
أخبار العرب في أوروبا-بريطانيا
في ظل استمرار تدفق قوارب المهاجرين من السواحل الفرنسية، أقرت الحكومة البريطانية، بقيادة حزب العمال، بتدهور أزمة الهجرة غير النظامية عبر بحر المانش، وذلك رغم الوعود الانتخابية والقنوات الدبلوماسية مع فرنسا.
هذا الإقرار الرسمي جاء عقب لقاء جمع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش قمة مجموعة السبع المنعقدة في كندا يوم الاثنين 16 يونيو/حزيران 2025، حيث ناقش الزعيمان “سبلا مبتكرة” لمكافحة تهريب البشر عبر القناة، مؤكدَين أن الهجرة غير النظامية يجب أن تكون من أولويات العلاقات الثنائية.
ورغم الوعود الانتخابية بـ”سحق العصابات”، لا تزال الأرقام الرسمية تشير إلى تصاعد أعداد الواصلين عبر القوارب، ما يُعد تحديا مباشرا للحكومة البريطانية الجديدة التي باتت تحت ضغط داخلي متزايد.
تعاون بريطاني-فرنسي في الميزان
تتمتع المملكة المتحدة وفرنسا بشراكة أمنية موسعة لمراقبة الحدود، تجسدت في اتفاقية “لو توكيه” وتمديد معاهدة “ساندهيرست”، والتي التزمت لندن بموجبها بتمويل بلغ 540 مليون يورو بين عامي 2023 و2026 مقابل تعزيز فرنسا لمراقبة سواحلها الشمالية.
الاتفاقات تشمل إنشاء مركز احتجاز جديد في دونكيرك بحلول 2027، وزيادة الدوريات، وتوظيف محققين متخصصين في تفكيك شبكات التهريب.
إلا أن وزير الداخلية الفرنسي حذر مؤخرا من إمكانية إلغاء هذه الاتفاقيات، معتبرا أن “فرنسا لا يمكن أن تواصل حراسة الحدود نيابة عن بريطانيا وحدها”.
قوارب “تاكسي” ذكية تتفادى دوريات الشرطة
مع تصاعد محاولات العبور، بدأت شبكات التهريب باستخدام قوارب تُشبه “سيارات الأجرة البحرية”، تنطلق من مواقع غير مراقبة وتلتقط المهاجرين من نقاط محددة مسبقا.
هذا التكتيك سمح بتنفيذ عمليات منظمة وسريعة، وأفلت من أعين الدوريات الفرنسية، رغم استخدام الطائرات المسيرة والكلاب البوليسية.
القوارب أصبحت أكثر قدرة على المناورة، وتمنح المهربين تحكما أكبر مقارنة بالطريقة التقليدية في حشد المهاجرين ودفعهم إلى القوارب عشوائيا.
انتقادات داخلية في بريطانيا
في الداخل البريطاني، تتصاعد الانتقادات ضد حكومة حزب العمال. وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب، شنّ هجوما لاذعا على رئيس الوزراء ستارمر، واصفا الوضع بأنه “خارج عن السيطرة”، مشيرا إلى أن الإجراءات الحالية “ضعيفة ومخزية”.
كما انتقد غياب اتفاقيات لإعادة المهاجرين مع دول الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن ذلك يفتح المجال أمام بريطانيا للرد عبر تقليص منح التأشيرات للعمال والطلاب الأوروبيين، وهي سياسة طُرحت ضمن ما يسمى بـ”الكتاب الأبيض”.
فرنسا تُصعّد ميدانيا وقانونيا
في مقابل الضغط البريطاني، بدأت فرنسا تطبيق إجراءات ميدانية مشددة، شملت استخدام الغاز المسيل للدموع لمنع المهاجرين من الصعود إلى القوارب، كما حصل مؤخرا قرب مدينة غرافلين.
بموازاة ذلك، تستعد وزارة الداخلية الفرنسية لإطلاق “عقيدة بحرية” جديدة في تموز/يوليو المقبل، تسمح لقواتها باعتراض القوارب على بعد 300 متر من الشاطئ، حتى في غياب خطر مباشر.
السلطات الفرنسية تؤكد أن هذه الخطوة تهدف إلى منع الكارثة قبل وقوعها، في ظل ارتفاع وتيرة العبور، حيث تشير الأرقام إلى وصول أكثر من 16,500 مهاجر إلى الشواطئ البريطانية منذ بداية 2025، بزيادة قدرها 45% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.