أخبار العرب في أوروبا-متابعات
في أعقاب الهجومين المميتين بسكاكين في زولينغن ومانهايم، تصاعد الجدل في ألمانيا حول كيفية مواجهة الهجرة غير القانونية.
هذه الأحداث الدموية دفعت الحكومة الألمانية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لتشديد الرقابة على الحدود، رغم احتجاج الدول المجاورة التي تعتبر أن هذه التدابير قد تؤثر سلبًا على حرية التنقل.
تشديد الضوابط الحدودية
وأعلنت السلطات الألمانية في 16 أيلول/سبتمبر الجاري عن تشديد عمليات التفتيش على حدودها مع جميع جيرانها التسعة، في محاولة للحد من تدفق المهاجرين غير القانونيين.
وتقول الداخلية الألمانية، إن هذه الإجراءات تهدف إلى مواجهة التهديدات الأمنية التي تشكلها الجماعات الإسلاموية الإرهابية، بالإضافة إلى كبح منظمات الجريمة العابرة للحدود. وقد أثيرت هذه الخطوة جدلا واسعا في الأوساط السياسية الأوروبية.
ردود فعل الدول المجاورة
لكن هذه الإجراءت تسببت في احتجاجات من بعض الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
من بين الدول التي أعربت عن اعتراضها كانت بولندا والنمسا واليونان. إذ اعتبر رئيس وزراء بولندا، دونالد توسك، أن هذا التحرك من برلين “غير مقبول”.
بينما أعرب رئيس الوزراء اليوناني، كرياكوس ميتسوتاكيس، عن قلقه من أن “إلغاء معاهدة شينغن بشكل أحادي ليس حلا”.
ورغم الاحتجاجات، فإن ألمانيا، التي تقع في قلب أوروبا ومنطقة شنغن، تمثل ركيزة أساسية في الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن تستمر الضوابط الحدودية الجديدة لمدة ستة أشهر، قابلة للتمديد.
التأثير على المشهد السياسي الداخلي
ومع اقتراب الانتخابات العامة المقررة في ألمانيا العام المقبل 2025، زادت الضغوط على الحكومة برئاسة المستشار أولاف شولتس لتشديد موقفها تجاه الهجرة غير الشرعية وطالبي اللجوء.
وقد هيمنت هذه المسألة على انتخابات الولايات مؤخرا، مما ساعد الأحزاب المناهضة للهجرة على تعزيز مواقفها. لكن التحديات المتعلقة بالهجرة ليست مقصورة على ألمانيا فحسب؛ فقد شهدت دول أوروبية أخرى صعود الأحزاب اليمينية، مما دفع الحكومات إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه الهجرة.
آراء الخبراء حول فعالية الضوابط الحدودية
ورغم التصريحات الحكومية، يعبر الخبراء عن شكوكهم في فعالية الضوابط الحدودية كوسيلة للحد من الهجرة.
في هذا السياق يشير المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إلى أن “هناك بدائل للإجراءات التقييدية”، مثل تنفيذ نظم لجوء أسرع وأكثر عدلا. وذكر أن التركيز على الضوابط الحدودية لن يردع الفارين من الأوضاع السيئة.
بدوره، أكد الباحث في شؤون الهجرة، غيرالد كناوس، أن التمديد الحالي للضوابط على جميع حدود ألمانيا لن يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في أعداد طالبي اللجوء.
وقال إن “الذين يتوقعون أن تؤدي الضوابط الحدودية إلى تقليل الهجرة غير الشرعية، يصنعون آمالا لا يمكن تحقيقها”.
وأكد على أن العديد من مرتكبي الجرائم قد تحولوا إلى التطرف داخل ألمانيا، مما يشير إلى أن الضوابط الحدودية ليست الوسيلة الفعالة لمواجهة الإرهاب.
منطقة شنغن وتأثيرها على الهجرة
ومنطقة شنغن تتيح التي تضم غالبية دول الاتحاد الأوروبي، تتيح حرية الحركة لأكثر من 425 مليون مواطن.
وبدأت هذه المنطقة كمشروع حكومي دولي مع خمس دول في عام 1985، وتوسعت على مر السنين لتشمل معظم دول الاتحاد.
لكن، ورغم الجدل حول الضوابط الجديدة، فإن ألمانيا ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي فرضت قيودا؛ فهناك تدابير مؤقتة أيضا في دول أخرى مثل النمسا والدنمارك.
السعي نحو العضوية الكاملة لبلغاريا ورومانيا
وبينما تسعى بلغاريا ورومانيا لتحقيق عضويتهما الكاملة في منطقة شنغن، تواجهان معارضة من دول مثل النمسا. انضمت هاتان الدولتان جزئيا إلى المنطقة في 31 آذار/مارس الماضي، حيث جرى رفع الضوابط المفروضة على السفر الداخلي، لكن لا تزال الضوابط على الحدود البرية قائمة.
ويتوقع المسؤولون في الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرار بشأن منح العضوية الكاملة بحلول نهاية العام.
التحذيرات بشأن النظام الجديد لمراقبة الحدود
كما حذرت ألمانيا وفرنسا وهولندا من أن النظام الجديد لمراقبة الحدود، المسمى “نظام الدخول والخروج”، ليس جاهزا للعمل به في 10 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقد أشار دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي إلى أن أكبر ثلاث دول في الاتحاد تجري محادثات مع المفوضية الأوروبية لتحديد جدول زمني جديد لإطلاق النظام.
ويشمل هذا النظام الآلي تسجيل معلومات المسافرين القادمين من دول خارج الاتحاد، مثل صور الوجه وبصمات الأصابع.
اقرأ أيضا: ألمانيا تُشدد مراقبة الحدود.. هل يهدد هذا مستقبل اتفاقية شنغن ؟
يذكر أن قضية الهجرة غير القانونية موضوعا معقدا في أوروبا، إذ يتطلب توازنا دقيقا بين الأمن وحقوق الإنسان.
وبينما تسعى الدول الأوروبية لتشديد الضوابط الحدودية، يشدد الخبراء على ضرورة تطوير استراتيجيات أكثر شمولا وفعالية، بدلا من الاعتماد على القيود الحدودية التي قد لا تساهم بشكل فعّال في حل المشكلة.