
أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
يواجه الاقتصاد الألماني تحديات كبيرة في وقت يشهد فيه ركودا غير مسبوق، حيث لم يسجل أي نمو اقتصادي منذ خمس سنوات.
هذا التحول المذهل جاء بعد عقود من النجاح الباهر الذي جعل من الاقتصاد الألماني نموذجا يحتذى به عالميا بفضل تصديراته من المنتجات الهندسية المتقنة، مثل الآلات الصناعية والسيارات الفاخرة.
وفي تحليل نشرته وكالة “أسوشيتد برس”، استعرضت الأوضاع الاقتصادية الحالية في ألمانيا بناءً على بيانات اقتصادية وآراء خبراء، وتوصلت إلى أن هناك خمسة عوامل رئيسية أدت إلى تراجع الاقتصاد الألماني، الذي كان في السابق يُلقب “بالمعجزة الاقتصادية”:
صدمة الطاقة الروسية
أثرت الحرب الروسية على أوكرانيا بشكل كبير على إمدادات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا، حيث كانت روسيا الشريك الرئيسي في تزويد ألمانيا بالطاقة الرخيصة.
وبعد توقف الإمدادات الروسية، ارتفعت أسعار الغاز والكهرباء، ما ألحق أضرارا بالغة بالصناعات الكبرى مثل الصلب والأسمدة.
إضافة إلى ذلك، لم تتمكن الطاقة المتجددة من تلبية احتياجات البلاد بالسرعة المطلوبة.
الصين من شريك إلى منافس
كانت ألمانيا تستفيد بشكل كبير من صادراتها إلى السوق الصينية الضخمة. ومع مرور الوقت، أصبحت الصين منافسا رئيسيا بعد أن بدأت شركاتها في تصنيع المنتجات التي كانت ألمانيا تهيمن عليها، مثل السيارات والألواح الشمسية، ما أثر سلبا على القدرة التنافسية للمنتجات الألمانية في السوق العالمية.
تقليص الاستثمارات
على الرغم من التركيز على تحقيق ميزانيات متوازنة، فقد أدى تقليص الاستثمارات في البنية التحتية إلى تأخير في تحديث المشاريع الحيوية مثل السكك الحديدية والإنترنت عالي السرعة.
هذا التقاعس جعل البلاد تواجه تأخيرات مزمنة في مشاريع حيوية أساسية تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد.
واليوم، يعاني الألمان من تأخيرات القطارات المستمرة، وتأخر مشاريع إصلاح الطرق، وانقطاع الإنترنت في بعض المناطق الريفية.
كذلك، تأخرت خطوط نقل الكهرباء من شمال ألمانيا، الغني بطاقة الرياح، إلى المصانع في الجنوب لعدة سنوات ولن تكتمل قبل 2028.
كما تم إغلاق جسر رئيسي يربط منطقة الرور الصناعية بجنوب البلاد في 2021 بسبب مخاوف تتعلق بمتانته، ولن يكون البديل جاهزاً قبل 2027.
نقص العمالة الماهرة
تعاني الشركات الألمانية من صعوبة في العثور على عمالة ماهرة في عدة مجالات حيوية مثل تكنولوجيا المعلومات، الرعاية الصحية، والفندقة.
تزايدت هذه المشكلة نتيجة لشيخوخة السكان، وانخفاض اهتمام الشباب بالأعمال التي تتطلب مهارات متخصصة، بالإضافة إلى تعقيد الإجراءات البيروقراطية التي تحد من جذب العمالة الأجنبية.
البيروقراطية المفرطة
تعد الإجراءات البيروقراطية المعقدة في ألمانيا من أبرز العوائق التي تواجه المشاريع الاستثمارية، حيث يمكن أن تستغرق الموافقات الرسمية سنوات، مما يؤدي إلى تأخير الأعمال والابتكار.
على سبيل المثال، يستغرق الحصول على التصاريح لبناء مشاريع طاقة الرياح سنوات، مما يعوق التحول إلى الطاقة المتجددة.
هذه العوامل مجتمعة تسلط الضوء على التحديات العميقة التي تواجه الاقتصاد الألماني، والتي تهدد بتقويض مكانته كأكبر اقتصاد في أوروبا وثالث أكبر اقتصاد في العالم.