أزمة الوقود في فرنسا.. بورن: الوضع “لايطاق” وتطلب الاستدعاء الإجباري للموظفين
أخبار العرب في أوروبا- فرنسا
تفاقمت أزمة الوقود في فرنسا اليوم الثلاثاء، بعدما بات واضحا أن نسبة كبيرة من محطات توزيع الوقود في البلاد مقفلة وفارغة، وذلك على إثر استمرار إضراب عمال المصافي منذ نهاية الشهر الماضي، في وقت يبدو أن المشكلة لن تحل خلال الأيام المقبلة.
في هذا السياق، وصفت رئيس وزراء فرنسا بأن الوضع “لايطاق”، مؤكدة أنها طلبت من المحافظين الاستدعاء الاجباري للموظفين الذين لا يمكن الاستغناء عنهم في مخازن شركة (Esso-ExxonMobil) للعودة إلى أعمالهم ليتم إمداد محطات الوقود بالمحروقات.
ويأتي قرار بورن بوصفه إجراء ضروري لاستمرار عمل الدولة وحماية الأمن العام من أي تبعات قد تسببها أزمة المحروقات الحالية. في وقت أشارت فيه تقارير صحافية فرنسية إلى أن قرار العودة الإجباري للموظفين قد يتكرر مع شركة” توتال”.
وكان الإضراب قد بدأ بتاريخ 27 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث استيقظ الفرنسيون على كابوس إغلاق 3 مصافي تكرير النفط التي يديرها عملاقا النفط شركتا “توتال إنيرجي” (Total Energies) و”إيسو إكسون موبيل” (Esso Exxon Mobil) ومنشآت التخزين الخاصة بهما.
وقال وزير الميزانية غابريل أتال “أساس المشكلة إغلاق المصافي ومستودعات الوقود من قبل (سي جيه تي) التي تريد استعجال المناقشات بشأن الرواتب”، وتابع “لقد كانت عطلة نهاية أسبوع مثل الكابوس للملايين من سائقي السيارات”.
فيما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشركات النفطية والنقابات إلى “تحمل المسؤولية” معتبرا أن “الإغلاق ليس وسيلة للتفاوض.
ويأخذ نقص الوقود منعطفا حرجا بشكل متزايد شمال وسط البلاد، إذ من المحتمل أن تتوقف حافلات النقل العمومي فيها عن الخدمة، خاصة ضواحي العاصمة باريس.
ولوحظ الفترة الأخيرة تأخر بعض حافلات شركة النقل (RATP) عن مواعيدها المعتادة رغم تصريحات الشركة بأن مخزونها “كاف حاليا ويتم جدولة عمليات التسليم”.
وأعرب يوين دوبوي مدير شبكات “أوبتيل” (Optile) عن قلقه، في تغريدة نشرها على تويتر الاثنين، ذكر فيها أن “حالة مخزون الوقود داخل شركات الشبكة حرجة ومسألة توقف الحافلات أصبحت وشيكة”.
القانون الفرنسي يمنح الحق للحكومة بفض الإضراب
وفي ظل ما يحدث، وبحال الإصرار من قبل النقابات على تمديد الإضراب، يحق للحكومة الفرنسية وفقا للمادة L2215-1 من القانون العام، فض الإضراب “في حالات الطوارئ، عندما يستدعي الأمر التحرك للحفاظ على النظام والصحة والسلام والأمن العام”.
ويعتبر رفض أي موظف مضرب العودة إلى وظيفته جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة ستة أشهر وغرامة تقدر بـ 10 آلاف يورو.
هذا الخيار لا يبدو بعيدا عن حسابات المسؤولين، خاصة بعد كلام المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران غداة اجتماع طارئ عقد الثلاثاء وإعلانه أن “الحكومة تدعو إلى الرفع الكامل للتعطيل من دون تأخير. إذا لم يحدث ذلك، سنتولى مسؤوليّاتنا، أي أننا قد نضطر إلى رفعه”.
واعتبر فيران أنّ استعادة “الأداء الطبيعي” في المناطق الأكثر تضرّرا “سيستغرق بضعة أيام”، مؤكدا أنّ “هذا سيحدث في غضون 15 يوما”.
كذلك، أشار إلى أنه من غير الطبيعي أن يتسبّب “عدد قليل من المستغلّين للإضراب” في ارتفاع “أسعار البنزين” في بعض المحطات.
من جانبها، اتهمت المعارضة الحكومة واليمين واليمين المتطرف منتقدة “عدم الاستعداد” و”الاستخفاف”، في حين استنكرت الأوساط اليسارية “تهديداتٍ للموظفين، ومسايرة أصحاب العمل”.
فوضى وطوابير
وأمس الأثنين تدخلت الشرطة، في ضواحي باريس لتنظيم حركة المرور وتأمين المنطقة، إذ اضطر بعض السائقين لدفع سياراتهم في حارة التوقف بحالات الطوارئ.
وقد أعلنت وزارة انتقال الطاقة ضرورة التزود بـ 30 لترا فقط من الوقود للأفراد، و120 لترا للشاحنات الكبيرة في عدة محافظات، مثل “ألب دو هوت بروفانس وفار”.
مشاهد الفوضى المتكررة انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل، ودفعت بوزيرة الطاقة، أنييس بانييه روناتشر، إلى تحذير السائقين من عمليات الشراء بدافع الخوف من نفاد الوقود.
وأضافت الوزيرة “نواجه اندفاعا إلى المحطات يتجاوز الاستهلاك المعتاد للوقود”، مشيرة إلى أن “الطلب على الوقود زاد بنسبة تصل إلى 30% في بعض المناطق”.
وخلال الأيام الماضية، أصبح “Essence/Gasoil now” التطبيق الأكثر تحميلا على الهواتف في فرنسا، متفوقا على “تيك توك” و”ديليفرو” للتعرف على خريطة محطات الوقود التي لا يزال لديها مخزون من البنزين والديزل.
اقرأ أيضا: لتجنب توقف مصانع السكر.. فرنسا تفرج عن احتياطيات وقود استراتيجية
وأثارت الأزمة التي تشهدها فرنسا لأول مرة في تاريخها وأدت إلى انتظام طوابير طويلة أمام محطات الوقود، استياء الفرنسيين وطالت انتقادات واسعة حكومة الرئيس ماكرون وطريقة إدارتها للأزمة وقدرتها على إيجاد حلول سريعة وفعالة.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقية مع ممثلي النقابات العمالية حول ملف الأجور ودعوات الحكومة المتكررة لإنهاء الإضراب، جدد العمال اليوم الثلاثاء في شركة “توتال إنرجيز” و”إكسون موبيل” إضرابهم بدعوة من نقابة اليسار المتشدد “سيه جيه تيه” (CGT)، ونقابة “القوى العاملة” الفرنسية (FO) التي أعلنت تمديد الإضراب الذي يعطل العمليات في موقعين تابعين لـ”إكسون موبيل” وموقعين تابعين لـ”توتال إنرجيز” .