أخبار العرب في أوروبا- فرنسا
سلطت وسائل الإعلام الفرنسية، اليوم الأربعاء، الضوء على المواجهة الحادة بين ممثلي الكتل السياسية الرئيسية الثلاث التى تخوض معركة الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة التي ستجري على دورتين الأولى نهاية هذا الأسبوع والثانية الأسبوع المقبل.
وشهدت أول مناظرة تلفزيونية جمعتهم ضمن حملتهم الانتخابية مناقشات حادة واتهامات متبادلة، في وقت تشهد فيه الحياة السياسية في فرنسا توترات شديدة غير مسبوقة.
وأمس الثلاثاء، جمعت أول مناظرة تلفزيونية على قناة (TF 1) بين رئيس الوزراء الفرنسي “جابرييل أتال” كممثل عن المعسكر الرئاسي (الوسط)، و”جوردان بارديلا” رئيس التجمع الوطنى (اليميني المتطرف)، ومنسق حزب فرنسا الأبية “مانويل بومبار” والذي يمثل “الجبهة الشعبية الجديدة” (لأحزاب اليسار).
وشهدت المناظرة تبادل للاتهامات خاصة بين رئيس الوزراء الفرنسيأتال ورئيس حزب التجمع الوطني بارديلا ، خلال المناظرة التي اتسمت بالتوتر ومقاطعة المرشحين لبعضهم البعض.
وناقش ممثلو الكتل الثلاثة عدة قضايا تهم الرأي العام الفرنسي أهمها القدرة الشرائية والضرائب وتحديد سن التقاعد، فضلا عن مسألة مصادر الطاقة المتجددة من بينها الطاقة النووية وأيضا قضايا تتعلق بالأمن والهجرة.
القدرة الشرائية
بدأ النقاش حول القدرة الشرائية، وقدم السياسيون الثلاثة خطتهم لزيادة القدرة الشرائية للفرنسيين.
وعرض بارديلا صورة لفاتورة الكهرباء التي قال إنها تثير قلق الملايين، مكررا تعهده بخفض ضريبة القيمة المضافة إلى 5.5% على الوقود والكهرباء والغاز، والإعفاءات الضريبية لمن هم دون سن الـ30 .
كما أكد أنه في حالة الحصول على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، سوف يرجع “إلى الأسباب المتعلقة بالميزانية”.
بينما قال أتال في المناظرة، “إن الفرق بين منافسي وبيني هو أنني كرئيس للوزراء لا أريد أن أكذب على الفرنسيين، لا أريد أن أعدهم بالقمر!”.
وأضاف: “يقول جوردان بارديلا في كل مرة إنه سيخفض ضريبة القيمة المضافة وكأنه سحر، لكن دون أن يوضح كيف سيمولها”.
ووعد أتال بحزمة من الاجراءات لزيادة القدرة الشرائية اعتبارا من هذا الصيف، من خلال إعادة تقييم المعاشات التقاعدية على أساس التضخم، وخفض أسعار الكهرباء بنسبة 15% “اعتبارا من الشتاء القادم”، مؤكدا : “كل هذا ممول وذو مصداقية”.
في مقابل ذلك، دافع مانويل بومبار عن اقتراح الجبهة الشعبية الجديدة بتجميد أسعار المنتجات الأساسية، استنادا إلى نموذج مطبق في جزيرة ريونيون الفرنسية في المحيط الهندي، على 150 منتجا، وأيضا طالب بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو.
قضية البيئة
فيما يتعلق بالبيئة وتغير المناخ، يرى بومبار أن مكافحة تغير المناخ هي “تحدي القرن”، وقال “دعونا نفعل المزيد لمكافحة الاحتباس الحراري العالمي”.
لكن أتال اعتبر أن الحكومة قامت بالفعل بمجهودات في هذا المجال ، وقال في هذا الصدد “قمنا بزيادة ميزانية التحول البيئي بمقدار 8 مليارات يورو”.
وأضاف”في السنوات الأخيرة، قمنا بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20 % في بلادنا، وهذا أمر غير مسبوق”.
مسألة الطاقة النووية
وبخصوص مسألة الطاقة النووية، أظهر الممثلون السياسيون الثلاثة خلافات بينهم.
ففي الوقت الذي رحب فيه أتال بخطة الحكومة “لإعادة إطلاق الطاقة النووية بـ 14 مفاعلا جديدا”، فقد انتقده بشدة بارديلا الذي يتهم إيمانويل ماكرون بإضعاف النظام الفرنسي.
بينما ممثل اليسار بومبار أقر بوجود خلافات في صفوف اليسار فيما يخص الطاقة النووية قائلا:”نحن لسنا متفقين جميعا”، ولهذا السبب سلط الضوء على “الديمقراطية البرلمانية” من خلال قانون الطاقة الذي سيتم مناقشته إذا حصلت الجبهة الشعبية الجديدة على الأغلبية في البرلمان.
الملف الحساس “الهجرة”
أما أكثر الملفات جدلا وحساسية في فرنسا وهو ملف الهجرة، فقد شهد تراشق حاد بين ممثلي الكتل الثلاثة وكيل الاتهامات فيما بينهم.
وقال بارديلا زعيم حزب “التجمع الوطني” المتطرف إنه سيخفض بشكل كبير تدفقات الهجرة إذا أصبح رئيسا للوزراء، وجدد اقتراحه بإلغاء قانون “حق الأرض” (والذي يسمح بمنح الجنسية الفرنسية للأطفال المولودين في فرنسا من أبوين أجانب بعد بلوغه سن الـ 13 بشرط أن يكون أتم 5 سنوات في المدارس الفرنسية).
أيضا أكد أنه سيقوم بإلغاء الرعاية الصحية المقدمة مجانا للأجانب، مشيرا إلى أن حزبه يتمنى ألا يكون الحصول على الجنسية الفرنسية تلقائيا.
أما بالنسبة لبومبار من اليسار، فقد شدد على أن المهاجرين في فرنسا لا يكلفون مالا، بل يجلبون المال على مدى السنوات العشر الماضية. وهو الرأي الذي انتقده جوردان بارديلا.
بدوره، أتال ممثل تحالف ماكرون فقد انتقد اقتراح بارديلا واعتبره مثيرا للجدل، والذي يخص منع الفرنسيين مزدوجي الجنسية من شغل مناصب استراتيجية حساسة، وقال:”الرسالة التي ترسلها هي أن مزدوجي الجنسية هم نصف مواطنين”.
اقرأ أيضا: اليمين المتطرف في فرنسا: سنحرم حاملي الجنسية المزدوجة من تقلد “مناصب حساسة”
وحث ممثل اليسار “بومبار” في نهاية المناظرة، على التصويت قائلا:”إن هناك شعورا بالخوف من رؤية اليمين المتطرف يصل إلى السلطة في فرنسا، والخوف من التشكيك في حرياتنا الأساسية وسياساتنا”؟.
أما أتال ممثل تيار ماكرون الوسطي، فقد أكد أن “فرنسا على موعد مع قيمها ومصيرها”.
يذكر أن هذه المناظرة عُقدت في الوقت الذي يتصدر فيه اليمين المتطرف استطلاعات الرأي، بنسبة 35% من نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية التي تنظم جولتها الأولى في 30 يونيو/حزيران الجاري والثانية في 7 يوليو /تموز المقبل، وفقا لمعهد “إيفوب” الفرنسي المتخصص في استطلاع الآراء.