أخبار العرب في أوروبا- تونس
وصلت قبل عدة أيام طفلة تونسية تبلغ 3 سنوات من دون ذويها الى السواحل الإيطالية في قارب يضم مهاجرين غير قانونيين، لتهز هذه الحادثة الأوساط الاجتماعية والإعلامية والحقوقية في تونس، وتثير كذلك موجة من التفاعلات كان أكثرها مستنكرا للحادثة ومنددا بما وصفه “دفعا” من السلطات للشباب والأطفال وحتى الرضع نحو الارتماء في “قوارب الموت”.
وبعد الانتشار الواسع لقصة الطفلة، فتحت السلطات التونسية تحقيقا مع عائلتها وكيفية إرسالها لوحدها لعبور المتوسط نحو إيطاليا.
ووفقا لـ“المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، التي تتابع ملف الهجرة في تونس، فإنه كان من المفترض أن تشارك العائلة المؤلفة من الأب والأمّ وابن يبلغ سبع سنوات فضلا عن الطفلة في عملية الهجرة التي انطلقت من سواحل منطقة “صيّادة” الساحلية شرق تونس.
وأضاف المنتدى -منظمة غير محكمة- بأن“الأب سلّم الطفلة لأحد المهربين على متن القارب وعاد ليساعد زوجته وابنه غير أن القارب انطلق ووصل الى جزيرة لامبيدوزا”.
في السياق، قال المتحدث الرسمي باسم الحرس الوطني التونسي حسام الدين الجبابلي في تصريحات صحافية، إن “النيابة العمومية فتحت تحقيقا وقرّرت الاحتفاظ بالأب والأمّ” بتهمة “تكوين وفاق من أجل عبور الحدود البحرية خلسة”.
بدورها، أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة في تونس أن الحكومة أذنت بإرسال مندوب حماية الطفولة إلى إيطاليا لتأمين عودة الطفلة التي كانت ضحية رحلة هجرة غير نظامية.
وقالت الوزارة في بيان: “على إثر عملية هجرة غير نظامية إلى السواحل الإيطالية ضحيتها طفلة تونسية غير مصحوبة بأفراد عائلتها، فإن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج تبلغ الرأي العام أن بعثتها الدبلوماسية ومصالحها القنصلية بإيطاليا تولي أهمية مطلقة لهذا الموضوع”.
وأضاف البيان :”أهمية الموضوع بدأت منذ تسلم السلطات الإيطالية للطفلة، وذلك من خلال المتابعة الحثيثة والتنسيق المستمر مع الجانب الإيطالي والمنظمات الإنسانية المختصة، من أجل تأمين سلامتها وتوفير الإحاطة الصحية والنفسية اللازمة لها حيث تمّ إيواؤها بمركز مختص لرعاية الأطفال”.
وتابعت الوزارة:”إن هذه العملية تُترجم مرّة أخرى مأساة عديد ضحايا الهجرة غير موال جرائم التي لم تستثنِ حتى الأطفال والرّضع”.
وكان تونسيون تداولوا مقاطع فيديو وصور على شبكات التواصل الاجتماعي لطفلة عمرها لا يتعدى 3 سنوات، وصلت الأسبوع الماضي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية مع مجموعة من المهاجرين غير النظاميين على متن زورق بحري.
ويظهر المقطع توقيف القارب من قبل الشرطة الإيطالية، واعتقال كل من كانوا على متنه في مركز لإيواء المهاجرين، باستثناء الطفلة التي تم الاحتفاظ بها لدى السلطات الإيطالية.
يشار إلى أن والدا الطفلة يعملان بائعين متجولين في مناطق الساحل الشرقي لتونس ودفعا مبلغا يقدر ب 24 ألف دينار (نحو 7500 يورو) للمهرّب مقابل المشاركة في عملية العبور.
وبحسب أرقام “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعي” تظهر أن نحو 13 ألف تونسي من الوصول إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، بينهم 624 امرأة و2600 قاصر( بينهم 1832 من دون مرافقة عائلة). وخلال الفترة نفسها، سجلت المنظمة غير الحكومية فقدان ووفاة 500 مهاجر خلال رحلة العبور.
اقرأ أيضا: انتشال 15 جثة شرقي تونس لمهاجرين قضوا في المتوسط
كذلك، فإن وزارة الداخلية التونسية أعلنت خلال الأيام الماضية إنه تم توقيف 1366 مهرّبا من بينهم تونسيون وأجانب.
وفي العادة يختار المهاجرون الذين ينطلقون من السواحل التونسية والليبية جزيرة “لامبيدوزا” الإيطالية كمحطة أولى لرحلتهم البحرية نحو “الحلم الأوروبي”، باعتبارها أقرب نقطة إلى الشواطئ التونسية حيث تبعد عنها نحو 80 كيلومترا فقط.
وتمر تونس حاليا بأزمة اقتصادية خطيرة، أبرز ملامحها انخفاض النمو الاقتصادي (أقل من 3%)، وارتفاع معدلات البطالة (ما يقرب من 40% لدى الشباب)، وزيادة الفقر (نحو أربعة ملايين شخص)، وفق ما أفادت به وكالة “فرانس برس” مؤخرا في تقرير حول الوضع الاقتصادي في تونس.