ألمانيا تواجه أزمة اقتصادية عميقة.. تراجع الصناعة والصادرات في قلب الأزمة

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
تعيش ألمانيا في ظل أزمة اقتصادية عميقة لم تشهدها منذ عقود، نتيجة للتراجع المستمر في قطاع الصناعة والصادرات، بالإضافة إلى التغيرات التي يشهدها العالم والتي قد تؤثر على اقتصادها.
مع دخول 2025، يستمر أكبر اقتصاد في أوروبا في مواجهة صعوبات متعددة، تتراوح بين الركود الاقتصادي وتقلص وظائف القطاع الصناعي.
ورغم تأكيدات الحكومة على إيجاد حلول لهذه الأزمات، فإن الوضع يظل قاتما، مما يثير القلق لدى الخبراء والمواطنين على حد سواء.
انكماش مستمر في الصناعة والصادرات
شهد الاقتصاد الألماني انكماشا بنسبة 0.2% في أواخر عام 2024، في ظل تراجع غير مسبوق في قطاعي الصناعة والصادرات.
بحسب بيانات وكالة الإحصاءات الاتحادية، سجل الاقتصاد الألماني نموا أقل من باقي دول الاتحاد الأوروبي، حيث تفوق التكتل الأوروبي على ألمانيا في مؤشرات النمو.
هذا التراجع كان نتيجة مباشرة للأزمات المستمرة التي يعاني منها قطاع التصنيع، والذي سجل عجزا بنسبة 0.6% في الأداء الاقتصادي، ليصبح القطاع الصناعي أحد أكبر التحديات أمام الحكومة المقبلة.
تسريح وظائف وخسائر كبيرة
عام 2024 كان عام الأزمات لقطاع الصناعة الألمانية، حيث أعلنت العديد من الشركات الكبرى مثل فولكسفاغن وبوش وتيسنكروب عن خطط لتسريح الموظفين في إطار مواجهة الأزمة الاقتصادية.
على سبيل المثال، قررت شركة فولكسفاغن إلغاء 35,000 وظيفة حتى نهاية عام 2030، بينما أعلنت شركة بوش عن تسريح 10,000 موظف.
هذه الخطوات تأتي في وقت سجلت فيه أسهم الشركات الألمانية الكبرى في قطاع السيارات تراجعا كبيرا في قيمتها.
ومع ذلك، كانت هناك بعض الاستثناءات، مثل شركة راينميتال، التي شهدت أسهمها ارتفاعا بنسبة 116%، نتيجة لزيادة الإنفاق الدفاعي المرتبط بالحرب في أوكرانيا.
الانتخابات الألمانية واليمين الشعبوي
الانتخابات الأخيرة في ألمانيا شهدت فوز حزب المحافظين بقيادة فريدريش ميرتس، بينما جاء حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف وهو ما أدى إلى تصاعد قوة اليمين الشعبوي.
هذا الوضع يزيد من تعقيد التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد، حيث أصبحت مهمة الحكومة الجديدة أكثر صعوبة في معالجة الركود المستمر.
ويأمل العديد من أرباب العمل في أن تكون هناك إصلاحات اقتصادية جذرية، تشمل دعم أسعار الطاقة وتخفيف العبء الضريبي، في محاولة لإنعاش الاقتصاد.
تأثير سياسة ترامب على الاقتصاد الألماني
في ظل التوترات الجيوسياسية، يواجه الاقتصاد الألماني تهديدات إضافية من جانب الولايات المتحدة. حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية متبادلة على البضائع القادمة من الاتحاد الأوروبي، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في ألمانيا.
إذا تم تطبيق هذه الرسوم، ستشهد الشركات الألمانية زيادة كبيرة في التكاليف، وهو ما قد يؤثر بشكل سلبي على قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.
خسارة تاريخية للبنك المركزي الألماني
تكبد البنك المركزي الألماني “بوندسبنك” خسارة تاريخية في عام 2024، بلغت 19.2 مليار يورو، بسبب سياسة سعر الفائدة التي اتبعها البنك المركزي الأوروبي. وهي المرة الأولى منذ عام 1979 التي يسجل فيها البنك خسارة بهذا الحجم.
على الرغم من أن وزارة المالية الألمانية أكدت أن هذه الخسائر لن تؤثر على الميزانية الفيدرالية، فإن الوضع المالي للبنك المركزي يظل مصدر قلق بالنسبة للاستقرار المالي في البلاد.
وبينما يواجه الاقتصاد الألماني ركودا مستمرا منذ عامين، فإن الصعوبات التي تواجه القطاع الصناعي، إلى جانب التوترات الدولية، تزيد من تعقيد الوضع.
الحكومة المقبلة برئاسة فريدريش ميرتس ستواجه ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وجذرية لدعم الاقتصاد الألماني، سواء من خلال تخفيف العبء الضريبي، إضافة لدعم قطاعات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، أو معالجة أزمات قطاع التصنيع.