
أخبار العرب في أوروبا-فرنسا
أثارت وثيقة مسرّبة من خفر السواحل الفرنسي جدلا واسعا في بريطانيا وفرنسا، بعدما كشفت عن فشل عملية اعتراض حديثة لقوارب مهاجرين في منعهم من الوصول إلى الأراضي البريطانية، رغم السياسات الصارمة المعتمدة بين لندن وباريس خلال الفترة الماضية.
وبحسب ما كشفت صحيفة “ذا غارديان” في تقرير نشرته اليوم الأحد، فقد أظهر السجل الرسمي لخفر السواحل، المعروف باسم “تقرير الوضع” (Sitrep)، تفاصيل حادثة وقعت في ليلة التاسع من يوليو/تموز الجاري، حين حاولت قوات الدرك الفرنسي منع قارب مطاطي يقل مهاجرين من مغادرة شاطئ كايو سور مير عبر ثقبه.
إلا أن القارب، رغم تعرضه للتخريب، تمكن لاحقا من نقل المزيد من الركاب على طول الساحل، قبل أن يتم إنقاذه من قبل قارب تابع للمؤسسة الملكية الوطنية البريطانية لقوارب النجاة، ووصل إلى المملكة المتحدة حاملا 55 مهاجرا في اليوم ذاته.
وتشير بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى أن ذلك اليوم شهد وصول 10 قوارب تقل في المجموع 573 مهاجرا إلى السواحل البريطانية.
وتؤكد هذه الحادثة أن التكتيكات الفرنسية المتمثلة في تخريب قوارب المهاجرين لم تنجح في منعهم من مواصلة رحلاتهم المحفوفة بالمخاطر، وهو ما استدعى مراجعة عاجلة من جانب السلطات الفرنسية، بحسب تصريحات وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، التي قالت إن باريس تدرس تعديل أساليبها في التعامل مع قوارب الهجرة في المياه الإقليمية الفرنسية.
يأتي هذا في وقت تواصل فيه المملكة المتحدة وفرنسا تنفيذ الاتفاق الذي أُعلن عنه مؤخرا بين رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والقائم على مبدأ “دخول واحد، خروج واحد”، حيث يُسمح لطالب لجوء واحد بالدخول بشكل قانوني إلى بريطانيا مقابل إعادة شخص آخر وصل بشكل غير نظامي إلى فرنسا، بالإضافة إلى تكثيف عمليات اعتراض القوارب على مسافة تصل إلى 300 متر في عمق البحر.
غير أن الوثيقة المسرّبة أثارت مجددا التساؤلات بشأن جدوى السياسات الأمنية المشتركة، لا سيما في ظل الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين الذين عبروا القناة هذا العام، والتي ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، حيث تخطى عدد الواصلين 21 ألف مهاجر حتى الآن في عام 2025.
من جهتها، أعربت نقابة خفر السواحل الفرنسي “سوليدير دوان” عن قلقها من تفاقم “سوء المعاملة المؤسسية” بحق المهاجرين، داعية إلى إعادة النظر في النهج الأمني الصارم المتبع في إطار حملة “أوقفوا القوارب”.
وفي سياق متصل، أُعيد فتح مركز احتجاز المهاجرين “بروك هاوس” قرب مطار جاتويك، لتخصيصه لاحتجاز الواصلين على متن قوارب صغيرة قبل إعادتهم إلى فرنسا، وسط غموض حول آلية اختيار المحتجزين ومدة احتجازهم.
يُذكر أن هذا المركز كان موضع فضيحة تحقيقات سابقة إثر نشر تسجيلات سرية كشفت عن انتهاكات وسوء معاملة بحق المهاجرين المحتجزين داخله.