أخبار العرب في أوروبا – متابعات
التجارب السلبية في وقت مبكر من حياة الإنسان، تُنذر بعواقب صحية مدى الحياة وخاصة في مرحلة الشيخوخة. هذا ما كشفت عنه نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا الأميركية.
تقول الدراسة التي نشرت أمس الأربعاء في دورية “الطب الباطني العام” الأمريكية، إن مواجهة الشباب أحداثا صادمة قد تؤدي لتدهور الصحة في مرحلة الشيخوخة للإنسان.
وأوضحت بأن “تجارب الطفولة السلبية لها تأثيرات عميقة في سن الشيخوخة، خصوصا لأولئك الذين تعرّضوا للعنف، أو عانوا إعاقات جسدية ومعرفية”.
ورغم أنه معروف منذ فترة طويلة بأن الطفولة الصعبة يمكن أن تؤدي لمشكلات صحية للبالغين أو من هم في منتصف العمر، لكن الآن وللمرة الأولى، يربط الباحثون بين التجارب السلبية في وقت مبكر من الحياة والعواقب الصحية مدى الحياة.
الباحثون وجدوا أن كبار السن في الولايات المتحدة، ممن يملكون تاريخا حافلا من التجارب المرهقة أو المؤلمة في سنوات طفولتهم، مثل التعرض للعنف الجسدي أو سوء المعاملة أو المرض الشديد أو معاناة الأسرة ماليا أو حتى انفصال الوالدين، أصبحوا هم أكثر عرضة لتجارب الإعاقات الجسدية والمعرفية في سنواتهم المتقدمة.
وأظهرت نتائج الدراسة بأن أولئك الذين تعرضوا للعنف في مرحلة الطفولة كانوا أكثر عرضة بنسبة 40 % للإصابة بضعف الحركة و80% أكثر عرضة لمواجهة الصعوبات خلال حياتهم اليومية.
كذلك الذين جاءوا من أسر غير سعيدة كانوا أكثر عرضة بنسبة 40% للإصابة، على الأقل، بضعفٍ إدراكيٍّ خفيف.
في هذا السياق، تقول “أليسون جيه هوانغ” الباحثة التي قادت الدراسة أستاذة الطب ومديرة الأبحاث في الطب الباطني العام في جامعة كاليفورنيا :”هذا يعني احتمالية أكبر لصعوبة في المشي، أو بأنشطة الحياة اليومية، أو مشكلات في الذاكرة عندما يتقدمون في العمر”.
من جانبها، قالت “فيكتوريا إم لي” الباحثة الأولى للدراسة طالبة الطب في جامعة كاليفورنيا إنه:” بالنظر إلى مدى شيوع تجارب الإنجاب المبكر بين المشاركين، يظهر أن تجارب الحياة المبكرة المجهدة قد تكون علامات لخطر الضعف الوظيفي والإعاقة في وقت لاحق من الحياة”.
وأضافت: “يُظهِر هذا الآثار المترتبة على رعاية المسنين، وقد يكون التعرف المبكر على صدمة الطفولة مفيدا في تحديد البالغين الذين قد يستفيدون من استراتيجيات الفحص أو الوقاية من التدهور الوظيفي المرتبط بالشيخوخة”.
وعانى ما يقرب من 60% من البالغين بالولايات المتحدة من نوع واحد أو أكثر من تجارب الطفولة السلبية، التي يمكن أن تقوّض إحساس الطفل بالأمان أو الاستقرار، وفقا لـ”مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها”
وفي العادة يرتبط الأمر بمشكلات الصحة البدنية والعقلية المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والسكّري وأمراض المناعة الذاتية والاكتئاب.
اقرأ أيضا: نصف الألمان يخشون الفقر في سن الشيخوخة
لكن هناك القليل من الأبحاث التي توثّق الآثار الصحية المترتبة على تجارب الطفولة السلبية على مرحلة الشيخوخة.
وكانت كاليفورنيا أول ولاية أمريكية تفرض تغطية تأمينية لفحص التجارب المبكرة الصعبة أو المؤلمة لدى الأطفال والبالغين وكان هذا القرار في عام 2021.
وحاليا تدرس 8 ولايات أميركية أخرى أو تنفذ الآن تشريعات مماثلة.
مع ذلك، لا يزال هذا النوع من الفحص مثيرا للجدل بسبب تأثيره غير الواضح على الصحة على المدى الطويل والعبء المحتمل على نظام الرعاية الصحية.
يشار إلى أن الدراسة الجديدة اعتمدت على بيانات من المشروع الوطني للحياة الاجتماعية والصحة والشيخوخة، حيث قامت بفحص ما يقرب من 3400 مشارك تتراوح أعمارهم بين 50 و97 عاما.
كما خضعوا لاختبارات التوازن والمشي، وكذلك الإدراك والذاكرة، كما قُيّمت الصعوبة في أداء أنشطة الحياة اليومية.
