
أخبار العرب في أوروبا-إيطاليا
يصوّت المواطنون الإيطاليون اليوم الأحد وغدا الاثنين في استفتاء شعبي يشمل إصلاحات هامة تهدف إلى تسهيل شروط الحصول على الجنسية الإيطالية وتطوير قوانين حماية العمال، في خطوة تعكس جدلا واسعا داخل الساحة السياسية الإيطالية بين المؤيدين والمعارضين.
تقليل مدة الحصول على الجنسية
يستهدف الاستفتاء تعديل القانون الحالي الذي يفرض على المقيمين من خارج الاتحاد الأوروبي، الذين لا تربطهم بالبلاد روابط دم أو زواج، الانتظار لمدة 10 سنوات في إيطاليا قبل التقدم بطلب للحصول على الجنسية.
ويرى منظمو الحملة، الذين يقودهم تحالف منظمات غير حكومية، أن تقليص هذه المدة إلى خمس سنوات-وهو ما هو معمول به في دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا-سيعود بالفائدة على نحو 2.5 مليون شخص يعيشون في إيطاليا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
يحظى هذا المقترح بدعم قوي من الحزب الديمقراطي اليساري الوسط، الذي يرى في الإصلاح خطوة نحو تعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق المهاجرين.
معارضة قوية من حكومة ميلوني
من ناحية أخرى، تعارض رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، هذا الاستفتاء بشكل قاطع، معربة عن تمسكها بالقانون الحالي الذي وصفته بأنه “قانون ممتاز ومن أكثر القوانين انفتاحاً في أوروبا”.
إذ شهد عام 2023 حصول أكثر من 213,500 شخص على الجنسية الإيطالية، ضعف العدد المسجل في 2020، معظمهم من خارج الاتحاد الأوروبي، خصوصا من ألبانيا والمغرب، إلى جانب جاليات كبيرة من الأرجنتين والبرازيل.
كان الوزراء قد اتفقوا في مارس/آذار الماضي على تقييد حق الحصول على الجنسية للأشخاص ذوي الأنساب الإيطالية من أربعة أجيال إلى جيلين فقط، في خطوة تعكس سياسة أكثر تشددا تجاه منح الجنسية.
تدعو ميلوني وحزبها اليميني المتطرف “فرتيلي ديتاليا” إلى مقاطعة الاستفتاء، الذي لن يدخل حيز التنفيذ إلا إذا شارك فيه 50% زائد ناخب واحد من الناخبين المؤهلين.
ومن الجدير بالذكر أن هذا الاستفتاء لا يتناول قانون الهجرة نفسه، الذي يعتبره كثيرون غير منصف، حيث لا يمكن للأطفال المولودين في إيطاليا لأبوين أجنبيين التقدم بطلب الجنسية إلا عند بلوغهم 18 عاما.
تعزيز حماية العمال عبر إصلاحات سوق العمل
يشتمل الاستفتاء أيضا على أربعة أسئلة تتعلق بإصلاحات قانونية تهدف إلى تحسين وضع العمال، لا سيما في ما يتعلق بالعقود المؤقتة وحق الفصل من العمل.
تأتي هذه المبادرة بدعم من “الكونفيدرالية العامة للعمل”، النقابة العمالية اليسارية، التي تسعى إلى تصحيح ما تصفه بثقافة تفضل مصالح الشركات على حساب حقوق العمال.
عبّر الأمين العام للكونفيدرالية، ماوريتسيو لانديني، عن رغبتهم في “عكس الثقافة التي تعطي الأولوية لمصالح الشركات على مصالح العمال”في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية.
يدعم الحزب الديمقراطي هذه الإصلاحات أيضا رغم أنه في السابق كان مؤيدا لبعض القوانين التي تسعى النقابة إلى تعديلها أو إلغائها، من ضمنها “قانون الوظائف” الذي أقرته حكومة ماتيو رينتسي قبل عقد، والذي اعتبره منتقدوه سببا في زيادة هشاشة سوق العمل، بينما يرى المؤيدون أنه ساهم في خلق فرص عمل.
الاستفتاء في ظل واقع سياسي متقلب
يأتي الاستفتاء في وقت يتخلف فيه الحزب الديمقراطي بنسبة شعبية حوالي 23% خلف حزب “فرتيلي ديتاليا” بقيادة ميلوني الذي يحظى بنحو 30% وفقا لاستطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة “SWG”
يسعى الحزب الديمقراطي من خلال دعم هذه الإصلاحات إلى استقطاب الناخبين من الطبقة العاملة، في مواجهة تكتل ميلوني اليميني الذي يركز على مكافحة الهجرة غير الشرعية.
ويعكس الاستفتاء الانقسامات العميقة في المجتمع الإيطالي بين من يرى ضرورة تحديث قوانين الجنسية والعمل لتعزيز العدالة الاجتماعية، ومن يعتبر هذه التغييرات تهديدا للأمن الوطني والسيادة الثقافية