع الطاقة، و38 % من حاجاته في قطاع الغاز حتى أن حدوث تراجع طفيف في هذه الواردات سيرفع أسعار الطاقة في أوروبا وبالتالي تسجيل مزيد من التضخم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى