البرلمان البرتغالي يعتمد قوانين جديدة لتقييد لمّ شمل الأسر وتشديد سياسة الهجرة

أخبار العرب في أوروبا-البرتغال
صادق البرلمان البرتغالي، يوم الأربعاء (16يونيو/حزيران2025)، على حزمة قوانين جديدة تهدف إلى تشديد سياسة الهجرة في البلاد، في خطوة وُصفت بأنها تحوّل جذري عن السياسات الليبرالية السابقة التي انتهجتها الحكومة الاشتراكية.
تتضمن هذه الحزمة قيودا مشددة على لمّ شمل الأسر ومنح تصاريح الإقامة وتأشيرات العمل، وهو ما يُتوقع أن يؤثر بشكل خاص على الجالية البرازيلية، التي تُعد الأكبر بين الجاليات الأجنبية في البرتغال.
وأوضحت الحكومة البرتغالية، في بيان رسمي، أن هذه الإجراءات تأتي في إطار “مكافحة الهجرة غير النظامية وتعزيز السيطرة على الحدود”، مشيرة إلى أن منح تأشيرات العمل سيقتصر مستقبلا على المهاجرين “ذوي المؤهلات العالية”، مع إلغاء القانون الذي كان يسمح للبرازيليين والتيموريين بدخول البلاد دون تأشيرة والتقدم لاحقا بطلبات لتسوية أوضاعهم بعد الوصول.
كما سيتم وقف منح تصاريح لمّ شمل الأسرة إلا لمن يحملون إقامة قانونية في البرتغال لمدة لا تقل عن عامين، بحسب ما أوردته صحيفة “بوبليكو” المحلية.
وفي إجراء آخر، أعلنت الحكومة عن إنشاء “الوحدة الوطنية للأجانب والحدود” ضمن شرطة الأمن العام، والتي ستتولى مهمة مكافحة الهجرة غير النظامية وتنفيذ قرارات طرد المهاجرين غير المسجلين، في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة الميدانية على حركة المهاجرين غير الشرعيين في البلاد.
ورغم أن الحزمة التشريعية الجديدة تشمل أيضا تعديلات على قوانين الأجانب، إلا أن الجزء الخاص بتقييد شروط الحصول على الجنسية البرتغالية لا يزال قيد التفاوض البرلماني، وسط شكوك قانونية أُثيرت حول بعض مواده.
وبحسب البيانات الرسمية، شكّل البرازيليون المستفيد الأكبر من سياسات الهجرة السابقة، إذ كانوا يحصلون على النسبة الأكبر من تأشيرات العمل وتصاريح الإقامة، ما يجعلهم الآن الضحية الأبرز للإجراءات الجديدة التي تستهدف تقليص تدفق العمالة منخفضة المهارة إلى البلاد.
وشهد البرلمان انقساما واضحا خلال التصويت، حيث دعم نواب الأحزاب الموالية للحكومة اليمينية، إلى جانب نواب حزب “تشيغا” اليميني المتطرف، هذه الإجراءات، في حين صوتت المعارضة اليسارية ضدها، معتبرة أن تلك القوانين “تمثل انتكاسة لسياسة الهجرة في البرتغال”.
وكان رئيس الوزراء لويس مونتينيغرو قد أعلن، عقب توليه منصبه في مارس/آذار 2024، عزمه إعادة النظر في سياسة الهجرة “المنفتحة”، التي اعتمدتها الحكومة الاشتراكية السابقة، معتبراً أن البلاد بحاجة إلى تنظيم أكثر صرامة لملف الهجرة والتأشيرات.
إلى جانب ذلك، أُلغيت القوانين التي كانت تتيح للمهاجرين تسوية أوضاعهم القانونية بعد إثبات العمل لمدة عام واحد، حتى لو دخلوا البرتغال بتأشيرات سياحية.
في المقابل، عبّرت أكثر من 160 منظمة وجمعية معنية بشؤون المهاجرين عن رفضها الصارم للإجراءات الجديدة، معتبرة أنها تشكل انتهاكا لحقوق المهاجرين، لا سيما ما يتعلق بتقييد لمّ شمل الأسر، حيث قالت المنظمات في بيان مشترك: “أي إجراء يؤخر أو يعوق لمّ شمل الأسر غير مقبول من الناحية الإنسانية”.
وتستمر الحكومة في تشديد تعاملها مع المهاجرين، حيث أقر البرلمان في وقت سابق قانونا يمنع المهاجرين غير النظاميين من الاستفادة من الرعاية الصحية العامة، ما دفع أكثر من ألف طبيب وعامل في القطاع الصحي إلى التوقيع على رسالة مفتوحة رفضوا خلالها هذا الإجراء واعتبروه تهديدا لحقوق الإنسان.
وتعتزم السلطات البرتغالية فتح مركزين لترحيل المهاجرين خلال العام الجاري، بتمويل من الاتحاد الأوروبي ضمن خطة “التعافي والقدرة على الصمود” الخاصة بالتنمية المستدامة.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد الأجانب المقيمين في البرتغال بلغ نهاية عام 2024 نحو 1.55 مليون شخص، ما يمثل حوالي 15% من إجمالي سكان البلاد، بزيادة كبيرة مقارنة بعام 2017. هذا النمو السريع في عدد المهاجرين دفع الحكومة الجديدة إلى اتخاذ سياسات أكثر صرامة لضبط الهجرة وتحجيم تدفق الوافدين الجدد إلى البلاد.