
أخبار العرب في أوروبا-متابعات
حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من الخطط التي تتبناها كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة الرامية إلى تحويل دول منطقة البلقان إلى مراكز لإيواء طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، داعية إلى التوقف عن التعامل مع هذه الدول كـ”مستودع للمهاجرين” والتركيز بدلا من ذلك على دعم أنظمة اللجوء فيها.
في بيان صدر يوم الإثنين 26 أيار/مايو الجاري، أعربت المنظمة عن قلقها المتزايد إزاء توجه الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة نحو تصدير أزمة الهجرة إلى دول تعتبر نقاط عبور، مثل البوسنة والهرسك وألبانيا ومقدونيا الشمالية.
يأتي ذلك بعد أن مهدت المفوضية الأوروبية منتصف آذار/مارس الطريق أمام إقامة مراكز للمهاجرين خارج حدود الاتحاد الأوروبي، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن بدء مفاوضات مماثلة، دون الكشف عن الدول المعنية، في حين كان يتحدث من ألبانيا التي تحتضن بالفعل مراكز لإعادة المهاجرين.
وأكدت “رايتس ووتش” أن إضافة طالبي لجوء مرفوضين إلى “نظام احتجاز هش ومقلق” في البوسنة من شأنه أن يزيد من تفاقم الانتهاكات والمشكلات القائمة، لا سيما في ظل نقص الشفافية، وتأخر البت في طلبات اللجوء، والحرمان من الحقوق الأساسية.
وقالت المنظمة إن نظام الاحتجاز في البوسنة يعاني من اختلالات حادة، أبرزها محدودية الوصول إلى المحامين، وغياب الدعم النفسي، وانعدام الخصوصية أثناء المقابلات مع المحتجزين.
وخلال زيارة إلى مركز احتجاز في “لوكافيكا” قرب سراييفو، لاحظ الباحثون تأخيرات طويلة في البت بطلبات اللجوء، واحتجاز أشخاص لأسباب غامضة متعلقة بالأمن القومي أو بتهم جنائية، قد تمتد لفترات تصل إلى 18 شهرا.
وأشارت المنظمة غير الحكومية “فاسا براڤا”، الجهة الوحيدة المخولة بتقديم المساعدة القانونية داخل مراكز الاحتجاز، إلى أن السلطات لا توفر للمحتجزين معلومات كافية حول حقوقهم، ولا تسهّل وصولهم إلى الاستشارات القانونية، كما أن دائرة شؤون الأجانب تحجب تفاصيل التهم، خاصة في القضايا الأمنية، ما يصعّب الدفاع القانوني.
كما كشف التقرير أن نظام اللجوء في البوسنة يعاني من بطء شديد في الإجراءات وغياب الحماية الفعلية، ففي عام 2023 حصل أربعة أشخاص فقط على صفة لاجئ من أصل 147 طلبا.
ويُفترض أن تُبت الطلبات خلال ستة أشهر، لكن الإجراءات قد تستغرق أحيانا حتى 344 يوما، فيما يُمنع طالبو اللجوء من العمل قانونيا قبل مرور تسعة أشهر على تسجيلهم.
وفي الغالب، تُعتبر البوسنة بلد عبور، حيث أعيد إليها أكثر من أربعة آلاف شخص من دول أوروبية عبر اتفاقيات إعادة القبول، بينما رحّلت السلطات نحو 298 شخصا معظمهم إلى صربيا، وساعدت منظمة الهجرة الدولية في عودة طوعية لـ96 آخرين.
وانتقد هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في “رايتس ووتش”، التعامل الأوروبي مع البوسنة بوصفها محطة لإبعاد المهاجرين، مؤكداً ضرورة دعم أنظمة اللجوء بدل دفع البلاد نحو المزيد من الانتهاكات.
وخلصت المنظمة إلى أن مقترحات إرسال طالبي اللجوء إلى دول “آمنة” خارج الاتحاد الأوروبي تشكل خطرا بنيويا على حقوق الإنسان، وتفقد منظومة اللجوء الأوروبية مصداقيتها.
تأتي هذه التحذيرات وسط تصاعد الضغوط السياسية داخل دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة للحد من تدفق المهاجرين، خصوصا بعد موجة اللجوء الكبيرة عام 2015.
وتبنت العديد من الحكومات سياسات مشددة شملت بناء حواجز حدودية وتقييد أنظمة اللجوء، إضافة إلى شراكات مع دول خارج التكتل لاستضافة أو احتجاز طالبي اللجوء.
وأثارت هذه السياسات انتقادات منظمات حقوق الإنسان التي تراها محاولة للتنصل من المسؤولية تجاه اللاجئين، في حين تبقى منطقة البلقان نقطة محورية لمسارات الهجرة غير النظامية، ما يجعلها الأكثر تأثرا بهذه الاستراتيجيات.