أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الألماني يأمل في انتعاشه الصيف الماضي، شهد نموا ضعيفا خلال الربع الثالث من العام 2024.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في أوروبا ارتفع بنسبة 0.1% فقط بين شهري تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر، وهو أقل من التوقعات الأولية.
ويعود هذا النمو المحدود جزئيا إلى ضعف الإنفاق الحكومي والمستهلكين الذي كان أعلى قليلا من المتوقع، مما يثير القلق بشأن قدرة الاقتصاد الألماني على التعافي في الفترة القادمة.
الركود الفني وتوقعات بشتاء صعب
رغم أن الاقتصاد لم يشهد ركودا فنيا في الربع الثالث، حيث لم يسجل انخفاضا متتاليا في الناتج المحلي الإجمالي بعد انخفاض 0.3% في الربع الثاني، فإن المخاوف لا تزال قائمة.
وزير المالية الألماني يورغ كوكيز حذر من أن الأزمة الاقتصادية قد تستمر لفترة أطول، مؤكدا ضرورة عدم التقليل من خطورة الوضع.
كما أشار المحلل الاقتصادي كارستن برزيسكي إلى أن هذه الأرقام تمثل “تأكيدا على أن الاقتصاد الألماني غارق في الركود” مع ترقب ركود شتوي قد يفاقم الأزمة.
الأزمة الصناعية والتحديات التجارية
ويشكل القطاع الصناعي الألماني أحد أكبر العوامل التي تسهم في تراجع النمو، حيث يعاني من أزمة القدرة التنافسية نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة وتراجع الطلب العالمي.
الصناعة الألمانية، التي تمثل أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، تواجه صعوبة في التكيف مع هذه التحديات، ما يؤدي إلى تراجع الإنتاج الصناعي بشكل مستمر.
الاتحاد الصناعي الألماني حذر من أن الإنتاج الصناعي قد ينخفض بنسبة 3% هذا العام، ليكون بذلك الانخفاض الثالث على التوالي، مع توقعات بعدم وجود آفاق قريبة للتعافي في 2025.
تحديات تواجه الصادرات الألمانية
من المعروف أن الصادرات تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الألماني، لكن هذه الصادرات تتعرض لضغوط كبيرة نتيجة لسياسات الحماية التجارية من الصين والولايات المتحدة.
في الفترة من تموز/يوليو إلى أيلول/سبتمبر، سجلت الصادرات الألمانية انخفاضًا حادًا بنسبة 1.9%، ما يعكس تراجع القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
توقعات متشائمة
وتتوقع الحكومة الألمانية أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 0.2% في العام 2024، في حين يُتوقع أن تسجل منطقة اليورو نموا بنسبة 0.8%.
ومن غير المرجح أن يشهد العام المقبل تعافيا ملحوظا في الاقتصاد الألماني، حيث تتوقع الحكومة نموا بنسبة 1.1%، في حين يرى بعض الخبراء أن النمو لن يتجاوز 0.4%.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: أوروبا أمام شتاء قارس بسبب أزمة الطاقة ونقص الغاز
رغم ذلك، سجل الإنفاق الاستهلاكي نموا طفيفا بنسبة 0.3% بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر، وهو ما يعكس تحسنا جزئيا في النشاط الاقتصادي، لكن الخبراء يشيرون إلى أن هذه الزيادة تعود بشكل أكبر إلى الإنفاق العام بدلا من زيادة في مشتريات الأسر.
التضخم والضغط على المستهلكين
لم تنتهِ بعد الضغوط التضخمية التي يعاني منها الاقتصاد الألماني، حيث ارتفع التضخم إلى 2% في أكتوبر/تشرين الأول 2024 مقارنة مع نفس الشهر في العام السابق.
هذا الارتفاع في الأسعار قد يثني المستهلكين عن الإنفاق، ما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.
من أجل تحفيز النمو بشكل مستدام، يدعو الخبراء إلى خفض معدل الادخار المرتفع بشكل غير عادي في الوقت الحالي، وهو ما يعد من الخطوات الأساسية لتحفيز الاستهلاك الداخلي.
تأثير دونالد ترامب
يضاف إلى التحديات المحلية تهديدات خارجية تتمثل في عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يناير/كانون الثاني المقبل.
ويرجح البعض أن عودة ترامب قد تكون لها تبعات سلبية على الاقتصاد الألماني، حيث قد يتسبب رفع الرسوم الجمركية، وهو أحد وعود ترامب، في خسارة ألمانيا 1% من ناتجها المحلي الإجمالي.
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تؤثر سياسات ترامب الضريبية والتنظيمية في قدرة الشركات الألمانية على المنافسة عالميا.
وفي ظل التحديات الاقتصادية، تواجه حكومة المستشار أولاف شولتس انخفاضا في شعبيتها.
ويعتقد البعض أن هذه التحديات الاقتصادية قد تؤثر سلبا على نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في 23 شباط/فبراير 2025، حيث يُتوقع أن تُعاقب الحكومة في صناديق الاقتراع.
مفترق طرق
بين التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية، يبقى الوضع الاقتصادي في ألمانيا في حالة من الترقب وعلى مفترق طرق.
ورغم بعض المؤشرات الإيجابية، فإن الأزمة الاقتصادية ما زالت تلوح في الأفق، مما يتطلب استجابة سريعة وفعالة من الحكومة الألمانية لمواجهة هذه التحديات.