النقد الدولي يحذر من تعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر.. وروسيا تمنع تصدير القمح
أخبار العرب في أوروبا – اقتصاد
حذر صندوق النقد الدولي من أن استمرار الحرب الروسية في أوكرانية يعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر، في وقت تتجه لروسيا لمنع تصدير القمح.
وأوكرانيا تعد “سلة الخبز لأوروبا” بينما تعد روسيا من أكبر الدول المصدرة للقمح، وهما تستحوذان معا على ثلث التجارة العالمية لهذه الحبوب.
وقالت “كريستالينا غورغييفا” المديرة العامة لصندوق النقد الدولي لمحطة “سي بي إس نيوز” الأمريكية الأحد “الحرب في أوكرانيا تعني الجوع في أفريقيا”.
فيما أظهر تقرير لصندوق النقد الدولي أمس الإثنين أن الحكومة الأوكرانية فعالة والنظام المصرفي مستقر والديون قابلة للاستيفاء على المدى القصير، لكن الحرب التي شنتها روسيا أغرقت أوكرانيا في ركود غير مسبوق، كما أن هذا الصراع يعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر.
النقد الدولي ذكر في تقريره أن الاقتصاد الأوكراني قد ينكمش بنسبة تصل إلى 35 % إذا استمر النزاع. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، سينكمش الناتج المحلي الإجمالي الأوكراني “كحد أدنى” حوالى 10 % عام 2022 مع فرضية “حل سريع” للصراع وبفضل المساعدة الدولية.
وأشارت المؤسسة إلى أن حالة عدم اليقين التي تحيط بهذه التوقعات “هائلة”. وإذا طال أمد الصراع، بناء على تجربة حروب سابقة في لبنان والعراق وسوريا واليمن، قد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الأوكراني بنسبة تراوح بين 25 و35 %، وهي نسبة أعلى بكثير من الانكماش الذي بلغ 10 % والمسجل عام 2015 في إطار حرب القرم.
ويوم الجمعة، قال “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة أن بعض الدول مثل مصر -التي تعتمد بشكل كبير على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا- ستتأثر بصورة فورية من هذا الصراع.
والعام الماضي، بلغ النمو في أوكرانيا 3,2 % مدفوعا بالطلب المحلي والصادرات. لكن منذ غزو الجيش الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير “تغير الاقتصاد الأوكراني بشكل جذري”، كما أكد فلاديسلاف راشكوفان المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي في بيان للصندوق نشر الإثنين.
وكان الملياردير الروسي أندريه ميلنيشينكو، الذي يلقب بملك الفحم والأسمدة، قد وصف أمس الحرب في أوكرانيا بأنها مأساة يجب وقفها وإلا ستكون هناك أزمة غذاء عالمية، لأن أسعار الأسمدة ترتفع بالفعل بسرعة كبيرة ولم يعد بوسع كثير من المزارعين شراءها.
والخميس، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن أسعار الغذاء سترتفع عالميا بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الأسمدة، إذا وضع الغرب عراقيل أمام صادرات روسيا من الأسمدة التي تستأثر بنحو 13% من الإنتاج العالمي.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” الجمعة الماضي، إن أسعار الأغذية والعلف قد ترتفع بما يصل إلى 20 % في العالم بسبب الصراع في أوكرانيا، الأمر الذي قد يتسبب بدوره في اتساع رقعة سوء التغذية على مستوى العالم.
وروسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم، ومن بين المشترين الرئيسين مصر وتركيا. وتتنافس بشكل رئيس في تصدير القمح مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
إلى ذلك، أعدت وزارة الزراعة الروسية أمس، مشروع قرار بشأن فرض حظر مؤقت على تصدير القمح، ينتظر أن يتم إقراره اليوم الثلاثاء من جانب الحكومة الروسية.
ويشمل القرار فرض حظر كامل على تصدير القمح والشعير والذرة وصنوف أخرى من البذور، على أن يدخل حيز التنفيذ مباشرة اليوم، ويمتد مفعوله إلى نهاية يونيو / حزيران المقبل.
وعكس التطور جانبا من التداعيات الاقتصادية الخطرة للحرب في أوكرانيا، مع بروز معطيات متشائمة عن شبح مجاعة يحوم فوق البلدان الأكثر فقرا.
وتملك روسيا وأوكرانيا ما يصل إلى 30% من إمدادات القمح العالمية. وأبرزت وسائل إعلام عناوين مثل “القمح أغلى من أي وقت مضى، وأزمة الجوع تلوح في العديد من البلدان”.
ووفقاً لشبكة “لينتا رو” الروسية يصل احتياطي الحبوب حاليا في العالم إلى 57 مليون طن، وهو الرقم الأدنى لمدة تسع سنوات.
وقالت إن هذه الكميات ستكون كافية للعالم لمدة 27 يوما، ومن دون موارد روسيا وأوكرانيا فهي تكفي أقل من 21 يوما في حال لم يتم تعويض النقص سريعا من البلدان المنتجة الأخرى.
وكانت اللجنة الفرعية للجمارك الروسية أعلنت قبل أيام فرض حظر مؤقت على تصدير محاصيل الحبوب والسكر إلى بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وشكلت تلك الخطوة تمهيدا للحظر الأوسع الحالي.
وقال محللون أمس إن روسيا بدأت تستأنف تدريجيا تصدير القمح من موانئها على البحر الأسود على الرغم من أن حركة الملاحة في بحر آزوف ما زالت خاضعة لقيود.
اقرأ أيضا: الحرب الأوكرانية.. توقعات بخسارة اقتصاد ألمانيا 3 % من ناتجه المحلي هذا العام
وقالت شركة إيكار للاستشارات الزراعية في مذكرة “الصادرات مستمرة من جميع موانئ (تصدير الحبوب) الخمسة على البحر الأسود”.
وأضافت أن أسعار القمح الروسي لا تزال متقلبة جدا، مشيرة إلى أن سعر القمح – يبلغ محتوى البروتين فيه 12.5%- الذي كان للتسليم على ظهر السفينة (فوب) بلغ 415 دولارا للطن من موانئ البحر الأسود في 11 مارس/ آذار.
وذكرت سوفكون، وهي شركة استشارات أخرى، أن الموانئ الروسية على البحر الأسود حملت 400 ألف طن من القمح الأسبوع الماضي وأن السفن كانت تدخل وتخرج من الموانئ هناك.
وأضافت أن “الملاحة الكاملة في بحر آزوف لا تزال متوقفة، لكن بعض السفن بدأت عبور مضيق كيرتش إلى البحر الأسود”.
وقالت سوفكون إن المزارعين في السوق المحلية بدأوا في رفض التوقيع المسبق على العقود وسط طلب قوي من المصدرين والمشترين المحليين.
وذكرت أن متعاملين في السوق أبلغوا بالفعل عن قيود غير رسمية على إمدادات الحبوب عبر خطوط السكك الحديدية من سيبيريا إلى كازاخستان.
وكانت صادرات القمح الروسي قد تراجعت 45.4 %منذ بداية موسم التسويق 2021-2022 في الأول من يوليو/تموز بسبب قلة المحصول وضريبة صادرات جرى تحديدها عند 86.3 دولار للطن في الفترة من 16 إلى 22 مارس/ آذار.
وقالت سوفكون إن من المتوقع حدوث موجة صقيع في عدد من مناطق إنتاج القمح الشتوي في روسيا هذا الأسبوع، لكن الغطاء الثلجي الكثيف سيحافظ على سلامة البذور.
وقال ميلنيشينكو :”الآن سيؤدي ذلك إلى تضخم أعلى في أسعار الغذاء في أوروبا وعلى الأرجح سيؤدي إلى نقص في الغذاء في أفقر دول العالم”.
يذكر أن المخاوف على أوضاع أسواق القمح العالمية تزايدت منذ بداية الشهر الجاري على وقع تواصل العمليات العسكرية في أوكرانيا. ونقلت تقارير أن أسعار الحبوب في السوق الأوروبية ارتفعت بنسبة 8 %، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 367.75 يورو للطن. وفي الولايات المتحدة، ولأول مرة منذ عام 2008، ارتفع السعر فوق 10 دولارات للبوشل (يساوي نحو 27 كلغ).