
أخبار العرب في أوروبا-صحة
تنتشر الجسيمات البلاستيكية متناهية الصغر في البيئة المحيطة بنا بشكل غير مسبوق، إذ توجد في الهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والطعام الذي نأكله.
وتُشير دراسة حديثة نشرها باحثون في دورية “Brain Medicine” العلمية التي تصدر في الولايات المتحدة إلى أن هذه اللدائن الدقيقة تمثل تهديدا كبيرا للصحة العامة، حيث إنها تتسلل إلى داخل أجسامنا بطرق متعددة، مما يزيد من المخاطر الصحية التي قد تنجم عن هذا التلوث البلاستيكي.
وتحدث الباحثون في تقريرهم عن النتائج المتزايدة التي تشير إلى أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة موجودة بكميات كبيرة في المواد التي نستخدمها يوميا، مثل زجاجات المياه البلاستيكية، وأكياس الشاي البلاستيكية، والأطعمة المعبأة في عبوات بلاستيكية.
واكتشف فريق البحثي أن كميات الجسيمات البلاستيكية التي تم رصدها داخل عينات من أكباد وأمخاخ أشخاص فارقوا الحياة عام 2024 تفوق الكمية التي تم اكتشافها داخل عينات مماثلة لأشخاص توفوا عام 2016.
ووفقا للدراسات، فإن الأشخاص الذين يشربون الماء المعبأ في زجاجات بلاستيكية يتعرضون لكميات أكبر من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة مقارنة بمن يشربون ماء الصنبور.
وبالتركيز على زجاجات البلاستيك، يشير العلماء إلى أن آلية التعبئة قد تساهم في زيادة هذه الجسيمات داخل الماء.
أما بالنسبة لأكياس الشاي البلاستيكية، فقد أظهرت دراسات أن نقع الأكياس في ماء مغلي بدرجة حرارة 95 درجة مئوية يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في السائل.
في هذا الصدد، ينصح الباحثون بالابتعاد عن أكياس الشاي البلاستيكية واختيار الشاي السائب أو أنواع الشاي التي لا تستخدم أكياسًا بلاستيكية.
يُضيف الباحثون أن تسخين الطعام في أفران الميكروويف باستخدام الأوعية البلاستيكية يُسهم أيضا في إطلاق الجسيمات البلاستيكية الدقيقة.
ويوضح العلماء أن البلاستيك عند تعرضه للحرارة قد يتفاعل ويطلق جزيئات دقيقة قد تكون ضارة لصحة الإنسان. لذا، ينصحون باستخدام الأوعية الزجاجية أو الفولاذ المقاوم للصدأ بدلا من البلاستيك عند تسخين الطعام أو تخزينه.
كما أشاروا إلى أنه من المهم أن نتجنب تخزين الطعام لفترات طويلة في عبوات بلاستيكية، سواء في درجة حرارة الغرفة أو داخل الثلاجة، لأن ذلك قد يؤدي إلى إطلاق المزيد من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة.
بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بتجنب تناول الأطعمة المعلبة التي تحتوي على مواد بلاستيكية مثل مركب البيسفينول إيه، الذي قد يكون له تأثيرات صحية سلبية.
وأظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تناولوا حساء معبأ في عبوات بلاستيكية لمدة خمسة أيام شهدوا زيادة كبيرة في مستويات البيسفينول إيه في البول.
ورغم أن العلماء لا يزالون بحاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآثار الصحية لهذه الزيادة، إلا أن هذه النتائج تدق ناقوس الخطر بشأن استخدام المواد البلاستيكية في تعبئة وتخزين الطعام.
إلى جانب ذلك، وجد الباحثون أن الأطعمة المصنعة تحتوي على مستويات أعلى من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة مقارنة بالأطعمة المصنعة بشكل أقل.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أيضا أنه لا يوجد ارتباط واضح بين العمر وتركيز الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الجسم، مما يعني أن الجسم قد يمتلك آليات للتخلص من هذه الجسيمات عبر العرق والبول والبراز.
ومع ذلك، تحذر الدراسات من أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تسبب التهابات واضطرابات في جهاز المناعة والأيض، وقد تساهم في اختلال نمو الأعضاء والسرطان.
كما تشير نتائج التجارب التي أُجريت على الحيوانات إلى أن الجسيمات البلاستيكية قد تضر الأنسجة الخلوية. لذا، يدعو الباحثون إلى إجراء المزيد من الدراسات الموسعة على البشر لفهم المخاطر المحتملة لهذه الجسيمات على صحتنا.
ولا تزال الأبحاث حول تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة على المخ محدودة، ومع ذلك، فقد لاحظ فريق بحثي زيادة في تركيز هذه الجسيمات داخل أنسجة المخ لدى بعض الأشخاص المصابين بالخرف.
رغم أن الدراسة لا تثبت وجود علاقة مباشرة بين البلاستيك والخرف، إلا أن الباحثين يعتقدون أن الخرف قد يضعف الحاجز بين المخ ومجرى الدم، مما يسمح بمرور المزيد من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة إلى المخ.
ويؤكد الباحثون على أهمية اتخاذ تدابير وقائية لتقليل التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة من خلال اختيار المواد الطبيعية مثل الزجاج والفولاذ المقاوم للصدأ، وتجنب استخدام البلاستيك في تخزين أو تسخين الطعام