
أخبار العرب في أوروبا-النمسا
أثار اختفاء لاجئ سوري بعد ترحيله من النمسا إلى دمشق، مطلع الشهر الجاري، قلقا واسعا في الأوساط الحقوقية النمساوية، في ظل غياب أي معلومات عن مصيره بعد وصوله إلى سوريا.
وتُعد هذه العملية هي الأولى من نوعها التي تنفذها دولة أوروبية تجاه سوريا منذ عام 2011.
وبحسب ما نقلته تقارير إعلامية وحقوقية، فإن الرجل، البالغ من العمر 32 عاما، كان قد رُحّل من العاصمة النمساوية فيينا إلى دمشق مطلع تموز/يوليو الجاري، في عملية لاقت اهتماما دوليا، إذ إنها أول عملية ترحيل إلى سوريا تنفذها النمسا، أو أي دولة في الاتحاد الأوروبي، منذ اندلاع الحرب السورية قبل أكثر من 14 عاما.
السلطات النمساوية أكدت أنها سلّمت الرجل إلى الحكومة السورية، لكنها امتنعت عن تقديم أي تفاصيل إضافية بشأن طريقة الترحيل أو مصير المرحّل، بحجة الحفاظ على “سرية العمليات”.
ووفق ما صرّح به سيباستيان فريك، من منظمة “استشارات الفارين واللاجئين”، لإذاعة “Ö1” النمساوية، فإن آخر اتصال أجراه الرجل كان أثناء توقفه في مدينة إسطنبول التركية، في طريقه إلى دمشق.
ومنذ ذلك الحين، لم تصل أي أخبار عنه، كما لم تتمكن شقيقته من التواصل معه بأي وسيلة، ما عزز المخاوف حول احتجازه أو تعرضه لسوء المعاملة.
فريك أشار إلى أن المنظمة ترى أن اختفاء الرجل ليس طوعيا، بل يُرجّح أنه احتُجز فور وصوله إلى سوريا.
بدورها، أكدت وزارة الداخلية النمساوية، في رد على استفسار من قناة “ORF”، أن عملية الترحيل نُفذت بالفعل، وأن الرجل تم تسليمه للسلطات السورية، لكنها رفضت الإفصاح عن أي تفاصيل “عملياتية” تخص الإجراءات، أو تحديد ما إذا كانت هناك ضمانات تتعلق بسلامته بعد التسليم.
وطالبت منظمة استشارات الفارين واللاجئين، كلا من وزارتي الداخلية والخارجية في النمسا، بضرورة التحرك العاجل لجمع معلومات دقيقة حول مصير الرجل بعد وصوله إلى دمشق، وضمان عدم تعرضه لأي معاملة لا إنسانية أو انتقامية، مؤكدة أن النمسا تبقى مسؤولة أخلاقيا وقانونيا عن مصير من تقوم بترحيله إلى بلد مصنف كغير آمن.
وبالعودة إلى خلفية القضية، فإن الرجل المرحّل كان قد حُكم عليه في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 بالسجن لمدة سبع سنوات من قبل المحكمة الإقليمية في سالزبورغ، بعد إدانته بتهمة الانتماء إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.
ورغم الخطورة المحتملة التي يشكلها، إلا أن الترحيل إلى سوريا ظل حتى الآن مرفوضا أوروبيا بسبب الظروف الأمنية في البلاد، ما جعل هذه القضية تثير جدلا واسعا بشأن مدى شرعية قرار النمسا ومدى توافقه مع الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان.
يُذكر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أقرت قانونيا تنفيذ الترحيل في هذه الحالة، ما فتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول التوازن بين الأمن الوطني للدول الأوروبية، والضمانات الأخلاقية والقانونية في التعامل مع اللاجئين المدانين أو المشتبه بانتمائهم لتنظيمات إرهابية.