
أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
حث وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس على ضرورة اتخاذ تدابير فورية وجذرية لتعزيز القدرة الدفاعية لألمانيا، من ضمنها زيادة الإنفاق العسكري بشكل كبير، وعودة التجنيد الإلزامي.
جاءت هذه التصريحات في مقابلة مع صحيفة “تايمز”، أمس الثلاثاء، حيث أكد بيستوريوس أن ألمانيا يجب أن تكون مستعدة لمواجهة تهديدات محتملة من روسيا في المستقبل القريب، خاصة في سياق التوترات المتصاعدة في أوروبا.
وقال الوزير: “إن ألمانيا بحاجة إلى قفزة كبيرة للأمام لتنشيط اقتصادها المتعثر، من خلال استثمار كبير في الجيش، ليس فقط لأجل الأمن الحالي، بل لضمان مستقبل الأجيال القادمة”.
وأضاف أن “الأمن هو الأساس لكل شيء آخر، ازدهارنا، مجتمعنا، وطريقتنا الأوروبية في الحياة”.
وأوضح بيستوريوس أن حلف الناتو قد يطلب من ألمانيا تعبئة حوالي نصف مليون جندي إذا تعرض الحلف لهجوم من قبل روسيا.
كما حذر من أن التعامل مع هذا الوضع يتطلب مواجهة صريحة حول ضرورة الاقتراض لتمويل الاستعدادات العسكرية. وشدد على أن هذه الاستثمارات ضرورية لضمان أمن البلاد ومستقبل الأجيال القادمة.
الإنفاق العسكري والتجنيد الإلزامي
وأشار الوزير إلى أن ألمانيا تنفق حاليا حوالي 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي نسبة غير كافية بالنظر إلى الوضع الأمني الراهن.
وتضم هذه النسبة صندوقا لإعادة التسلح قيمته 100 مليار يورو، والذي سينفد في غضون عامين أو ثلاثة.
بعد ذلك، ستعود الميزانية الأساسية للدفاع إلى حوالي 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى يعتبره بيستوريوس “غير كافٍ على الإطلاق”.
وأكد الوزير أنه من الضروري رفع الإنفاق إلى 3% على الأقل، أو حتى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يستدعي تخصيص 70 مليار يورو إضافية سنويا، مع التركيز على تعزيز القدرة الصناعية الدفاعية، خصوصا أسطول البحرية الألمانية الذي يعد الأصغر منذ خمسينيات القرن الماضي.
أيضا دعا وزير الدفاع الألماني إلى إعادة تطبيق التجنيد الإلزامي الذي تم تعليقه في عام 2011، مشيرا إلى أن توسيع الجيش يتطلب استعادة هذا النظام بشكل تدريجي.
واقترح أن يتم تدريب الشباب الأكثر لياقة في خدمة وطنية لمدة 6 أشهر، مع إمكانية تمديد الخدمة إلى 23 شهرا.
التهديد الروسي
وبحسب تقديرات وزارة الدفاع الألمانية، فإن حلف الناتو قد يطلب من ألمانيا تعبئة ما يقرب من نصف مليون جندي في حالة حدوث هجوم روسي.
وأكد بيستوريوس أن هذا الوضع يتطلب نقاشا صادقا حول ضرورة تحمل الديون لتمويل هذه الاستعدادات العسكرية.
وأضاف “نحن بحاجة إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا. هذه استثمارات ضرورية لأمننا ومستقبل أطفالنا”.
تأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه أوروبا تحديات أمنية غير مسبوقة في ظل التهديدات الروسية المتصاعدة.
وحذر بيستوريوس من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يحتقر المجتمعات الغربية ويريد تغيير النظام الدولي”، معتبرا أن روسيا في حالة حرب مع الغرب.
معارضة داخلية
رغم تأييد بعض الأحزاب السياسية لخطة بيستوريوس، يواجه الوزير معارضة من شركائه في الائتلاف الحكومي.
ويعتقد أن التحديات الأمنية الحالية تعادل، إن لم تكن أكبر، من تلك التي واجهتها ألمانيا خلال الحرب الباردة، لكن العديد من الألمان لا يدركون بعد خطورة التهديدات الحالية.
وإلى جانب ذلك، شدد على ضرورة تعديل الدستور الألماني للسماح بزيادة الديون لتمويل الإنفاق الدفاعي دون التأثير على الرفاهية العامة، محذرا من أن التوترات بين الإنفاق على الدفاع والرعاية الاجتماعية قد تخلق انقسامات خطيرة في المجتمع.
جدير بالذكر أن استطلاعا للرأي أظهر أن 50% من الناخبين يدعمون هدف بيستوريوس في زيادة الإنفاق العسكري، بينما يرى 15% أن هذا الهدف ما زال دون المستوى المطلوب.
وتشهد ألمانيا يوم الأحد المقبل، 23 فبراير/شباط الجاري، انتخابات تشريعية مبكرة، حيث لا يزال التحالف المسيحي يتصدر نوايا التصويت، رغم تراجعه بنحو نقطتين في آخر استطلاع رأي. فقد بلغ تأييد الحزب 27%، بينما جاء حزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي يتبنى سياسات يمينية متطرفة، في المركز الثاني بنسبة دعم تصل إلى 20%.