
أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
في خطوة تعكس تصاعد القلق الأوروبي المرتبط بملف اللجوء والهجرة، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، اليوم الجمعة، أن وزير الداخلية الاتحادي يعتزم استضافة قمة أوروبية طارئة خاصة بمنظومة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وذلك في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا يوم 18 يوليو/تموز الجاري.
وبحسب المتحدث باسم الوزارة، فإن القمة تهدف إلى مناقشة إصلاحات شاملة في سياسات اللجوء الأوروبية، في وقت تتفاقم فيه أزمات النزوح من مناطق مختلفة، لاسيما من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتزداد فيه الضغوط على دول الاتحاد التي تقع في مسار تدفقات اللاجئين.
ورغم عدم الكشف حتى الآن عن جدول الأعمال التفصيلي للقمة، إلا أن مصادر مطلعة رجّحت أن تُركّز النقاشات على عدة محاور أساسية، أبرزها إعادة توزيع المسؤوليات داخل الاتحاد الأوروبي، بما يُخفف العبء عن دول “الخطوط الأمامية” مثل إيطاليا واليونان، ويضمن تقاسما عادلا بين جميع الدول الأعضاء، خصوصا تلك التي تتمتع بوضع اقتصادي أكثر استقرارا كألمانيا وفرنسا.
كما تسعى ألمانيا من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز الرقابة على الحدود الخارجية للتكتل الأوروبي، وتسريع وتيرة البت في طلبات اللجوء، إضافة إلى مناقشة مقترحات تتعلق بإنشاء مراكز استقبال مشتركة إما على حدود الاتحاد أو في دول ثالثة، وهو ما يُعد تحوّلا جوهريا في طريقة التعاطي مع طالبي اللجوء.
توقيت القمة يأتي في لحظة سياسية حساسة، إذ تسبق انطلاق الدورة الجديدة للمفوضية الأوروبية، في وقت لعب فيه ملف الهجرة دورا بارزا خلال الانتخابات الأوروبية الأخيرة، وأسهم بشكل واضح في صعود قوى اليمين المتطرف في دول مثل ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا، مستغلة المخاوف الشعبية من استمرار سياسة “الأبواب المفتوحة” التي تنتهجها بعض الحكومات الأوروبية.
ومن المتوقع أن تُلقي التطورات الجيوسياسية العالمية بظلالها على النقاشات داخل القمة، خصوصا الحرب في أوكرانيا، والتوترات المتصاعدة في منطقة الساحل الإفريقي، والانكماشات الاقتصادية في عدد من الدول النامية، والتي تُعد من الأسباب الرئيسية لزيادة موجات النزوح باتجاه أوروبا.
ورغم أن ألمانيا كانت منذ عام 2015 من أبرز الدول المستقبلة للاجئين، حيث استقبلت مئات الآلاف، إلا أن المزاج العام في البلاد بدأ يشهد تغيرا ملحوظا.
وأظهرت استطلاعات حديثة أن نسبة متزايدة من الألمان تطالب بتشديد الرقابة على الحدود، وإجراء مراجعة شاملة لسياسات الهجرة واللجوء، في ظل شعور متنامٍ بعدم الرضا عن الأعباء التي تتحملها البلاد بمفردها مقارنة ببقية دول الاتحاد.
ويرى مراقبون أن قمة بافاريا ستكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرة الاتحاد الأوروبي على تجاوز الخلافات الداخلية، والتوصل إلى رؤية موحدة وأكثر عدالة في التعامل مع اللاجئين والمهاجرين، بما يحفظ كرامتهم ويصون حقوقهم، دون أن يترك دولا بعينها تواجه الأزمة وحدها.