
دخل قرار وقف لمّ الشمل لعائلات اللاجئين والحاصلين على الحماية الثانوية في النمسا حيز التنفيذ يوم أمس الخميس (3 يوليو/تموز 2025)، بعد أن تمت الموافقة عليه من قبل البرلمان النمساوي، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الاتحاد الأوروبي.
كانت الحكومة النمساوية قد بررت هذا القرار بالسعي لحماية البلاد من التدفق الكبير للمهاجرين، مشيرة إلى أن الإحصائيات الأخيرة أظهرت أن عددا كبيرا من المهاجرين دخلوا البلاد مؤخرا عبر برامج لمّ الشمل.
وأوضحت أن هذا التدفق وضع ضغطا كبيرا على الخدمات العامة، خصوصا في القطاعين الصحي والتعليمي، نظرا لأن معظم اللاجئين هم من الأطفال.
ويُعد هذا القرار تحولا واضحا في سياسة النمسا، التي كانت تُعتبر في السابق من أكثر الدول استقبالا للمهاجرين مقارنة بعدد سكانها.
الجمعيات الحقوقية: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان
واجه القرار اعتراضات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، حيث وصفت منظمة العفو الدولية (فرع النمسا) القرار بأنه “اعتداء على حق المهاجرين في الحياة الأسرية”، مؤكدة أنه “لا توجد حالة طوارئ تبرر هذا التدخل الكبير في حقوق الأسر”.
من جانبه، أعرب حزب الخضر النمساوي عن قلقه من هذا التغيير التشريعي، واعتبره “مثيرا للشكوك إلى حد كبير” فيما يخص احترام حقوق الإنسان.
الحكومة النمساوية ترد: القرار قانوني ومؤقت
في المقابل، صرّح المستشار النمساوي كريستيان شتوكر أن القرار لا يتعارض مع القانون الدولي أو قوانين الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أنه “يُطبق بشكل قانوني كامل”.
وأوضح أنه بين عامي 2023 و2024، دخل نحو 18 ألف شخص إلى النمسا عبر لمّ الشمل، بينهم 13 ألف طفل أو قاصر، مضيفا: “بالنظر إلى هذه الأرقام، من الواضح أن علينا تحمل المسؤولية ووقف العملية بشكل مؤقت”.
استثناءات محدودة
بحسب وسائل إعلام محلية، يتضمن القرار بعض الاستثناءات، لا سيما في حالات الأطفال القُصّر الذين لا يتلقون رعاية في بلدهم الأصلي، وكذلك الأطفال والشباب الذين يقيم أحد والديهم فقط في بلد المنشأ، ويُعتبر المرجع الوحيد لهم.
من المتوقع أن يؤثر هذا القرار على العديد من المؤهلين للحصول على اللجوء، ممن كانوا يأملون في لمّ شملهم مع أسرهم.
وأشار وزير الداخلية غيرهارد كارنر إلى أن أعداد المستفيدين من لمّ الشمل تشهد تراجعا حادا منذ عام تقريبا، بسبب تعقيد إجراءات الفحص، ومقارنات الحمض النووي، إلى جانب أسباب أخرى.
توجه أوروبي نحو تشديد سياسات الهجرة
تأتي هذه الخطوة في سياق موجة عامة من التشدد في سياسات الهجرة داخل أوروبا، حيث شهدت النمسا صعودا لليمين الشعبوي في السنوات الأخيرة، ما انعكس على سياسات اللجوء والهجرة، خاصة بعد تجميد ملفات لجوء السوريين في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
علما أن السوريين يشكلون نحو 90% من مجموع اللاجئين في النمسا.
كما أن ألمانيا كانت قد صادقت في وقت سابق على فرض قيود جديدة على لمّ الشمل لفئات من اللاجئين، وشددت قوانين منح الجنسية.
أما فرنسا، فقد رفعت مدة الإقامة المطلوبة لتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين من خمس إلى سبع سنوات، وأكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو عزمه “زيادة معدل تنفيذ أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية”.