توقعات تشير إلى تحسن الوضع الاقتصادي في بريطانيا.. لكن الطريق مازال طويلا
أخبار العرب في أوروبا- بريطانيا
تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد البريطاني آخذ في التحسن، لكن التعافي من ركود العام الماضي سيكون طويلا وشاقا، ما لم يتم تعزيز الاستثمار العام.
تقول صحيفة “ذا غارديان” في تقرير نشرته أمس الأحد، إنه منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والفوضى والتردد اللذان تبعاه، أخرت الشركات الاستثمارات المخطط لها أو ألغتها، ما أدى إلى 8 أعوام من الركود.
وتؤكد الصحيفة أن نقص المهارات وانتشار جائحة كورونا طويل الأمد، الذي منع عشرات الآلاف من العاملين من العودة إلى وظائفهم، أدى إلى صعوبة التوظيف بالنسبة إلى أصحاب العمل، ما نتج عنه زيادات في الأجور أعلى من المتوقع.
وتعد الزيادات الأعلى من المعتاد في الرواتب أحد الأسباب التي دفعت بنك إنجلترا إلى تأخير تخفيضات أسعار الفائدة.
كذلك، فإن كثير من الاقتصاديين يعتقدون أنه دون خفض تكلفة الاقتراض، سيقاوم المستهلكون الإنفاق وسيظل الاقتصاد عالقا في مسار نمو منخفض، في وقت تستمر فيه المملكة المتحدة الاقتراض بكثافة لتمويل العجز في الإنفاق الحكومي.
الإنفاق تجاوز الإيرادات
وأشارت الصحيفة إلى أن الضرائب ارتفعت منذ 2021، لكن الإنفاق تجاوز الإيرادات لتلبية الالتزامات المتعلقة بالصحة والدفاع والمعاشات التقاعدية ومدفوعات الرعاية الاجتماعية المرتبطة بالتضخم.
هذا جعل وزير المالية السابق، جيريمي هانت، الوضع السيئ ليكون أكثر سوءا عندما وافق على تخفيضات في مساهمات التأمين الوطني، وقابل ذلك بتخفيض الاستثمار العام وتجميد ميزانيات الإدارات المتضررة بالفعل نتيجة التقشف لمدة 14 عاما.
وتنقل “ذا غاراديان” عن بعض الخبراء، قولهم، إننا كنا نعرف بالفعل حجم المشكلة – هل هم على حق؟ هذا ليس صحيحا.
لكن مكتب مسؤولية الميزانية، يحدد جهة التنبؤ المستقلة التابعة للحكومة، كل عام مدى العجز في الإنفاق العام، وفقا لما يقال له من وزارة المالية.
إلا أن الوزير السابق هانت أعطى صورة خاطئة لالتزامات الحكومة المحتملة، ما دفع ريتشارد هيوز، رئيس المكتب، إلى إعلان أن تقييم المكتب العام الماضي كان أشبه بعمل خيالي.
توضح الصحيفة في هذا السياق بأحد الأمثلة كيف يُطلب من الإدارات التعامل مع الالتزامات غير الممولة، حيث أوصت هيئات مراجعة أجور القطاع العام بزيادة رواتب المعلمين وبعض موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية 5.5 % هذا العام، ما يتجاوز بكثير معدل التضخم البالغ 3.2 % في مارس/آذار الماضي ومعدل الزيادة الحالي البالغ 2 % في مؤشر أسعار المستهلك.
والارتفاع الشامل في أجور القطاع العام يعني ارتفاع فاتورة الرواتب بما يصل إلى 10 مليارات جنيه إسترليني.
ولم يأخذ تجميد ميزانية وزارة الداخلية في الحسبان الحاجة إلى تجديد أنظمة مراقبة الحدود واللجوء للتعامل مع العدد الإضافي من الأشخاص الذين يصلون إلى المملكة المتحدة.
هل ستحدث خطط العمال فرقا
تقول الصحيفة إن السؤال الآن، هل ستحدث خطط حزب العمال التي تم إطلاعنا عليها فرقا؟ لقد ولت وعود الاستثمار العام الجامحة وغير الممولة خلال سنوات بوريس جونسون والتخفيضات الضريبية المتهورة في عهد ريشي سوناك.
تضيف:”سيستند نهج حزب العمال إلى فهم رصين لما هو مطلوب من أموال للحفاظ على البنية التحتية الحالية، مع التخطيط أيضا لتحسينات ميسورة التكلفة.
كذلك، فإن الأموال المخصصة لصندوق الثروة الوطنية وشركة “جي بي إينرجي” متواضعة وفقا للمعايير الدولية. مع ذلك، ثبت أن التسرع في إنفاق الأموال العامة يعد إهدارا لها.
هل هناك أي شيء آخر يمكنهم فعله؟ حاصرت راشيل ريفز، وزيرة المالية الجديدة لبريطانيا، نفسها بالتزامَين، وفقا لما ذكرت الصحيفة التي أشارت إلى أن وعد الوزيرة بالاعتراف في الميزانية العمومية للحكومة بالخسائر التي بلغت مليارات عدة من الجنيهات الإسترلينية التي تكبدها بنك إنجلترا، وبتبنّي قاعدة هانت للميزانية التي تجبرها على خفض الدين الحكومي كنسبة من الدخل الوطني في العام الخامس من التوقعات الرسمية.
اقرأ أيضا: تقرير: المناخ في بريطانيا ازداد حرا ومطرا
لكن التخلي عن كليهما من شأنه أن يحرر مبالغ كبيرة من المال لإنفاقها على مفتاح دفع عجلة النمو، المتمثل في الاستثمار العام.
جدير بالذكر أن أرقام رسمية صدرت في مايو/أيار الماضي أظهر خروج بريطانيا من الركود الاقتصادي مع تحقيق نمو أفضل من المتوقع في الربع الأول هذا العام. علما أن اقتصاد بريطانيا انكمش بنسبة 0.3 % في الربع الأخير من العام 2023، بعدما تراجع بنسبة0.1 % في الربع السابق.