
أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
كشف معهد أبحاث سوق العمل والتوظيف في ألمانيا عن نتائج دراسة حديثة تشير إلى أن نحو 26% من المهاجرين المقيمين في ألمانيا، ما يعادل حوالي 2.6 مليون شخص، يفكرون جديا في مغادرة البلاد.
وأظهرت الدراسة التي نشرت قبل عدة أيام، أن غالبية هؤلاء المهاجرين يتمتعون بمستوى تعليمي عالٍ، ويشغلون وظائف في قطاعات مختلفة تعتمد على المعرفة والمهارات.
أسباب التفكير في المغادرة
تُعزى أسباب هذا التوجه إلى عدم الرضا عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في ألمانيا، إلى جانب الأعباء الضريبية الثقيلة والإجراءات البيروقراطية المعقدة التي يعاني منها المهاجرون.
كما تؤثر تجارب التمييز في أماكن العمل وفي التعامل مع الجهات الرسمية بشكل سلبي على رغبة المهاجرين في البقاء، حيث تزيد من إحساسهم بعدم الانتماء واستمرار الصعوبات.
تشير الدراسة إلى أن المهاجرين ذوي المهارات العالية، خاصة من يعملون في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والتأمين، يعبرون عن أكبر رغبة في الرحيل.
وتتراوح نسبة المهاجرين الذين يفكرون في المغادرة في هذه القطاعات بين 30 و39%.
فيما تتضمن قطاعات أخرى مثل الصحة والرعاية الاجتماعية والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية أيضا أعدادا ملحوظة من الراغبين في الانتقال.
فئة مهمة لاقتصاد ألمانيا
وفي هذا السياق، أكدت خبيرة شؤون الهجرة كاتيا غاليغوس توريس خلال تقديمها لنتائج الدراسة في برلين أن هؤلاء المهاجرين هم الفئة الأكثر أهمية لألمانيا لضمان تأمين العمالة المؤهلة في المستقبل.
وأضافت أن فقدان هذه الكفاءات سيمثل تهديدا خطيرا لسوق العمل الألماني الذي يعاني من نقص حاد في العمالة الماهرة.
أما بخصوص الوجهات التي يخطط المهاجرون للانتقال إليها بدلا من العودة إلى أوطانهم، فتأتي سويسرا والولايات المتحدة وإسبانيا في مقدمة هذه الدول، وفقا للدراسة التي استندت إلى استطلاع شمل نحو 50 ألف مهاجر خلال الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2024 حتى أبريل/نيسان 2025.
فشل الاندماج سببا للمغادرة
وأظهرت التحليلات أن المهاجرين الذين يشعرون بالرضا عن وظائفهم ومستوى اندماجهم الاجتماعي هم أقل ميلا للتفكير في الهجرة، في حين أن الذين تعرضوا للتمييز أو لم ينجحوا في الاندماج الاجتماعي يميلون أكثر إلى اتخاذ قرار المغادرة.
كما أن التجارب المتعلقة بالمواقف السياسية والظروف الاقتصادية العامة تلعب دورا كبيرا في توجههم هذا.
وفي ضوء هذه النتائج، شددت الدراسة على ضرورة تبني سياسات هجرة أكثر فاعلية، لا تقتصر على تشجيع الهجرة فقط، بل تركز على توفير آفاق دائمة للبقاء في ألمانيا من خلال تبسيط إجراءات الهجرة، تسريع الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية، رقمنة العمليات الإدارية، وتحسين فرص الاندماج الاجتماعي.
فهذه الخطوات تعد ضرورية لتعزيز قدرة ألمانيا على المنافسة في سوق العمالة العالمية واستقطاب الكفاءات المطلوبة.
دعوة لخفض البيرواطية
من جانبها، أكدت فانيسا أهويا من وكالة العمل الاتحادية على أهمية خفض البيروقراطية بشكل جدي، وتعزيز عمليات الرقمنة لتسهيل إجراءات الاعتراف بالمؤهلات وتوفير قبول اجتماعي أوسع، معتبرة أن نجاح سوق العمل الألماني يعتمد بشكل كبير على استمرار تدفق العمالة الماهرة من خارج الاتحاد الأوروبي.
في النهاية، يشير هذا التقرير إلى تحدٍ كبير تواجهه ألمانيا، حيث أن الفئة التي تعتمد عليها بشكل أساسي لضمان نمو اقتصادها واستقرار سوق العمل، هي ذاتها التي تفكر في مغادرة البلاد بسبب التحديات التي تواجهها، ما يتطلب إجراءات حاسمة وعاجلة للحفاظ على هذه الموارد البشرية الحيوية.