أخبار العرب في أوروبا-فرنسا
في أولى تصريحاته منذ استلامه منصبه يوم الإثنين الماضي، عبّر وزير الداخلية الفرنسي الجديد، برونو ريتايو، المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، عن نيته إلغاء المساعدات الطبية الحكومية المعروفة بـ”AME”، و التي تسمح للأجانب المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا بالحصول على رعاية طبية.
وأبدى الوزير في مقابلة أجراها مع قناة “TF1” المحلية، انتقاده لهذا النظام، مؤكدا أنه لا يرغب في أن تصبح فرنسا “الدولة الأكثر جاذبية” بسبب ما وصفه بـ”المزايا الاجتماعية” التي يحصل عليها المهاجرون غير الشرعيون، مثل الرعاية الصحية.
ووأوضح أنه يريد استبدال هذه المساعدات بما يسمى “المساعدة الطبية الطارئة”، والتي تتيح بالفعل علاج الحالات الطبية الطارئة في فرنسا بغض النظر عن الوضع القانوني للأشخاص.
علما أن هذا الموضوع كان محل نقاش سياسي في عدة مناسبات سابقة، وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد حاول إلغاء هذه المساعدات العام الماضي خلال مناقشة قانون الهجرة، إلا أن المجلس الدستوري أقرّ استمرارها.
وهذه المساعدات لا تغطي كافة تكاليف العلاج، إذ تتحمل الدولة جزءا فقط من النفقات فيما يخص المهاجرين غير الشرعيين المقيمين على الأراضي الفرنسية.
تعزيز عمليات الطرد
وعاد الوزير ريتايو وكرر صباح أمس الثلاثاء، على قناة “Europe 1/CNews” أنه ينوي زيادة عدد أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية.
وقال في هذا الصدد: “معدل تنفيذ هذه القرارات منخفض للغاية حاليا، حيث لا يتجاوز 10%”.
وضمن خطته، أعلن الوزير أنه سيجتمع مع المحافظين من 10مقاطعات تواجه مشاكل الهجرة الأكبر، بهدف تكثيف عمليات الطرد وتقليل تنظيم أوضاع المهاجرين.
ورغم أن عمليات ترحيل المهاجرين شهدت ارتفاعا منذ عام 2020، حيث قامت فرنسا بترحيل 12,384 مهاجرا في 2020، وصولا إلى 17,048 في 2023، إلا أن الوزير يسعى إلى رفع هذه الأرقام بشكل أكبر.
إعادة تفعيل جريمة الإقامة غير القانونية
وفي سياق رؤيته لملف الهجرة، أبدى ريتايو أسفه لإلغاء جريمة الإقامة غير القانونية في فرنسا، والتي ألغيت في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند.
وأضاف الوزير:”دخول شخص إلى فرنسا بشكل غير قانوني يعد مخالفة للقانون، ويجب إعادته إلى بلاده”، معتبرا أن “هذه الخطوة تهدف إلى تضييق الخناق على المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون فرنسا”.
واستند الوزير في موقفه إلى تزايد الهجرة إلى فرنسا خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع عدد المهاجرين في فرنسا إلى 7 ملايين في 2022، ما يشكل 10.3% من إجمالي السكان، مقارنة بـ7.4% في 1975.
ورغم ذلك، يعتبر بعض الخبراء أن هذا الارتفاع طبيعي نتيجة لتزايد عدد سكان العالم.
اتفاقيات مع دول المغرب العربي لمكافحة الهجرة
ومن ضمن خطط ريتايو، تأتي رغبته في توقيع اتفاقيات جديدة مع دول المغرب العربي بهدف تعزيز السيطرة على تدفق المهاجرين.
وأشار إلى نموذج الاتفاقيات التي وقعتها إيطاليا مع ليبيا وتونس، والتي يراها كخطوة ناجحة في تقليل أعداد المهاجرين الواصلين إلى الشواطئ الإيطالية.
اقرأ أيضا: الجدل حول الهجرة بإسبانيا يتجاوز الخلاف السياسي ويصبح الشاغل الأكبر للمجتمع
وبالرغم من نجاحها النسبي، إلا أن هذه الاتفاقيات تعرضت لانتقادات بسبب اتهامات بتمويل خفر السواحل الليبي لإعادة المهاجرين إلى ليبيا حيث يتعرضون لانتهاكات حقوقية.
كما تطرق الوزير إلى الانتقادات الموجهة إلى السلطات التونسية التي يُتهم بعضها بملاحقة المهاجرين واحتجازهم وإرسالهم إلى مناطق صحراوية نائية بالقرب من الحدود الليبية والجزائرية.
تعزيز التعاون الأوروبي في مجال الهجرة
كذلك، فقد أكد وزير الهجرة الفرنسي الجديد على ضرورة تعزيز القوانين الأوروبية المتعلقة بالهجرة، لافتا إلى رغبته في إقامة تحالف مع الدول الأوروبية الكبرى لتشديد القيود المفروضة على الهجرة.
واستشهد بما قامت به إيطاليا من تشريعات صارمة مثل “مرسوم بيانتدوسي”، الذي فرض قيودا على سفن الإنقاذ الإنسانية في البحر المتوسط، وهو ما أدى إلى احتجاز بعض السفن التي لم تلتزم بتعليمات السلطات الإيطالية.
لكن هذا المرسوم أثار انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية وإنسانية، حيث اعتبرت أن “التشريعات تعيق عمليات إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط وتعرض حياتهم للخطر، في مخالفة واضحة لقوانين الاتحاد الأوروبي” بهذا الخصوص.