رغم عودة التضخم إلى المعدل المستهدف .. اقتصاد بريطانيا لايزال يُعاني
أخبار العرب في أوروبا- بريطانيا
ورغم أن معدل التضخم عاد إلى الهدف (2%) في بريطانيا، وخرج الاقتصاد من الركود، لكن النمو لا يزال ضعيفا، وعليه فإن خطر عاصفة تضخمية جديدة لم ينته بعد.
وكانت تبعات أدت لتضرر الاقتصاد البريطاني من الجائحة ومعاناته أزمة الطاقة إلى تجاوز نسبة الديون 99% من الناتج المحلي الإجمالي.
وحاليا يقدر مكتب مسؤولية الميزانية أن أزمة الغاز قد تكلف الاقتصاد البريطاني في كل عقد 2-3% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، وترفع الدين العام بنسبة 13% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2050 ما لم يتم الابتعاد عن الوقود، بحسب مجلة “ذا هاوس”.
اقتصاد بريطانيا عُرضة لصدمات الأسعار
في السياق، حذرت ورقة بحثية جديدة صادرة عن شركة أونوارد بعنوان “التدرب على الهدف”، من أن التضخم قد يعود إلى هدف بنك إنجلترا البالغ 2%، لكن الاقتصاد البريطاني يظل عُرضة لصدمات الأسعار بشكل خطير.
وذكرت الورقة: ما زلنا نعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي، الذي يمثل 40% من استهلاك المملكة المتحدة للطاقة ــ رابع أعلى معدل بين دول أوروبا. ويسهم بنحو ثلث إمداداتنا من الكهرباء، مقارنة بنحو 16% فقط في ألمانيا و9% في فرنسا”.
وحاليا يحتاج أكثر من 8 من كل 10 منازل بريطانية إلى الغاز للتدفئة. وهذا الاعتماد هو سبب معاناة بريطانيا أسوأ تضخم بين دول مجموعة السبع على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
كذلك، تعتمد بريطانيا بشكل كبير على بعض الواردات الغذائية. فأكثر من 8 من كل 10 فواكه طازجة ونحو نصف الخضراوات الطازجة التي تباع في بريطانيا تُزرع في الخارج.
وتؤدي اضطرابات العرض، سواء كانت صعوبات تجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو أحداث الطقس المتطرفة التي تؤثر في مزارعي الدول الأخرى، إلى زيادة الأسعار في الداخل.
لكن انعدام الأمن الغذائي مدفوع أيضا بتأثير تغير المناخ محليا، أدت لانخفاض العائدات بمقدار الخمس بسبب هطول الأمطار الغزيرة غير العادية خلال الشتاء والربيع.
وهذه هي المحركات الأساسية للتضخم التي لا تستطيع السياسة النقدية حلها. لا تستطيع حكومة حزب العمال ضمان استقرار الأسعار.
وأي أزمة جديدة من شأنها أن تطيح بأي خطط. علما أن ارتفاع التضخم الأخير كلف الخزانة أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني على مدى عامين فقط.
استراتيجية استقرار التضخم
تقول الورقة البحثية إنه بدلا من ذلك، يجب على الحكومة تطوير برنامج مستهدف لجانب العرض من خلال استراتيجية استقرار التضخم للحد من انكشاف المملكة المتحدة لمحركات التضخم، وتعزيز قدرتها على الصمود أمام صدمات الأسعار.
أولا:
يجب على الحكومة البريطانية أن تنفذ خطة للتغلب على الحواجز أمام توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة “المحلية”.
هذا يستلزم مواصلة تحسين نظام التخطيط لتسريع عمليات الموافقة على مصادر الطاقة المتجددة وشبكات النقل، وتحديث اللوائح المالية لخفض تكاليف الاقتراض لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، والالتزام بتسعير الكهرباء على مستوى المناطق.
ثانيا:
يجب خفض الطلب على الغاز وتعزيز كفاءة الطاقة. وللقيام بذلك، كما يجب على الحكومة الجديدة زيادة جاذبية الاستثمار في العزل والكهرباء للأسر.
أيضا يتطلب هذا إدخال نظام قروض جديد لكفاءة استخدام الطاقة في المنازل وإلغاء الرسوم البيئية القديمة لخفض فواتير الكهرباء.
ثالثا:
مع تحول المملكة المتحدة بعيدا عن الوقود التقليدي، يجب التركيز على تنمية سلاسل التوريد القادرة على الصمود في مواجهة الضغوط التضخمية.
اقرأ أيضا: توقعات تشير إلى تحسن الوضع الاقتصادي في بريطانيا.. لكن الطريق مازال طويلا
لهذا ينبغي للحكومة الجديدة أن تعمل مع أعضاء “أوكوس” وغيرهم من الشركاء الإستراتيجيين لتأمين المعادن الحرجة ودعم مطوري شبكات الكهرباء.
وتؤكد الورقة البحثية على أنه يجب معالجة انعدام الأمن الغذائي مع زيادة آثار تغير المناخ، مشيرة إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال توسيع نطاق الزراعة في بيئات يتم التحكم فيها لتعزيز استقرار الإنتاج المحلي.
رابعا:
يجب تحديد ومعالجة فجوات المهارات في الصناعات التي ستحقق اقتصادا معتمدا على الكهرباء بقيادة الطاقة المتجددة.
وتشير الورقة إلى أنه يمكن تحقيق ذلك جزئيا من خلال تطوير جواز سفر للمهارات في صناعة الطاقة لتسهيل انتقال العمال بين القطاعات.
وكانت أرقام رسمية صدرت في مايو/أيار الماضي أظهر خروج بريطانيا من الركود الاقتصادي مع تحقيق نمو أفضل من المتوقع في الربع الأول هذا العام.
يذكر أن اقتصاد بريطانيا انكمش بنسبة 0.3 % في الربع الأخير من العام 2023، بعدما تراجع بنسبة0.1 % في الربع السابق.