
أخبار العرب في أوروبا-فرنسا
في خطوة تهدف لمكافحة الهجرة غير النظامية المتزايدة عبر بحر المانش، تدرس فرنسا تغيير سياساتها لتمكين قواتها من اعتراض قوارب المهاجرين في المياه.
هذا التوجه الجديد يمثل تحولا كبيرا عن الممارسة الحالية التي تحظر على الشرطة الفرنسية التدخل في البحر إلا في حالات الإنقاذ، التزاما بقانون البحار الدولي.
تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد ظاهرة “قوارب التاكسي” التي يستخدمها المهربون لنقل المهاجرين من الشواطئ الشمالية الفرنسية نحو المملكة المتحدة.
ويعمد المهربون إلى وضع هذه القوارب في مياه البحر قبل صعود المهاجرين إليها، لتجنب اعتراض الشرطة على اليابسة، مستغلين بذلك القيود المفروضة على عمل الشرطة الفرنسية في المياه.
تزايد أعداد المهاجرين والبحث عن حلول جديدة
على الرغم من المساعي المشتركة بين السلطات الفرنسية والبريطانية للحد من عمليات العبور، فقد ارتفعت أعداد المهاجرين الواصلين إلى المملكة المتحدة بنسبة 42% مقارنة بعام 2024، وفقا لمصدر في وزارة الداخلية الفرنسية.
وقد شهد 31 مايو/أيار الماضي وصول 1195 مهاجرا إلى المملكة المتحدة على متن 19 قاربا، وهو أعلى رقم يسجل في يوم واحد منذ عام 2022.
وأوضح المصدر بوزارة الداخلية أن فرنسا “تدرك المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها عمليات التدخل في البحر، وضرورة تكييف نهجنا العملي”.
ولذلك، ستسعى فرنسا لتطوير نظامها الحالي “لتتمكن الشرطة من العمل في المياه الأقل عمقا، على بُعد يصل إلى 300 متر من الساحل، من أجل اعتراض قوارب التاكسي، مع احترام مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”.
وكلفت اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الهجرة (CICI) الأمانة العامة لشؤون البحار (SGMer)، المسؤولة عن تنسيق إجراءات الدولة في البحر، بصياغة مقترح يهدف إلى تطوير النظام الحالي.
تحديات قانونية وسياسية
تعد عمليات التدخل في البحر ممارسة محفوفة بالمخاطر ويحظرها القانون البحري. ففي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعرب المدعي العام في بلدة سانت-أومير شمال فرنسا عن تحفظاته بشأن هذه العمليات، مشيرا إلى أن المحافظ أصدر تعليمات واضحة لأجهزة إنفاذ القانون بعدم تعريض حياة المهاجرين للخطر.
وفي عام 2021، ناقشت وزيرة الداخلية البريطانية آنذاك، بريتي باتيل، تنفيذ عمليات بحرية مماثلة، لكن سرعان ما تم التخلي عن المشروع بعد رفض فرنسا الانخراط في ممارسات تنتهك قانون البحار.
في ذلك الوقت، انتقدت المنظمات غير الحكومية المشروع أيضا، معتبرة أنه سيدفع المهاجرين إلى سلوك طرق أكثر خطورة.
مع ذلك، فإن رغبة الحكومتين الفرنسية والبريطانية في تعزيز مراقبة الحدود قد تؤدي إلى إلغاء هذه القاعدة المعمول بها منذ عدة سنوات.
وكان وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، الذي أعلن عن زيادة عدد أفراد الشرطة وإنشاء مركز دونكيرك للإنقاذ، قد أشار في فبراير/شباط الماضي إلى هذا التغيير المحتمل في السياسة.
وصرح روتايو: “في الشريط الساحلي، ضمن أول 300 متر، نحتاج إلى مراجعة تنظيمنا حتى نتمكن من إحكام قبضتنا على هذه القوارب عند وصولها لأخذ المهاجرين. كما ينبغي علينا التخطيط لتدخل الدرك الوطني، الذي لديه قوات بحرية”.
من جانبها، لم تخف وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر استياءها بعد وصول العدد القياسي من المهاجرين.
وقد أثارت صورٌ تُظهر ضباط شرطة فرنسيين يشاهدون مهاجرين يغادرون الشاطئ دون تدخل ردود فعل واسعة النطاق من الجانب البريطاني.
ولذلك، دعت كوبر إلى تعبئة أكبر من الجانب الفرنسي، وأملت أن تعترض فرنسا القوارب ليس فقط في المياه قليلة العمق عند مغادرتها الشواطئ، ولكن أيضا في الأنهار و الممرات المائية الداخلية، حيث تنتشر “القوارب الصغيرة”.
قمة فرنسية بريطانية مرتقبة وتزايد الوفيات
أوضحت وزارة الداخلية الفرنسية أن هذه الخطة الجديدة متوقعة بحلول الشهر المقبل، خصوصا مع اقتراب قمة فرنسية بريطانية من المتوقع أن تُعقد في يوليو/تموز، حيث سيقوم الرئيس الفرنسي بزيارة دولة إلى المملكة المتحدة في الفترة من 8 إلى 10 يوليو/تموز.
يشار إلى أنه منذ بداية العام الجاري، وصل 14,808 مهاجرا إلى المملكة المتحدة عبر بحر المانش، وهو مستوى غير مسبوق.
كما شهدت حالات العبور غير النظامية تزايدا حادا العام الماضي، حيث وصل 36,800 شخص، بزيادة قدرها 23% عن عام 2023.
ويتسبب هذا الطريق البحري بخسائر فادحة في الأرواح، فمنذ بداية العام الحالي، لقي ما لا يقل عن 17 شخصا حتفهم فيه. وفي العام الماضي، لقي 78 مهاجرًا حتفهم على هذا الطريق، وهو رقم قياسي.