أخبار العرب في أوروبا – متابعات
تستمر المظاهرات في عشرات المدن الروسية ضد حرب بلادهم في أوكرانيا، رغم اعتقال أجهزة الأمن أكثر من 10 آلاف متظاهر منذ بداية غزو أوكرانيا.
لكن قسم من الروس اختار نوع آخر للتعبير عن احتجاجهم ضد هذه الحرب، مع القبضة الحديدية للأمن الروسي لكل من يعترض على قرار الرئيس فلاديمير بوتين، وما تلا ذلك من عقوبات اقتصادية ستكون ارتداداتها في الدرجة الأولى على المواطن الروسي.
وتمثل الاحتجاج الجديد ضد سياسة بوتين وحربه ضد أوكرانيا من خلال هجرة مئات الآلاف من الروس لبلادهم منذ بداية الحرب.
وبحسب شبكة” بي بي سي” البريطانية نقلا عن خبير اقتصادي روسي فإن التقديرات تشير إلى أنه منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، غادر ما يصل إلى 200 ألف روسي بلادهم، بالإضافة إلى ذلك، فقد ترك عدد كبير من سكان بيلاروسيا بلادهم أيضا، هاربين من القمع والعقوبات الغربية المفروضة على حكومة الزعيم ألكسندر لوكاشينكو لتعاونها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأدت العقوبات إلى ارتفاع أسعار الرحلات الجوية وإيجار أماكن الإقامة في المدن المضيفة الرئيسية، التي لم تغلق مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الروسية والتي لا تتطلب الحصول على تأشيرات، مثل إسطنبول والعاصمة الأرمينية، يريفان، إضافة لجورجيا، حيث سافر إلى الأخيرة نحو 25 ألف روسي.
تشير “بي بي سي” إلى أن “ليامين” وهو خريج كلية السياسة والبالغ من العمر 23 عاما، يعلق شريطا يحمل ألوان علم أوكرانيا على ملابسه، وقد أشار إلى أنه قُبض عليه في موسكو خلال مظاهرة مناهضة للحرب، بعد يوم من غزو روسيا لأوكرانيا.
ونقلت عن”ليامين” قوله :”أريد أن أفعل أي شيء في وسعي لمساعدة الأوكرانيين. وقد فهمت أن أفضل ما يمكنني فعله ضد نظام بوتين هو هجرتي من روسيا”.
من جانبها، تقول “إنيا” وهي مواطنة روسية، إنها سافرت مع أسرتها مؤخرا إلى إسطنبول ، مؤكدة أن هذه الرحلة كلفتها وزوجها أكثر من دخلهما الشهري المشترك.
وتابعت: “لقد اتخذنا قرار ترك روسيا بسبب قانون (خيانة الدولة) الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في موسكو. فوفقه يمكن أن يواجه أي شخص يعبر عن دعمه لأوكرانيا أحكاما بالسجن تصل إلى 20 عاما. وأعتقد أنني سأكون مستهدفة في هذه الحال”، مؤكدة وفق ما نقلت” بي بي سي” أنها ” كانت تعيش هي وأسرتها في حالة من الخوف مؤخرا نتيجة لتزايد القمع السياسي الروسي”.
بدورها، تؤكد “كريستينا” وهي مواطنة من بيلاروسيا أنها هاجرت بلادها إلى جورجيا ” لأننا لا ندعم حكوتنا في الحرب، هذا أمر واضح. ولهذا هربنا منها. نريد أن نكون آمنين هنا، لكننا نتعرض للتنمر بسبب جنسيتنا”.
أما “أيغو” وهو مطور ألعاب فيديو روسي الذي هاجر مؤخرا إلى العاصمة الجورجية تبليسي، يقول إن معظم الأشخاص الذين يعرفهم يختلفون مع السياسة الروسية، وإنهم “يعرفون الآن أن أي احتجاج (في روسيا) سيتم قمعه بعنف”.
اقرأ أيضا: مصادر استخباراتية غربية تتحدث عن إصابة بوتين بمرض “السرطان”
وشدد على أن “الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الاحتجاج دون تعرضنا للاعتقال هي مغادرة البلاد، وأخذ مهاراتنا وأموالنا معنا. تقريبا اتخذ كل شخص في دائرتنا قرارا مشابها”، لكن “إيغو” أشار إلى أنه يخطط لمغادرة تبليسي، لأنه “لا يشعر بالترحيب”، حسب قوله.
وأوضح قائلا: “العديد من مواطني جورجيا يعتقدون أننا تركنا بلادنا بعد مقاطعة العديد من العلامات التجارية لها، والعقوبات التي فرضت عليها. نحن لم نهرب من أجل رفاهيتنا وراحتنا. لقد فقدنا كل شيء هناك، نحن في الأساس لاجئون داخل بلادنا. لقد دمرت سياسة بوتين حياتنا”، كما قال.
يذكر أن الرئيس الروسي بوتين كان قد أعلن فجر الـ24 من فبراير/ شباط الماضي، عن شن هجوم عسكري واسع ضد جارته أوكرانيا، لزعمه أن الحكومة في كييف باتت تهدد روسيا وأن هناك طموحات أوكرانية للانضمام لحلف الناتو.
لكن الهجوم الروسي قوبل باستنكار عالمي، وتم فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة من قبل الغرب ضد موسكو، حتى باتت روسيا تعد أكثر دول عزلة في العالم حتى أكثر من كوريا الشمالية، بحسب ما تؤكده الكثير من التقارير الغربية.