أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
كشفت دراسة حديثة عن أن أكثر ما يخيف الألمان يتمثل في شبح أن تكون محافظ نقودهم فارغة، حيث أظهرت الدراسة السنوية التي تصدرها شركة “آر + في” الألمانية للتأمين أن الخوف من ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل كبير يعد مصدر الخوف الأول بين الألمان خلال عام 2024، وذلك للمرة الثالثة على التوالي.
ورغم استمرار انخفاض معدلات التضخم وارتفاع الأجور، لا يزال الكثير من الألمان يشعرون بالقلق، خاصةً أنهم يواجهون ارتفاع الأسعار عند التسوق.
وقالت جريشا بروير رابينوفيتش، الخبيرة التي أشرفت على الدراسة في تصريح للتلفزيون الألماني (DW) اليوم الجمعة، إن هذا الخوف “متجذر في ألمانيا”.
وأضافت أن”الخوف من ارتفاع تكاليف المعيشة احتل المرتبة الأولى تقريبا 14 مرة من بين 33 عاما منذ بدء الدراسة”. وأوضحت أن مجرد ارتفاع الأسعار يعيد هذا الخوف إلى الظهور.
تحسن في المزاج العام
وخلال الدراسة التي أجريت هذا العام، تم استطلاع آراء 2400 شخص تتراوح أعمارهم من 14 عاما فما فوق، وذلك خلال الفترة ما بين يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين.
وأكد المشرفون على الدراسة أن الاستطلاع كشف عن تحسن في المزاج العام مقارنة بالعام الماضي. ورغم احتلال الخوف من ارتفاع تكاليف المعيشة المرتبة الأولى، إلا أن نسبته انخفضت بنحو 8% مقارنة بـ 2023.
وأفادت رابينوفيتش:”لقد فوجئنا حقا بأن مخاوف معظم الناس بدأت في الانخفاض بشكل عام، خاصةً في ضوء المناقشات الساخنة العديدة التي تُجرى في وسائل الإعلام”.
ورغم ذلك، لا تزال المخاوف بشأن الاقتصاد مرتفعة. ونظرا للمناقشات الضخمة حول الهجرة، لم يُفاجأ الباحثون عند رصد أن القضيتين قد أصبحتا في مرتبة مرتفعة.
الهجرة والسكن
أما بالنسبة للهجرة، فقد كشف الاستطلاع عن وجود مصدرين للقلق احتلا المراتب الخمس الأولى.
الأول هو الخوف من أن تصبح الدول مثقلة بسبب اللاجئين، والثاني هو الخوف من حدوث توترات بسبب تدفق الأجانب.
ومع ذلك، فإن أرقام العام الجاري أقل من مثيلاتها في عام 2016، عندما بلغت معدلات الهجرة إلى ألمانيا أعلى مستوياتها. وأظهر الاستطلاع أن سكان شرق ألمانيا أكثر قلقا من الهجرة مقارنة بسكان غربها.
وأشارت الدراسة كذلك إلى أن الخوف من ارتفاع إيجار السكن إلى مستويات لا يمكن تحملها احتل المرتبة الثالثة.
في هذا السياق، أوضحت رابينوفيتش في حديثها للتلفزيون الألماني أنه قبل عامين أو ثلاثة شهدت البلاد احتجاجات على غلاء السكن، “لكن في الوقت الراهن، هناك قضايا أخرى اكتسبت الأولوية. ومع ذلك، يدرك الناس هذه المشكلة في جميع أنحاء ألمانيا ويولونها اهتماما كبيرا”.
هل يضخم الإعلام مخاوف الألمان؟
فيما يتعلق بالمخاوف الأخرى التي احتلت المراتب العليا بين الألمان، احتل الخوف من زيادة الضرائب أو خفض المزايا المرتبة الخامسة، بينما احتل الخوف من انحدار الاقتصاد المرتبة الثامنة.
ويظهر أن قضيتين اقتصاديتين قد تراجعتا إلى ذيل قائمة المخاوف العشرة الأولى، وذلك بما يتماشى مع أحدث البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي في تقريره عن التوقعات الاقتصادية العالمية.
وكانت بيانات صندوق النقد الدولي قد أظهرت أن ألمانيا تراجعت إلى المرتبة الحادية والعشرين على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي من حيث تعادل القوة الشرائية.
وعلقت رابينوفيتش قائلة:”بالطبع، تؤثر وسائل الإعلام أيضا على مخاوف الناس من خلال التغطية المكثفة لقضايا معينة”.
وتابعت:”لقد رأينا هذا مرارا وتكرارا على مدار السنوات الـ 33 الماضية منذ أن شرعنا في إجراء هذه الدراسة. ولكن في الوقت نفسه، بات الناس أكثر حساسية تجاه الأحداث الملموسة على أرض الواقع مثل ارتفاع الأسعار أو الهجمات الإرهابية”.
ارتفاع المخاوف من الإرهاب
وعلى وقع ذلك، ارتفعت المخاوف من حدوث هجمات إرهابية أو تصاعد التطرف السياسي إلى أعلى مستوياتها منذ العام الماضي.
وكشفت الدراسة عن أن الألمان يخشون أولا من “الإرهاب الإسلاموي”، ثم يأتي التطرف اليميني في المرتبة الثانية.
في السياق ذاته، أفادت الدراسة بتراجع الخوف من الكوارث الطبيعية إلى المرتبة الثالثة عشرة هذا العام، فيما تراجعت المخاوف بشأن تغير المناخ إلى المرتبة الخامسة عشرة.
يأتي ذلك على الرغم من أنه في عام 2010، بلغ الخوف من الكوارث الطبيعية ذروته بزيادة 20 نقطة مئوية.
ويقول القائمون على الدراسة إنه يتعين على السياسيين الإلمام بنتائج الاستطلاع نظرا لأن الخوف من اعتلاء سياسيين غير أكفاء المناصب العليا في البلاد، جاء في مرتبة أعلى من خشية زيادة حدة الاستقطاب المجتمعي.
اقرأ أيضا: هل تساعد الضوابط الحدودية في الحد من الهجرة غير القانونية إلى ألمانيا ؟
كذلك، ذكرت الدراسة: “يعتقد نصف الأشخاص الذين استطلع آراءهم بأن الساسة لم يعودوا قادرين على حل مشاكلنا، وأنهم لا يستطيعون حل مشاكلهم. وعند سؤالهم عن تقييمهم للسياسيين من 1 إلى 6، كان متوسط التقييم للسياسيين 4. واحد من كل ثلاثة أشخاص شملهم الاستطلاع أعطى 5 أو 6. وهذا يبعث برسالة مقلقة”.
وتُظهر نتائج هذه الدراسة كيف يمكن أن تتداخل القضايا الاقتصادية والاجتماعية في تشكيل المخاوف العامة في المجتمع الألماني، مما يستدعي اهتماما أكبر من قبل صناع القرار لفهم هذه المخاوف ومعالجتها، بحسب ما يؤكده القائمون على هذه الدراسة.