أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
أظهرت نتائج دراسة حديثة أجراها معهد “مونتين” الفرنسي، أهمية الهجرة في فرنسا على الصعيدين الديمغرافي والاقتصادي.
الدراسة التي نشرت نتائجها هذا الأسبوع، كشفت عن أن الهجرة ستكون ذات أهمية بالغة للديموغرافيا الفرنسية خلال السنوات المقبلة، مؤكدة كذلك بأن الهجرة ستصبح أكثر أهمية للاقتصاد أيضا.
تعليقا على نتائج الدراسة، أكد برونو تيترايس نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية (FRS) بالقول:”استنادا إلى بيانات المعهد، فإن مساهمة الهجرة لها تأثير ديناميكي يتمثل في زيادة حصة السكان الفرنسيين الناتجة عن الهجرة الأخيرة”.
وأوضح بأن”الهجرة شكلت نحو ثلاثة أرباع النمو السكاني في فرنسا خلال العام الماضي 2022″، مضيفا :“تستعد فرنسا لتجربة انخفاض في عدد سكانها لا يمكن أن تملأه سوى الهجرة على المدى القصير والمتوسط”.
وبحسب بيانات المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء، يستمر عدد السكان في الارتفاع، لافتة إلى أنه يتوقع أن تصل فرنسا إلى “الذروة” في عام 2044 مع 69.3 مليون نسمة، ثم ستستقر عند 68 مليون نسمة، وهو نمو سكاني مستمر بفضل الهجرة.
ورغم هذه النتائج التي تؤكد أهمية الهجرة بالنسبة لثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، إلا أن ظاهرة الهجرة شكلت تحديات كبيرة.
في هذا الصدد تشير الدراسة نفسها إلى أن المهاجرين الذين هم عموما أقل تعليما، يدخلون سوق العمل بشكل أقل، وهو ما يحصل في فرنسا التي تتميز بهجرة أقل تأهيلا نسبيا مقارنة بالهجرة في البلدان الصناعية الأخرى، وهو ما يفسر ارتفاع معدل البطالة بين المهاجرين في فرنسا.
المهاجرون يعانون من التمييز
من جانب آخر، تؤكد الدراسة بأن المهاجرين في فرنسا يعانون من التمييز الوظيفي، إذ يصل معدل توظيف هؤلاء أقل بعشر نقاط من معدل توظيف الأشخاص الذين ليس لديهم صلة بالهجرة.
وكانت دراسة أجريت في عام 2015، أشار فيها معهد “مونتين” إلى أن الرجل المسلم كان أقل حظا بالحصول على وظيفة في فرنسا بأربع مرات مقارنة بشخص من ديانة مسيحية.
وفي الدراسة الأخير أكدت على أن فرنسا بحاجة ماسة إلى إدارة الهجرة بطريقة فعالة وأكثر استدامة، تضمن فيها اندماج المهاجرين في المجتمع وتوفر لهم فرصا عادلة.
كما شددت على أنه يجب مواجهة التحديات التي قد تنشأ من توجهات تمييزية أو اقتصادية، وضمان توفير الدعم اللازم للمهاجرين لتحقيق نجاحهم ومساهمتهم الإيجابية في النمو الديمغرافي والاقتصادي للبلاد.
الهجرة موضوع شائك
تعد مسألة الهجرة من أكثر المواضيع الشائكة في المجتمع الفرنسي، وتختلف حولها أحزاب وتتفق أخرى، خاصة فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية.
ويعارض البعض بشدة هذا النوع من الهجرة، باعتباره يهدد الأمن والاستقرار، ولديه تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
لكن الجميع يغفل الدور الكبير الذي تلعبه الهجرة للحفاظ على التوازن السكاني في المجتمع الفرنسي، فلولا وجود المهاجرين لتراجع النمو الديمغرافي في فرنسا إلى أدنى مستوياته، كما تؤكده الدراسة الأخيرة وعشرات الدراسات الأخرى التي صدرت خلال السنوات الماضية.
هذا الواقع تشهده فرنسا منذ سبعينات القرن الماضي، فعلى الرغم من أنها كانت تُعدّ أكثر البلدان خصوبة في أوروبا إلا أنها تواجه اليوم تراجعا في معدلات المواليد في حال استثناء المواليد من قبل المهاجرين.
ويبلغ معدل الإنجاب 1.8 طفل لكل امرأة في فرنسا خلال العام الماضي 2022، وهو أقل من الحد الطبيعي 2، الذي ينبغي أن يكون كي لا يؤدي إلى انخفاضها.