أخبار العرب في أوروبا-متابعات
بعد سنوات من النزاع الدموي، أصبح سقوط نظام بشار الأسد في سوريا لحظة فارقة مليئة بالأمل بالنسبة لنحو 6 ملايين سوري لاجئ حول العالم.
العديد من هؤلاء السوريين عانوا من التشرد لأكثر من عقد، وهم الآن يترقبون العودة إلى وطنهم في ظل تحولات سياسية قد تغير مجرى الأمور.
وبينما يعد هذا التغيير لحظة أمل بالنسبة للاجئين، فإن المجتمعات المضيفة بدأت تتعامل مع هذه العودة على أنها فرصة للتخفيف من عبء وجود اللاجئين.
في لبنان، حيث يشكل اللاجئون السوريون حوالي ثلث السكان، دعا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى عودتهم بسبب الضغوط الاقتصادية والسياسية.
أما النمسا، التي تستضيف 100 ألف لاجئ سوري، أعلنت الحكومة عن “مكافأة عودة” لتحفيز العودة الطوعية.
ورغم الدعوات التي أطلقها عدد من المسؤولين في الدول المضيفة، تبقى العودة إلى سوريا محفوفة بالعديد من المخاطر. الوضع الأمني غير مستقر في الكثير من المناطق التي ما زالت تعاني من آثار النزاع، ما يجعل العودة عملية محفوفة بالصعوبات. هناك أيضا نقص حاد في المساكن والفرص الوظيفية، ما يعزز من القلق بين اللاجئين.
أما الدول الأوروبية الأخرى التي تستضيف السوريين قد تواجه تحديات قانونية في التعامل مع ملفات العودة، إذ أن هناك نحو 180 ألف سوري في الاتحاد الأوروبي حاملين تصاريح إقامة طويلة الأمد، بينما حصل أكثر من 300 ألف على الجنسية الأوروبية.
ولكن بالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يحملون وضع اللاجئ ويقدر عددهم بنحو مليون شخص، قد تكون العودة القسرية هي الخيار المحتمل، خاصة في ظل تغير الوضع الأمني في سوريا.
ومن غير المتوقع أن تكون العودة إلى سوريا قرارا سهلا أو سريعا. فقد يتطلب الأمر سنوات من التقييم المستمر للوضع في سوريا، مع ضرورة وجود سياسات تشجع العودة الطوعية فقط وتضمن حقوق اللاجئين.
ويتعين على الدول المضيفة العمل على وضع سياسات توفر الأمان القانوني للسوريين في حال قرروا البقاء، بينما تسعى إلى دعم سوريا لتكون بيئة آمنة ومهيأة للعودة في المستقبل.
في النهاية، فإن عودة اللاجئين السوريين بعد أكثر من عقد من الحرب التي شنها النظام المخلوع ضد معارضيه بعد ثورة شعبية بدأت في عام 2011، لا يمكن أن تكون مجرد حلم، بل يجب أن تكون عملية طويلة الأمد تعتمد على تحقيق استقرار سياسي وأمني في سوريا.
وفي نفس الوقت، ينبغي على الدول المضيفة أن تتبنى سياسات أكثر مرونة وواقعية لدعم اللاجئين مع ضمان حقوقهم القانونية والإنسانية.