بلجيكا تطبق إجراءات تفتيش صارمة على وسائل النقل والطرق لمكافحة الهجرة غير النظامية

أخبار العرب في أوروبا-بلجيكا
أعلنت الحكومة البلجيكية، أمس الخميس، عن مجموعة جديدة من الإجراءات الأمنية تهدف إلى تشديد الرقابة على المهاجرين غير النظاميين والمقيمين بصفة غير قانونية داخل البلاد، مع التركيز بشكل خاص على ما يُعرف بـ”الهجرة الثانوية”، أي انتقال طالبي اللجوء بين الدول الأوروبية بعد حصولهم على حماية أو تقديمهم طلبات لجوء سابقة في دول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي بيان مشترك، أكد كل من وزير الداخلية البلجيكي برنار كوينتين ووزيرة اللجوء والهجرة أنلين فان بوسويت، أن هذه الخطوات الجديدة ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يونيو/تموز المقبل، وتشمل تنفيذ عمليات تفتيش دقيقة على المداخل البرية والجوية للبلاد، خصوصا عبر الحافلات والقطارات القادمة من دول الجوار الأوروبي.
وستتم عمليات التفتيش على المحاور الطرقية الرئيسية، ومحطات الاستراحة على الطرق السريعة، وخطوط الحافلات الدولية، لاسيما خط “لا بان – دانكيرك”، بالإضافة إلى تفتيشات داخل بعض القطارات، وخصوصا في محطة “بروكسل – ميدي”، وكذلك عند وصول الرحلات الجوية القادمة من دول منطقة شنغن التي تشهد ضغوطا هجرية كبيرة، مثل إيطاليا واليونان.
العمليات ستكون منسقة بين الشرطة الفيدرالية والشرطة المحلية ومكتب الأجانب، وتركز بشكل خاص على الأشخاص الذين لا يحملون أوراق إقامة قانونية أو سبق لهم التقدم بطلبات لجوء أو حصلوا على حماية دولية في دول أوروبية أخرى.
رغم اتساع نطاق هذه التدابير، أكدت الوزيرة فان بوسويت أن الأمر لا يتعلق بإعادة فرض “الرقابة على الحدود”، بل “بتفتيشات عند نقاط الدخول”، وهو توصيف قانوني يتوافق مع المادة 23 من اتفاقية شنغن، والتي تسمح للدول الأعضاء بإجراء تفتيشات أمنية داخل أراضيها في حالات استثنائية.
وفي تصريحات إعلامية، شدد وزير الداخلية كوينتين على أن “بلجيكا تتحمل مسؤولياتها عبر تفتيشات صارمة وموجّهة في النقاط الاستراتيجية، للحد من تدفقات الهجرة السرّية، ومنع تحول البلاد إلى نقطة جذب للمهاجرين غير النظاميين، وفي الوقت ذاته تعزيز مكافحة الجريمة وحماية الأمن الداخلي”.
أما وزيرة اللجوء والهجرة، فقد وجّهت خطابا واضحا للمهاجرين غير النظاميين، مؤكدة أن بلجيكا لن تتسامح بعد اليوم مع ما وصفته بـ”تسوّق اللجوء”، أي تنقّل طالبي الحماية بين دول الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني، وقالت: “الأشخاص الذين حصلوا على حماية في دولة أخرى، أو يحاولون دخول بلجيكا بطرق غير قانونية، لم يعودوا مرحبًا بهم”.
وبحسب الإحصائيات الصادرة عن مكتب الأجانب، فإن عدد طلبات اللجوء من أشخاص سبق الاعتراف بهم كلاجئين في دول أوروبية أخرى قد سجّل تراجعا في شهر أيار/مايو الماضي، إذ تم تسجيل 2,496 طلبا مقارنة بـ3,356 في الشهر نفسه من العام السابق.
وتصدرت قائمة طالبي الحماية دول مثل أفغانستان، إريتريا، فلسطين، جمهورية الكونغو الديمقراطية، تركيا، سوريا، بوروندي، الكاميرون، غينيا وجورجيا.
وأكدت الحكومة أن هذه الإجراءات تتماشى مع خطوات مماثلة اتخذتها دول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا وهولندا، التي أعادت فرض ضوابط مؤقتة على حدودها في السنوات الأخيرة لمواجهة موجات الهجرة المتزايدة، خاصة بعد أزمة اللجوء الكبرى عامي 2015-2016.
في المقابل، واجهت هذه القرارات الحكومية انتقادات حادة من بعض الأطراف السياسية، وعلى رأسهم النائب الفيدرالي ماتي فانديمايلي، الذي وصف القرار بـ”السخيف” و”الرمزي”، معتبرا أن الخطاب المتشدد الذي تنتهجه الحكومة لا يؤدي إلا إلى “زرع الفوضى”، ولا يعكس “سياسة هجرة فعالة”.
وقال فانديمايلي إن “الواقع الجغرافي لبلجيكا، التي تمتد حدودها على أكثر من 1445 كيلومترا، يجعل من المستحيل فرض رقابة فعالة على كل المعابر”، مضيفا: “هل ستقيم الوزيرة نقطة حراسة كل عشرة أمتار؟ هذا غير منطقي”.
وأشار النائب إلى تجربة ألمانيا في فرض الرقابة المؤقتة على الحدود، مؤكدا أنها كانت “باهظة التكاليف، واستغرقت الكثير من الموارد البشرية والمالية، وتسببت في طوابير طويلة على المعابر الحدودية وأثرت سلبا على الاقتصاد”.
وفي الختام، أبدت الوزيرة فان بوسويت إصرارها على تطبيق هذه التدابير خلال الشهر المقبل، قائلة: “نعلم أن الصيف يشهد عادةً ارتفاعا في تدفقات الهجرة، ونحن مصممون على مواجهته عبر هذه الإجراءات”.