تقاريردول ومدن
أخر الأخبار

“رايتس ووتش” تنقل شهادات عن لاجئين تعرضوا للعنف والطرد من قبل السلطات التركية

أخبار العرب في أوروبا – متابعات

رغم محاولات السلطات التركية دائما الظهور بأنها تدافع عن اللاجئين والمهاجرين وتلقي اللوم على جارتها اليونان، لكن ما خرجت به مؤخرا منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية غير الحكومية يؤكد بأن تعامل السلطات التركية لا يقل “وحشية” عن ما تفعله السلطات في اليونان.

تقول “رايتس ووتش” إن العديد من اللاجئين الأفغان الذين حاولوا الهروب من بلدهم بعدما سيطرت على الحكم حركة “طالبان” الجهادية المتطرفة، تعرضوا لعنف شديد لدى محاولتهم دخول تركيا.

وأكدت المنظمة أن هذا جاء وفقا لشهادات جديدة مثيرة للقلق، حيث تقوم السلطات التركية كذلك بترحيل المهاجرين إلى أفغانستان بأعداد متزايدة، في ظل حكم الحركة الجهادية لإفغانستان وما قد يتعرض له اللاجئون لدى عودتهم للبلاد المنهكة بالحروب منذ أكثر من 4 عقود.

وأشارت إلى أنه في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام وحده، أعيد أكثر من 27 ألف أفغاني -معظمهم من الرجال غير المتزوجين- من تركيا، مؤكدة أن هذه الأرقام رسمية صادرة عن السلطات التركية.

عنف وضرب خلال الترحيل

تقول رايتس ووتش إن عمليات الترحيل أثارت الجدل بشدة، إذ أفاد العديد من المهاجرين أنهم تعرضوا للانتهاكات وسوء المعاملة على أيدي السلطات التركية.

وتنقل في هذا السياق عن اللاجئ الأفغاني “أحمدي” قوله: “أخذوا هاتفي المحمول ولم يسمحوا لي بالتحدث إلى محامي”، وأضاف: “نقلوني إلى معسكر في أدرنة واحتجزوني لمدة 11 يوما. لم تكن هناك مرافق للمعيشة في المخيم وكان أكثر من 280 شخصا هناك. ولم تمنحني الشرطة فرصة ولم تستمع لي”.

يأتي هذا في وقت باتت في تركيا أكبر عدد من اللاجئين في أي مكان في العالم، إذ تستضيف رسميا حوالي 3.6 مليون سوري بموجب خطة الحماية المؤقتة، و 320 ألف مهاجر من جنسيات أخرى -معظمهم من الأفغان – تحت أشكال أخرى من الحماية.

لكن “سمعة تركيا كمضيف كريم للاجئين باتت اليوم في خطر”، حيث أن معاملتها للمهاجرين، لاسيما طالبي اللجوء واللاجئين من أفغانستان وسوريا، أصبحت تتسم بـ”العدائية بشكل متزايد”، وفق ما تؤكده منظمات حقوقية دولية.

في هذا السياق، يقول التقرير الجديد الصادر عن رايتس ووتش والذي جاء تحت عنوان “لم يسألني أحد لماذا غادرت أفغانستان”، إن هناك زيادة كبيرة جدا في عدد عمليات ترحيل المواطنين الأفغان من تركيا.

ووفقا لراتيس ووتش فإن الزيادة في الترحيل ترجع جزئيا إلى ما تسميه المنظمة “تحولا مدويا في الرأي العام التركي ضد اللاجئين والمهاجرين”.

ونقلا عن استطلاع أُجري العام الماضي في تركيا رأى 76% من الأتراك أنه “يجب منع دخول هؤلاء الأشخاص إلى تركيا وأنه يجب ترحيلهم على وجه السرعة”.

إجبار اللاجئين على توقيع أوراق “العودة الطوعية”

يُظهر تقرير “رايتس ووش” بالتفصيل عدد عمليات الترحيل التي يتم تنفيذها في تركيا، بشكل عنيف ودون اعتبار لحقوق المهاجرين في تقديم طلب اللجوء أو الطعن في ترحيلهم. 

ورغم زعم سلطات أنقرة على أن عمليات التركيل هي “عودة طوعية”، إلا أن رايتس ووتش تحدثت إلى العديد من الأفغان الذين قالوا إن توقيعاتهم أو بصماتهم على استمارات العودة الطوعية كانت قسرية أو مزورة. وإذا ما رفضوا التوقيع تعرضوا للضرب وتكبيل أيديهم وترحيلهم على أي حال.

ونقلت المنظمة الحقوقية عن “عبدول سامي” وهو شاب أفغاني( 27 عاما) قوله: “قالوا لي إن عليّ التوقيع على ورقة ليست بلغتنا”.

وأضاف: “كما قالوا إن الورقة كانت طلبا للاستعانة بمحامي، لكن محتجزا يعرف اللغة التركية قال إن الطلب هو صيغة رسمية بموافقته على الترحيل. وافق 3 فقط من بين 120 شخصا على التوقيع. وصفعوا كل واحد منا مرتين أو ثلاث مرات وقالوا لنا إنه علينا أن نوقع، لكننا ما كنا لنفعل”.

الشاب الأفعاني أضاف قائلا: “في اليوم التالي، نقلوني ونحو 200 آخرين إلى ساحة مركز الترحيل وقالوا لنا إنه يتعين علينا وضع بصمات أصابعنا على الأوراق للعودة الطوعية”.

وتابع: “في البداية، رفضنا جميعا. شاهدنا أحد الأشخاص وهو يمزق الورقة فأخذوه إلى غرفة جانبية، وعندما أعادوه، كان وجهه ملطخا بالدماء”.

وأردف :”في اليوم التالي، نقلوني مع حوالي 200 آخرين إلى مطار إسطنبول. قرأوا أسمائنا واحدا تلو الآخر، وختموا وثائق سفرنا، ووضعونا على متن طائرة متجهة إلى كابول”.

عنف حتى على اللاجئين الأطفال

تؤكد “رايتس ووتش” إنه لا يتم ترحيل الأفغان بأعداد متزايدة باستمرار من تركيا فحسب، بل يتم إجبارهم بشكل روتيني على العودة عبر الحدود دون أي إمكانية لتقديم طلب الحماية (وهي عملية غير قانونية تُعرف باسم pushback، والتي تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951).

وكانت السلطات التركية قالت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني إنه 248 ألفا و727 مهاجرا غير نظامي تم منعهم من دخول في الأشهر العشرة الأولى العام الجاري.

لكن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية تؤكد أن ما يحدث في تركيا هو عبارة عن “عمليات صد وإرجاع منهجية وعنيفة”.

وتنقل “رايتس ووتش” عن زيان البالغ 28 عاما- جندي سابق في الجيش الأفغاني- قوله:”كان هناك 15 شرطيا؛ قاموا بضرب الجميع. وضربوا بعض الأشخاص بأعقاب بنادقهم. حتى أنهم ضربوا الأطفال”، على حد قوله.

وأضاف قائلا: “منذ بدء فصل الشتاء وتزايد البرودة، كان الناس يرتدون الكثير من الملابس. أخذت الشرطة التركية ملابسنا الثقيلة وهواتفنا المحمولة وحقائبنا، وأربطة أحذيتنا. توسلنا إليهم أن بلدنا في وضع سيء، لكنهم لم يستمعوا إلينا. تم دفعنا مباشرة إلى إيران. ولم يتم نقلنا إلى معسكر ترحيل”.

الحماية حق قانوني في تركيا ولكن؟

تشير رايتش ووتش إنه في الوقت الذي فيه طلب الحماية في تركيا هو حق قانوني، لكن الحكومة جعلت الوصول إليه أكثر صعوبة من خلال الحد من قدرة المهاجرين على التسجيل للحصول على الحماية في أجزاء من البلاد حيث تتجاوز نسبة الأجانب بالفعل 20% من السكان.

ولفتت إلى أنه بين عامي 2018 و 2019 ، انخفضت التسجيلات بنسبة 75% تقريبا من حوالي 114500 إلى حوالي 29250. وكان ثلاثة أرباع المتقدمين بالطلبات من الأفغان.

وقالت إنه بالنسبة لأولئك الذين نجحوا في التسجيل للحصول على الحماية الدولية، فقد تراجعت احتمالية منحهم اللجوء منذ انتقال دور تحديد وضع اللاجئ من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى السلطات التركية في سبتمبر/أيلول 2018.

في ذلك العام، عندما كانت المفوضية لا تزال تشارك في تقييم طلب اللجوء، تم منح الحماية لـ 72961 طالب لجوء. لكن بعد عام من انسحاب الأمم المتحدة انخفض العدد إلى 5449 فقط. أي انخفاض أكثر من 93%.

في الوقت نفسه، يتعرض الأفغان الذين لا يحملون وثائق في تركيا للتهميش بشكل متزايد، ويعيش الكثير منهم في فقر في اسطنبول. بعد أن حاول عدة مرات التسجيل في الحماية الدولية.

يعلق الشاب الأفغاني “نعمان” البالغ 23 عاما بالقول لرايتس ووتش :”لا اعتقد أني سأحصل على تسجيل على الإطلاق” مشيرا إلى أنه يعيش في إسطنبول في شقة مع 14 أفغانيا آخر لا يحملون وثائق ويحاول العبور إلى اليونان.

بينما أكد “أحمدي” أنه طرد من تركيا لأنه لم يكن لديه تصريح إقامة، وهو أمر لم يتمكن من الحصول عليه، على الرغم من تسجيله ودفع الضرائب في تركيا، لأنه دخل البلاد “بشكل غير قانوني”.

منظمات حقوقية تطالب بتصنيف تركيا “دولة غير آمنة للاجئين”

وكانت 16 منظمة مجتمع مدني في اليونان والاتحاد الأوروبي طالبت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني بتصنيف تركيا كـ”دولة غير آمنة للاجئين”، وذلك لارتكاب أنقرة “انتهاكات في القانون الدولي بحق لاجئين”، على حد وصفهم.

واتهمت المنظمات في رسالة تركيا بـ”التقاعس عن حماية اللاجئين السوريين المقيمين” وفق بند الحماية المؤقتة، وبإعادتهم إلى بلادهم قسرا، مشيرة إلى أن السلطات التركية رفضت أكثر من 7 آلاف طلب لجوء تقدّم فيها لاجئون من سوريا وأفغانستان وبنغلاديش وباكستان باعتبارها غير مقبولة.

المنظمات في دعوتها المرسلة إلى وزارة الهجرة واللجوء اليونانية والمفوضية الأوروبية على تقارير حول إعادة أنقرة للاجئين سوريين إلى بلادهم، وهو ما كانت منظمة راتيس ووتش قد تحدثت عنه تقرير لها أدان تعامل تركيا مع اللاجئين.

وذكرت المنظمات أن تقرير المفوضية الأوروبية الصادر في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أوضح بجلاء أن تركيا لا تفي بالمعايير المنصوص عليها في المادة( 38) من توجيه إجراءات اللجوء والمادة( 91) من قانون اللجوء اليوناني، لتعيينها كدولة ثالثة آمنة للاجئين.

ومن بين المنظمات التي وقعت على الرسالة: المجلس الدنماركي للاجئين (DRC)، والمجلس اليوناني للاجئين (GCR)، ولجنة الإنقاذ الدولية، وحقوق الإنسان 360، وARSIS – جمعية الدعم الاجتماعي للشباب.

وكان تقرير المفوضية أشار إلى عدد مما أسماها انتهاكات قامت بها تركيا بحق القوانين المتعلقة باللاجئين، كان من أبرزها أنها أوقفت منح الحماية المؤقتة للاجئين الواصلين حديثا، وإيقاف تسجيلهم في بعض المدن والأحياء في إطار مشروع “التخفيف”.

اقرأ أيضا: طريق اللاجئين نحو “الحلم” الأوروبي مابين الورقة التركية والجدار اليوناني

تقول”نادية هاردمان” الباحثة الحقوقية في راتيس ووتش:”إن السلطات التركية اقتادت اللاجئين السوريين ومن بينهم أطفال إلى نقاط العبور الحدودية، وأجبرتهم على العبور تحت تهديد السلاح، الأمر الذي يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي”، مشيرة إلى أن أنقرة تحاول جعل الشمال السوري منطقة للتخلص من اللاجئين.

وبيّنت أن العديد من اللاجئين الذين تمت إعادتهم هم من المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري ما يشكّل خطورة عليهم، حيث تم توثيق 37 حالة للاجئين خاضعين للحماية المؤقتة رُحّلوا مع عشرات أو مئات آخرين وأُجبروا على التوقيع للعودة الطوعية دون السماح لهم بقراءة الاستمارات أو حتى توضيح ما ورد فيها.

كما تؤكد راتيس ووتش بأن سوريا تظل غير آمنة للعودة وأن الكثير من اللاجئين يخشون أن يتم اعتقالهم مجددا من قبل مخابرات النظام السوري وتعذيبهم، لا سيما أن تقريرا سابقا أثبت تعرض اللاجئين السوريين الذي أُعيدوا بين عامي 2017 و2021 من لبنان والأردن إلى انتهاكات حقوقية جسيمة واضطهاد على يد قوات النظام السوري.

جدير بالذكر أن تركيا دأبت خلال السنوات الماضية أيضا التعامل مع ملف اللاجئين بطريقة “ابتزازية” وفق ما يصفه بعض السياسيين الأوروبيين، حيث تفتح الطريق نحو دول أوروبا الغربية متى تشاء وتغلقه متى تشاء، والضحية دائما هم اللاجئون الذين يبحثون عن حياة أفضل لكن الكثير منهم يفقد حياته قبل أن يحقق هذا “الحلم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى