أخبار العرب في أوروبا- السويد
تواجه العديد من المناطق السويدية انخفاضا حادا في عدد السكان، إذ يصف أحد خبراء النمو السكاني بأن سكان بلديات شمال البلاد “يتبخرون سريعا”.
ويبدو أن أبرز مثال لهذا الوصف هو بلدة ” Dorotea” الواقع في شمال السويد، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 آلاف نسمة، حيث وُلد فيها ثمانية أطفال فقط طوال العام الماضي 2023.
بينما شهدت نفس البلدة حتى منتصف عام 2024 إنجاب خمسة أطفال فقط، ما يعني استمرار أزمة الإنجاب والتي يمكن أن تكون مثال واضح لباقي بلديات ومناطق السويد.
وتعد بلدة ” Dorotea” واحدة من عشرات البلدات السويدية التي تعاني من تراجع سكاني حاد قد يهدد تواجدها واندثار بحلول العام 2050.
وبحسب تقرير نشره راديو السويد قبل أيام، فإنه تتعاون الآن عدة بلدات لمواجهة هذا التحدي وعكس اتجاه التراجع السكاني بزيادة السكان من خلال جذب المهاجرين من خارج وداخل السويد.
كما تحاول العديد من بلديات الشمال التي تعاني من انخفاض مستمر في عدد السكان، خلق فرص جديدة لجذب الهجرة إليها.
يشير تقرير الراديو إلى أن هذه البلدات قد تختفي من خارطة السكان في السويد قريبا، نتيجة الانخفاض الكبير في معدلات الولادة وعدم جذبها لأي نوع من الهجرات سواء الخارجية أو حتى الداخلية.
وبحسب التقرير فإن بلدة “Dorotea”فقدت أكثر من ربع سكانها خلال 10 سنوات، مما دفعها للتعاون مع ثماني بلدات مجاورة في مشروع مشترك لتسويق نفسها كمنطقة واحدة، بدلا من عشر بلدات صغيرة، وذلك بهدف جذب المزيد من السكان إلى المنطقة.
وتقول “صوفي بفروم”، المتحدثة باسم مشروع “تحرك نحو الشمال”: “نرى فائدة في العمل معا كبلديات في نفس المقاطعة”.
أضافت بأنه “غالبا ما يُنظر إلى المدن الكبيرة عند الحديث عن العمل والسكن والحياة و الاستثمارات، وعندما يُذكر الدعم، يُذكر الريف…لكننا لسنا مهتمين فقط بتقديم الدعم. لدينا فرص عمل أكثر من عدد العاطلين عن العمل. نحن بحاجة إلى المزيد من السكان ببساطة”.
وحاليا، تعمل البلدات العشر على توظيف مرشدين للمهاجرين الجدد، إذ سيعمل المرشدون معا لتسويق وإرشاد الأشخاص الراغبين في الانتقال إلى أي من هذه البلدات، التي تُطلق على نفسها اسم “المنطقة العاشرة”.
كذلك، من المتوقع أن تشهد هذه المناطق العديد من الاستثمارات الصناعية الكبيرة القريبة منها والتي دفعت المزيد من الناس لاكتشاف شمال السويد.
وفي ضوء هذه الاستثمارات، تأمل البلديات الداخلية في تسويق منطقتها أيضا.
توضح “صوفي” في هذا السياق:“هنا يمكنك شراء منزل بسعر منخفض نسبيا، لا تحتاج إلى قضاء اليوم في زحمة المرور”.
وتابعت:”يمكنك أيضا بناء مسار مهني ناجح والحصول على الدعم والمساعدات وفرص عمل و دراسة أفضل من أي مكان آخر في السويد يزدحم بالطوابير وفي نفس الوقت الاستمتاع بحياة يومية متوازنة”، حسب قولها.
40 % من العائلات السويدية تتكون من فرد واحد
وكانت إحصائية سويدية رسمية صدرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قد أظهرت أن نحو ثلث سكان السويد هم من أصول مهاجرة، فيما بلغت نسبة العائلات بالبلاد التي تتكون من فرد واحد فقط أكثر من 40%.
الإحصائية الصادرة عن مكتب الإحصاء السويدي، أشارت حينها إلى أن كلمة “من أصول مهاجرة” تعني أن الشخص مولود خارج السويد، أو والديه من مواليد خارج السويد.
لكن لو كان الشخص من أصول مهاجرة ومولود في السويد ووالديه مولدين في السويد، فإنه يدخل الإحصائية ضمن سكان السويد كـ”سويدي”.
يقول المكتب إن هذا يعني أن الجيل الثالث من المهاجرين في السويد جميعهم سويديين في إحصائيات السكان.
وذكرت الإحصائية أنه يعيش نحو مليوني شخص في السويد بمفردهم، وبالتالي فإن العائلات الأكثر انتشارا في السويد هي العائلات التي تتكون من شخص واحد فقط.
كما بينت الإحصائية أنه يوجد 4،9 مليون أسرة مسجلة في السويد، مشيرة إلى أن متوسط عدد أفراد الأسر في البلاد يتكون من شخصين فقط- مثل زوجين أو شريكين بمفردهم بدون أطفال، أو شخص واحد بالغ وطفل، أو بالغ واحد ومسن بالغ.
فيما العائلات التي لديها 3 أطفال أو أكثر نسبتها لا تتعدي 19% من مجموع العائلات السويدية.
أقل نسبة ولادات منذ 275 عاما
وخلال العام الماضي 2023، سجلت السويد أقل معدل ولادات منذ 275 عاما، فيما يبدو أن بداية “كارثة سكانية” وفقا لوصف وسائل إعلام محلية.
يأتي هذا بعد عامين منذ بدء تشديد سياسة الهجرة ووقف تدفق المهاجرين للسويد وبدء خروج المهاجرين من السويد باتجاه دولا أخرى.
اقرأ أيضا: الإعلام السويدي: عصابات تفرض “إتاوات” على أصحاب المحال التجارية في ستوكهولم
يقول التلفزيون السويدي في تقرير نشره في مارس/آذار الماضي، إن هذا الإجراءات بدأت تشير إلى تراجع حاد في معدل الولادات في البلاد، حيث تم تسجيل انخفاض حاد في نسبة المواليد الجدد.
وأوضح بأن السويد سجلت رقما قياسيا جديد غير متوقع في انخفاض معدل المواليد، ونسبة الولادات لكل امرأة، مؤكدا بأن الأرقام كانت الأقل في السويد منذ العام 1749، أي منذ 275 عاما مضت.
ووفقا للمصدر نفسه، فإن السويد تتجه في العام الحالي 2024 إلى تسجيل مستوى منخفض جديد سيكون بمثابة “كارثة في النمو السكاني”.
وأوضح بأنه في المتوسط، تلد السويديات الآن ما معدله 1.45 طفلا. وهو أدنى رقم منذ أن بدأت السويد في الإحصاءات، مضيفا بأن المرأة السويدية قليلة الخصوبة بمعنى قليلة الإنجاب وهذا الرقم 1.45 طفلا لكل امرأة برغم انه منخفض للغاية فهو بسبب النساء المهاجرات كثيرات الإنجاب.
وذكر بأنه ولد في يناير/كانون الثاني الماضي عدد أقل من الأطفال مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، مشيرا إلى أن السويد في الأساس تعاني من الشيخوخة، إذ أن أكثر من ثُلث السكان أما في مرحلة المسنين والتقاعد والشيخوخة أو قريب منها، وضعف المواليد الجدد يؤدي إلى ظهور مشكلة أكبر في شيخوخة المجتمع.
وذكر تقرير التلفزيون السويدي بأن آثار انخفاض الولادات بدأت تظهر مع اضطرار عدد من الروضات للإغلاق، منوها إلى أنه على المدى الطويل، سيتناقص بشكل حاد عدد الأشخاص الذين يقومون برعاية كبار السن وينخفض عدد العاملين في خدمات المجتمع ككل.
ولفت إلى أن الكثير من المواطنين يتحولون إلى التقاعد، في الوقت الذي لا يوجد فيه عدد كافي لتقديم خدمات مجتمعية وخدمات للمسنين.
وفي السويد ككل سجل تراجع كبير خلال شهر يناير/كانون الثاني 2024، حيث تم تسجيل 7900 ولادة فقط في تراجع بلغ 350 طفلا مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي 2023.
يشار إلى أن عدد سكان السويد يبلغ 10.67 مليون نسمة، لكن عدة دراسات تقول إنه في حال استمر هذا الانخفاض في عدد المواليد سينخفض عدد سكان البلاد بنحو مليون شخص بحلول العام 2040.