تقارير
أخر الأخبار

تحول الطاقة في ألمانيا يضغط على الصناعة ويهدد آلاف الوظائف

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا

تشهد ألمانيا ضغوطا متزايدة على قطاع الصناعة بسبب سياسات تحول الطاقة التي تبنتها الحكومة، والتي تسببت في أعباء اقتصادية كبيرة تهدد بفقدان آلاف الوظائف.

وأكدت اتحادات صناعية ألمانية في رسالة موجهة إلى المستشار فريدريش ميرتس أن السياسات الحالية لإزالة الكربون تسببت في أزمة اقتصادية غير مسبوقة تشبه أسوأ الأزمات التي مرت بها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.

وحذرت النقابات، التي تضم عمال صناعات التعدين والمواد الكيميائية والصناعات المعدنية والكهربائية، من أن أكثر من مئة ألف وظيفة صناعية أُلغيت في العام الماضي وحده دون تعويضات مناسبة، مما يضع الوظائف المتبقية في خطر غير مسبوق.

وأشارت إلى أن الوعود السياسية التي قدمتها الحكومات السابقة حول “المعجزة الاقتصادية الخضراء” لم تتحقق على أرض الواقع، بل كانت مجرد شعارات لا أكثر.

يعمل في ألمانيا أكثر من مليون شخص في الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وهو ما يجعلهم معرضين بشكل خاص لتأثيرات تحول الطاقة، الذي يشكل تحديا حقيقيا للحفاظ على الوظائف وضمان استمرارية الصناعات.

وأكدت النقابات ضرورة إعادة النظر في السياسات الحالية لتوفير بيئة عمل مستدامة وتوفير شروط اقتصادية مناسبة تسمح بخلق قيمة مضافة تحافظ على الوظائف.

على مدار العقود الماضية، حظيت مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بدعم كبير من الحكومة الألمانية، لكنها لم تتمكن حتى الآن من تأمين إمدادات مستقرة وموثوقة كما كان متوقعا، خاصة مع تراجع الاعتماد على الطاقة النووية والفحم.

هذا التحول أدى إلى ارتفاع كبير في تكلفة الكهرباء، مما يضاعف أعباء الشركات الصناعية، حيث وصلت أسعار الكهرباء في ألمانيا إلى أعلى مستوياتها في أوروبا، وهو ما ينعكس سلبًا على تنافسية الاقتصاد واستقرار المجتمع.

وأكدت النقابات أن ارتفاع أسعار الكهرباء لا يشكل عبئا اقتصاديا فحسب، بل هو أيضا ظاهرة اجتماعية تهدد ازدهار البلاد وتماسكها الاجتماعي.

لذلك طالبت باتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة توازن أسعار الطاقة بما يضمن قدرة الصناعة على المنافسة الدولية دون تحميلها أعباء إضافية ناتجة عن سياسات بيئية غير مدروسة بشكل كاف.

كما أشارت إلى أهمية حماية الصناعة من أعباء إضافية مثل رسوم النقل والالتزامات المرتبطة بالإمداد الذاتي للكهرباء، والتي تعتبر من عوامل الجذب الأساسية لاستمرار الاستثمارات الصناعية في ألمانيا.

وحذرت من أن استمرار السياسات الحالية دون تعديلات قد يؤدي إلى تراجع كبير في قدرة الصناعات الثقيلة على المنافسة، خاصة في مواجهة الضغوط التجارية العالمية.

في الوقت نفسه، نبهت النقابات إلى ضرورة التزام جميع الدول المشاركة في جهود حماية المناخ بتطبيق إجراءات متوازنة وعادلة، لضمان عدم تحمل ألمانيا وأوروبا وحدها أعباء لا تناسبها، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من دول أخرى ذات سياسات بيئية أقل صرامة.

وأكدت النقابات على الحاجة إلى مراجعة شاملة للإستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالطاقة، بما في ذلك استراتيجية الهيدروجين، بحيث تكون أكثر واقعية وتتلاءم مع التحديات الفعلية للصناعة والاقتصاد.

وأشارت إلى أن دعم الاستثمار في البنى التحتية للطاقة دون فرض قيود تقنية محددة، ووقف إغلاق محطات الكهرباء قبل توفير بدائل، هو أمر ضروري لضمان استقرار الإمدادات.

وشددت النقابات على ضرورة أن تقدم الحكومة الألمانية إشارات واضحة وعملية حول كيفية معالجة أوجه القصور الحالية في سياسة الطاقة والمناخ، لضمان مستقبل أفضل للقطاع الصناعي وحماية الوظائف وحماية الاقتصاد الألماني من المزيد من التراجع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى