اقتصاد واعمالتقاريردول ومدن
أخر الأخبار

اللاجئون والعمل في ألمانيا.. ما الذي تخطط له الحكومة المقبلة؟

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا

في سياق التغيرات التي تشهدها السياسات الألمانية في مجالي الهجرة والاندماج، تسعى الحكومة الألمانية المقبلة إلى إعادة تشكيل مقاربتها تجاه اللاجئين، خصوصا أولئك الذين يعتمدون على المساعدات الاجتماعية ولا يشاركون في سوق العمل.

وتشير ملامح هذه السياسات الجديدة إلى توجه نحو فرض التزامات متبادلة تسهم في تعزيز فرص اندماج اللاجئين داخل المجتمع الألماني.

“اتفاقيات اندماج” إلزامية وربط الإعانات بالتدريب

كشفت وثيقة الاتفاق الحكومي التي أعلن عنها مؤخرا بين التحالف المسيحي (الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي) والحزب الاشتراكي الديمقراطي، عن نية الحكومة المقبلة في ألمانيا فرض اتفاقيات اندماج ملزمة للاجئين العاطلين عن العمل.

تهدف هذه الاتفاقيات إلى إلزام اللاجئين بالمشاركة في أنشطة مجتمعية أو الالتحاق ببرامج تدريب مهني، معتمدين في ذلك على أدوات قائمة ضمن قانون الضمان الاجتماعي، مع إمكانية تطوير أدوات جديدة عند الحاجة.

نحو نصف اللاجئين يعتمدون على الإعانات

بحسب الأرقام الرسمية، فإن نحو 44% من اللاجئين في ألمانيا ما يزالون يعتمدون على المساعدات الاجتماعية.

ويرى سياسيون من الاتحاد الديمقراطي المسيحي أن هذه النسبة المرتفعة تعكس خللا في سياسات الاندماج الحالية.

وقال ألكسندر تروم، المتحدث باسم السياسة الداخلية للحزب، في تصريح لصحيفة “فيلت”: “الاعتماد على الإعانات بهذا الشكل هو هدر للمواهب والموارد العامة”، مؤكدا أن العمل يمثل البوابة الأساسية للاندماج الحقيقي.

مقترحات لتوسيع “فرص العمل” الإلزامية

يشير تروم إلى ضرورة تفعيل ما يُعرف بـ”وظائف اليورو الواحد”، وهي أعمال بسيطة ذات طابع اجتماعي لا تنفذها الجهات الخاصة، مثل صيانة الحدائق أو تنظيف المرافق العامة.

ويقترح توسيع استخدام هذه الفرص لتشمل اللاجئين بشكل أكبر، بعدما تراجعت أعداد المشاركين فيها من نحو 93 ألف شخص عام 2014 إلى نحو 41 ألفا بنهاية 2024، بينهم فقط 5 آلاف لاجئ.

ويرى أن هذه البرامج يمكن أن تكون وسيلة انتقالية نحو إدماج حقيقي في سوق العمل، شرط توفير الإشراف والتدريب اللازمين.

تشكيك في فعالية الأنشطة المجتمعية

ورغم هذه الطروحات، فإن فاعلية هذه الأنشطة في إدماج اللاجئين تبقى موضع خلاف.

الباحث في شؤون سوق العمل والهجرة، هيربرت بروكر، أوضح أن التأثير الإيجابي لهذه الأنشطة محدود، خصوصا لمن بقوا خارج سوق العمل لفترة طويلة.

الدراسات المتوفرة تعطي نتائج متباينة، ما بين أثر طفيف أو حتى محايد على فرص التوظيف اللاحقة.

مخاوف من منافسة غير عادلة

من جهته، حذّر السياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، هيلغه لينده، من تداعيات محتملة لهذه السياسات، منها خلق منافسة غير عادلة بين اللاجئين والعاطلين الألمان على فرص العمل.

ودعا إلى وضع خطة تنفيذ واضحة لاتفاقيات الاندماج، حتى لا تتحول إلى مجرد إجراءات شكلية.

كما أعرب اتحاد البلديات الألمانية عن دعمه للفكرة من حيث المبدأ، لكنه طالب بعدم المبالغة في التوقعات، مؤكدا أن الاندماج “عملية طويلة ومعقدة لا يمكن فرضها فقط من خلال التشريعات”.

اللاجئون وسوق العمل

تشير دراسات أجراها المعهد الألماني لأبحاث سوق العمل والتوظيف (IAB) إلى أن نسبة التوظيف بين اللاجئين تتحسن تدريجيا، حيث تصل إلى 68% بعد ثماني سنوات من الإقامة في ألمانيا، مقارنة بـ77% بين السكان عامة.

ويرى الباحث بروكر أن العديد من اللاجئين يأتون إلى ألمانيا بتوقعات غير واقعية حول سهولة الحصول على عمل، ليفاجَؤوا بتحديات كبيرة مثل إتقان اللغة، متطلبات السوق، والمعايير المهنية.

دعوات لمعالجة العوائق البنيوية

وفي سياق متصل، انتقدت النائبة عن حزب الخضر، مصباح خان، بعض السياسات الحالية، معتبرة أنها تعيق جهود الاندماج.

وأشارت إلى أن منع اللاجئين من العمل، ونقص التمويل المخصص لدورات اللغة، يمثلان عائقين حقيقيين.

وشددت على أن نجاح عملية الاندماج لا يعتمد فقط على جهود اللاجئين، بل يتطلب كذلك انفتاحا واستعدادا من المجتمع الألماني لاستيعاب الوافدين الجدد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى