أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
تسبب إعلان مدير مدرسة ثانوية في باريس تخليه عن منصبه بعدما تلقى تهديدات بالقتل إثر شجار مع طالبة لكي تخلع حجابها، موجة استنكار واسعة في فرنسا في ما وصف بأنه “فشل جماعي” و”هزيمة للدولة”.
وبدأت القصة في فبراير/شباط الماضي، عندما طلب مدير المدرسة من إحدى الطالبات نزع حجابها داخل المدرسة احتراما للقانون وللأنظمة الخاصة بالمدارس في فرنسا.
وتقول وسائل إعلام محلية، إن الأمر تطور إلى مشادة لفظية من طرف الطالبة التي رفضت الاستجابة، واتهمت مدير المدرسة بالاعتداء عليها بالضرب، وقدمت شكوى إلى الشرطة، ولكن القضاء قرر حفظ الشكوى لغياب أي دليل أو شهادة تؤكد صحة الاتهام.
وكانت وزيرة التربية الوطنية الفرنسية “نيكول بيلوبيه” زارت مدرسة “موريس رافيل” الثانوية في شرق باريس في مطلع مارس/آذار الماضي لتقديم “دعمها” لمدير المدرسة.
وعبرت الوزيرة خلال الزيارة عن أسفها “للهجمات المرفوضة” التي تعرض لها على شبكات التواصل الاجتماعي منذ تشاجر في 28 فبراير/شباط مع تلميذة طلب منها نزع حجابها.
وبعد ما تلقى مدير المدرسة تهديدات بالقتل عبر الإنترنت، فتحت السلطات تحقيقا في باريس بتهمة مضايقات إلكترونية.
كذلك، رفعت شكويان، واحدة من التلميذة بسبب “عنف لم يؤد إلى عجز عن ممارسة العمل”، وأخرى من جانب مدير المدرسة بسبب “عمل تخويف حيال شخص يشارك في تنفيذ مهمة خدمة عامة للحصول على إعفاء من القواعد المنظمة لهذه الخدمة”.
والأربعاء، قال الادعاء العام في باريس، إن شكوى التلميذة حفظت بسبب “مخالفة غير موصوفة بشكل كاف”.
تهديدات تطال المدير
الأحداث في هذه القضية لم تنته عند هذا الحد، حيث تطورت ووصلت إلى حد تجمع عدد من الشباب أمام المدرسة، مما أدى إلى تعطيل الدراسة.
في المقابل، تم تنظيم تجمع من المدرسين بدعوى من النقابات تضامنا مع مدير المدرسة.
وتطورت الأزمة إلى أخطر من ذلك بعد أن انتشرت تهديدات على الإنترنت تحرض ضد مدير المدرسة، وفي نهاية الأمر ووفق ما أعلنه في رسالة إلى زملائه، قرر مدير المدرسة الاستقالة حفاظا على أمنه الشخصي وعلى أمن المدرسة التي يديرها.
الحكومة تتحرك ضد الطالبة
وأثار التحقيق في هذه الواقعة ضجة واسعة النطاق في فرنسا، مما دفع برئيس الحكومة غابريال أتال لاستقبال المدير المستقيل والإعلان عن قيام الحكومة بتقديم شكوى قضائية ضد الطالبة لانتهاكها القانون.
وقال أتال إن اتهاماتها نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تهديدات بالقتل “غير مقبولة” ضد مدير المدرسة، مشيرا إلى أن المدير المستقيل من المقرر أن يتقاعد في يونيو/حزيران، وبناء على نصيحة أمنية، تقاعد مبكرا بعد الحادث، مضيفا أن الطالبة تركت المدرسة أيضا.
وقل رئيس الوزراء الفرنسي إن ممثلي الادعاء في باريس وجدوا إن شكوى الشابة غير مبررة ولم يرفعوا دعوى قضائية، بعد ذلك قررت الحكومة مقاضاة الفتاة بسبب توجيه “تهم زائفة” للمدير.
وأضاف:”لا يجب أن نغفل أي شيء، ولن أغفل عن أي شيء بشأن هذا السؤال”.
وقالت وزارة التعليم في بيان الثلاثاء الماضي إنه تم اعتقال شخصين يعتقد أنهما مسؤولان عن التهديدات بالقتل.
في حين قالت وسائل إعلام محلية، إنه تم توقف شاب يبلغ 26 عاما من منطقة باريس ومن المقرر أن يحاكم في 23 أبريل/نيسان المقبل بتهمة تهديد مدير المدرسة بالقتل، عبر الإنترنت.
وتوالت ردود الفعل المستنكرة من القوى والشخصيات السياسية يمينا ويسارا.
واعتبر اليمين أن “الدولة عاجزة عن فرض احترام القانون”، بينما أبدت القوى اليسارية التي استنكرت ما أحدث أسفها لتطور الأمور في هذا الاتجاه.
جدير بالذكر أن القانون الفرنسي يمنع وضع الشعارات الدينية من طرف الموظفين في المؤسسات العامة والرسمية.
كذلك، حظرت فرنسا منذ عام 2004 ارتداء “الرموز الدينية الواضحة” في المدارس أو خلال الرحلات المدرسية بما في ذلك الحجاب الإسلامي، لكن في المرحلة الجامعية لايزال يتسنى للطالبات حرية ارتداء الحجاب لغاية الآن.