
أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
كشف استطلاع حديث أجري في ألمانيا ونشرت نتائجه اليوم الأربعاء عن تنامي مخاوف من تفاقم أزمة نقص الكوادر الطبية في شبكة أطباء الأسرة خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث أظهر أن نسبة كبيرة من الأطباء يخططون إما لترك المهنة تماما أو لتقليص ساعات عملهم الأسبوعية، مما يهدد استمرارية خدمات الرعاية الأولية في البلاد.
الاستطلاع، الذي أجري بتكليف من مؤسسة “برتلسمان” الألمانية بالتعاون مع جامعة ماربورغ، شمل 3700 طبيب أسرة من إجمالي نحو 56 ألف طبيب أسرة يعملون في أنحاء ألمانيا.
وفقا لنتائج الاستطلاع، فإن ربع الأطباء المشاركين يعتزمون التوقف عن ممارسة المهنة خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما أشار الأطباء الذين يخططون للاستمرار في العمل إلى نيتهم تقليل ساعات العمل الأسبوعية بمعدل ساعتين في المتوسط.
وتقول مؤسسة “برتلسمان” إن هذه التوجهات تأتي في وقت تعاني فيه منظومة أطباء الأسرة بالفعل من أكثر من 5 آلاف وظيفة شاغرة، الأمر الذي قد يتسبب في تضاعف النقص القائم حاليا، خصوصا في ظل عدم قدرة الأطباء الشباب على تعويض هذا العجز المتوقع في المستقبل القريب.
ورغم هذه المؤشرات السلبية، أكد أوفه شفينك، خبير الرعاية الصحية لدى مؤسسة برتلسمان، أن هذا التطور لا يعني بالضرورة تراجعا حتميا في جودة الرعاية الطبية المقدمة للمرضى.
وقال شفينك: “المهم ليس فقط عدد الأطباء، بل مقدار الوقت المتاح لكل منهم للعمل مع المرضى. وهنا، من الضروري استغلال الإمكانات غير المستثمرة حتى الآن داخل النظام الصحي”.
وبحسب البيانات التي قدمها المشاركون في الاستطلاع، فإن 80% من وقت العمل الفعلي يُخصص للاستشارات الطبية والزيارات المنزلية، في حين تُصرف النسبة المتبقية (20%) في المهام الإدارية والدورات التدريبية.
وفي محاولة لتخفيف الضغط المتزايد على العيادات الطبية، دعت مؤسسة برتلسمان إلى توسيع استخدام الوسائل الرقمية، وخاصة في مجالات تنظيم المواعيد، وتبادل نتائج الفحوصات، والتشخيصات، ومسارات العلاج بين مختلف مزودي الخدمة.
غير أن ربع الأطباء أشاروا إلى أن مشكلات تقنية متكررة في البرمجيات الرقمية تُعيق عملهم اليومي بشكل ملحوظ، وتحدث “عدة مرات يوميا” في بعض الحالات.
كما أظهر الاستطلاع وجود تأييد واسع بين الأطباء لنقل بعض المهام إلى العاملين في مجالات طبية مساعدة، حيث قال 70% من المشاركين إن تفويض بعض المهام لموظفين متخصصين في المجال الطبي أو أطقم التمريض يمكن أن يساهم في توفير وقت ثمين لأطباء الأسرة.
وتأتي نتائج هذا الاستطلاع في وقت تشهد فيه ألمانيا نقاشا موسعا حول سبل إصلاح نظام الرعاية الصحية الأساسي وضمان استدامته، خاصة في ظل شيخوخة السكان والضغوط المتزايدة على مقدمي الرعاية الطبية، ما يفتح الباب أمام الحاجة إلى إصلاحات بنيوية جذرية خلال السنوات المقبلة.