أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
في يوم تعبئة ثانٍ بعد الأول الذي جرى في الـ19 من الشهر الجاري رفضا لمشروع قانون رفع سن التقاعد، شهدت مئات المدن الفرنسية اليوم الثلاثاء، مظاهرات حاشدة بالتزامن مع إضراب واسع، فيما بدت نسبة الالتزام بالإضراب أقل مما كانت عليه في اليوم الأول من التعبئة، وفقا لوسائل إعلام محلية.
وبعدما تظاهر مليون إلى مليونَي شخص تلبية للدعوة الأولى التي أطلقتها النقابات، يبدو أن التعبئة في الشوارع لا تزال قوية، إذ أحصى الاتحاد العمالي العام مشاركة نصف مليون شخص في باريس لوحدها، في وقت تم نشر فيه 11 ألف شرطي في عموم المدن الفرنسية.
وبدأت المسيرة بعد الظهر في باريس بقيادة رؤساء النقابات الرئيسية الذين ساروا خلف لافتة كُتب عليها “إصلاح نظام التقاعد: العمل لفترة أطول، كلّا”.
كذلك كانت التعبئة قوية في المدن الفرنسية الكبرى فتظاهر 40 ألف شخص في مرسيليا مقابل 26 ألفا في 19 كانون يناير/كانون الثاني، و65 ألفا في نانت بعد 28 ألفا في التعبئة الأولى.
أيضا خرج آلاف المتظاهرين في مدن تولوز ومرسيليا ونيس في الجنوب، وسان نازير ونانت ورين في الغرب.
كما شهدت المدن الصغيرة، على غرار مدينة ماند التي تعدّ 12 ألف نسمة في جنوب البلاد مظاهرة حاشدة. وقالت كريستيان مارتينيز (72 عاما) “إنها المرة الأولى في حياتي التي أتظاهر فيها. لا أرى ابني الطباخ يحمل قدرا كبيرة في عمر الرابعة والستين”، في إشارة منها إلى رفع التقاعد إلى هذا السن.
وقال متظاهر يدعى تييري ويبلغ 58 عاما، لصحيفة “لو فيغارو” إنه بدأ العمل وهو في الـ 18 من عمره، ويشعر بعدم الإنصاف في حال تمديد سن التقاعد لفترة أطول.
ولوحظت في التظاهرات مشاركة قوية للنساء اللواتي يعترضنَ على إصلاح “جائر” يعتبرون أنهنّ “أكبر الخاسرات” فيه.
وأشاد جميع رؤساء النقابات بمشاركة أكبر من تلك التي سُجّلت في أول يوم تعبئة.
وقال زعيم اليسار جان لوك ميلينشون لصحافيين خلال مظاهرة مرسيليا: “من المؤكد أن (الرئيس) ماكرون سيخسر. لا أحد يريد إصلاحاته، وكلما مرت الأيام، كلما زادت المعارضة لهذه الإصلاحات”.
بدوره، أكد الأمين العام لـ “الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل” لوران بيرجيه إن “هناك أناسا أكثر من المرة الماضية”.
نفس الكلام ذكره الأمين العام لـ”الاتحاد العمالي العام” فيليب مارتينيز الذي قال إن الأعداد “أكبر من تلك التي كانت في 19 يناير/ كانون الثاني”.
في المقابل، بدا عدد الذين التزموا الإضراب منخفضا في عدد من القطاعات العامة والخاصة خصوصا في القطاع العام مع بلوغ نسبتهم 19.4% ظهر الثلاثاء في مقابل 28% في اليوم الأول من التعبئة، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية عن وزارة الخدمة العامة.
وفي قطاع التعليم، أعلنت الوزارة أن نسبة المدرّسين المضربين بلغت 25.92% وهي بوضوح أقل من التعبئة السابقة، إلا أن النقابات تحدثت عن 50% على الأقل.
وبشكل عام كان هناك اضطراب شديد في حركة النقل، إذ لم يعمل بشكل طبيعي، إلا قطار واحد من بين كل ثلاثة قطارات عالية السرعة، وخطا مترو بدون سائق، في العاصمة باريس. وأشارت تقارير إلى وجود حشود كبيرة على أحد الخطوط الرئيسية للقطارات في باريس.
وقالت نقابة الاتحاد العام للعمل إن ثلاثة أرباع العمال على الأقل تركوا عملهم في مصافي النفط الكبيرة ومستودعات الوقود التابعة لشركة “توتال إنرجيز” للمشاركة في الإضراب، على الرغم من أن الشركة قالت إن العدد أقل من ذلك بكثير.
وينص مشروع إصلاح نظام التقاعد خصوصا على رفع السن القانونية للتقاعد من 62 إلى 64 عاما بالتدريج ( ثلاثة أشهر كل عام حتى 2030) وكذلك تسريع تمديد فترة المساهمة.
اقرأ أيضا: موجة جديدة من الإضرابات والمظاهرت تشهدها فرنسا اليوم ضد قانون التقاعد
ورغم رفض الرأي العام المتزايد لهذا الإصلاح، إلا أن الحكومة لا تزال مصممة على إقراره. واعتبر ماكرون مساء أمس الاثنين أن الإصلاح “ضروري”، بعدما أكدت رئيسة الحكومة إليزابيت بورن أن رفع السن التقاعدية إلى 64 عاما “غير قابل للتفاوض”.
في حين اتهم وزير الداخلية جيرالد دارمانان من جانبه، الأحزاب اليسارية بـ”بثّ الفوضى” في النقاشات لـ”منع الحكومة بشكل منهجي من المضي قدما”، حسب قوله.