
أخبار العرب في أوروبا-النمسا
اتهمت منظمات حقوقية الحكومة النمساوية بانتهاج سياسة ممنهجة تعرقل مسار اللجوء لطالبي الحماية من السوريين، محذّرة من تأثيرات خطيرة على العائلات المتضررة، لا سيما الأطفال والمرضى، نتيجة تعليق الملفات وعدم البت بها لأشهر، وربما لسنوات، دون أسس قانونية واضحة.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة فيينا الأسبوع الماضي، أعربت كل من منظمة “آزول إن نوت” و”هيلبينغ هاندز” عن قلقهما الشديد مما وصفوه بـ”الممارسات البيروقراطية التعسفية” التي يتبعها المكتب الاتحادي لشؤون الأجانب واللجوء (BFA) بحق عدد كبير من السوريين.
وقالت المنظمتان إنّ العديد من طالبي اللجوء السوريين أصبحوا “عالقين في نفق إداري مسدود”، حيث يتم تأخير البت في ملفاتهم أو تعليقها دون مبرر، أو حتى تجاهل النظر فيها بشكل متعمد، ما يضعهم في حالة قانونية غير مستقرة، ويجعلهم عرضة للقلق والمعاناة المستمرة.
معاناة العائلات والأطفال
أشارت رئيسة منظمة “آزول إن نوت”، كوبرا آتاسوي، إلى أن الفئات الأكثر تضررا من هذه الإجراءات هم الأطفال، والمرضى، والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن “الأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة للمساعدة يُتركون في حالة دائمة من عدم اليقين نتيجة المماطلة وانعدام الشفافية”.
وقد وثّقت المنظمات عددا من الحالات، من بينها عائلة سورية تنتظر منذ عام 2023 قرارا بشأن طلب اللجوء، رغم إصابة الوالدين بأمراض مزمنة ومعاناة أحد الأطفال من إعاقة. وقالت آتاسوي: “الوضع القانوني للعائلة بأكملها مُعلّق ولا تلوح أي آفاق مستقبلية في الأفق”.
سحب حماية وإلغاء إقامات دون مبرر
من جهته، قال بيتر مارهولد من منظمة “Helping Hands” إن بعض الحالات تُثير القلق بشكل خاص، كحالة الشاب السوري محمد، وهو قاصر غير مصحوب بذويه ويعاني من إصابات ناتجة عن الحرب. فرغم منحه وضع الحماية سابقا، بدأت السلطات بإجراءات لسحب إقامته دون تقديم أسباب واضحة.
يضيف مارهولد: “في كثير من الحالات، يتلقى اللاجئ إخطارا بسحب الحماية في توقيت مفاجئ، مثل لحظة التقديم على لمّ الشمل أو الجنسية، وفي أحيان كثيرة، يُغلق الملف فجأة بعد تقديم وثائق رسمية مثل شهادة اللغة، دون أي توضيح”.
أطفال يولدون بلا إقامة
أكثر المشاهد مأساوية، بحسب المنظمات، تتمثل في “حالات أطفال يولدون داخل الأراضي النمساوية دون أن يحصلوا على أي وضع قانوني”، كما هو حال الطفلة السورية ليلى، التي وُلدت في النمسا لكنها تُركت بدون إقامة لأن والديها يخضعان لإجراء سحب للحماية.
وانتقدت آتاسوي هذه الممارسات بشدة، قائلة إن “ما يجري يتم دون قرار رسمي أو مراجعة للملفات، ودون أي أساس قانوني، ما يُظهر أن BFA يتصرف بشكل تعسفي ويقوّض مبادئ سيادة القانون”.
ضغط سياسي لا علاقة له بالأمن أو الاندماج
ترى المنظمات أن الأمر يتعدى كونه قرارات إدارية متفرقة، بل يعكس نهجا سياسيا ممنهجا للضغط على اللاجئين.
وقال مارهولد: “ما نشهده ليس مجرد خلل إداري أو ضعف اندماج، بل سياسة قائمة على الحسابات السياسية، لا علاقة لها بالوضع الأمني في سوريا أو تهديد النظام العام”.
واختتم مارهولد تصريحه بالقول: “اللجوء ليس منّة من أحد، بل حق إنساني مكفول بالقانون الدولي، ولا يجب ربطه باعتبارات اقتصادية أو قدرات لغوية”.