تقارير
أخر الأخبار

مخاوف من تجدد أعمال شغب عنصرية ضد المهاجرين في بريطانيا هذا الصيف

أخبار العرب في أوروبا-بريطانيا

بعد عام على أعمال العنف التي استهدفت مهاجرين في أنحاء المملكة المتحدة خلال صيف العام الماضي، تتزايد المخاوف من تجدد الاضطرابات هذا الصيف أيضا، وسط انقسام وتأجيج يغذّيه اليمين المتطرف، بحسب مسؤولين وسكان محليين وناشطين وباحثين.

وتتجدد المخاوف من اندلاع أعمال شغب واحتجاجات ضد الفنادق التي تؤوي مهاجرين بعد عام على حوادث مماثلة شهدتها مناطق مختلفة في المملكة المتحدة.

وكانت الشرطة قد اعتقلت 16 شخصا إثر احتجاجات اندلعت الأسبوع الماضي أمام فندق “بيل” الذي يستضيف طالبي لجوء في بلدة إيبينغ بمقاطعة إسيكس، شمال شرقي لندن، وأسفرت عن إصابة ثمانية من عناصر الشرطة. وقد وُجّهت التهم إلى تسعة من المعتقلين.

واندلعت احتجاجات إيبينغ بعد اتهام هادوش جيربيرسلاسي كيباتو، طالب لجوء يبلغ من العمر 38 عاما، بالاعتداء الجنسي لمحاولته تقبيل فتاة تبلغ من العمر 14 عاما.

وقد أنكر كيباتو التهم الموجهة إليه أمام محكمة تشيلمسفورد الابتدائية، ومن المقرر أن يُحاكم الشهر المقبل. وكان قد وصل إلى بريطانيا في أواخر حزيران/يونيو الماضي، ويواجه ثلاث تهم بالاعتداء الجنسي.

وعلى الرغم من عودة الهدوء إلى البلدة التي تُعد من الطبقة المتوسطة ويبلغ عدد سكانها 12 ألف نسمة، فإن التوترات ما تزال ملموسة.

وقال أحد السكان القاطنين بالقرب من الفندق، لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم الكشف عن اسمه: “هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها أمر كهذا”، مضيفا: “المشكلة ليست في الفندق، بل في المتطرفين الذين يطبقون أيديولوجية سياسية”. كما أشار سكان آخرون إلى أن المحتجين جاءوا من خارج البلدة.

وهتف المتظاهرون بعبارات مثل “أنقذوا أطفالنا” و”أعيدوهم إلى ديارهم”، في حين حملت لافتات شعارات تطالب بطرد “المجرمين الأجانب”.

وصرّحت رئيسة اتحاد الشرطة، تيف لينش، أن الاضطرابات “ليست مجرد حادثة عابرة ومقلقة”، وقالت لصحيفة “ديلي تلغراف”: “كانت بمثابة جرس إنذار. تذكير بمدى سهولة اندلاع التوترات ومدى ضعف استعدادنا لمواجهتها”.

من جانبه، دعا وزير الحكومة جوناثان رينولدز إلى عدم المبالغة في وصف الوضع، وقال لشبكة “سكاي نيوز”: “الحكومة وجميع الوكالات والشرطة على أهبة الاستعداد”، مضيفا: “أتفهم الإحباط الذي يشعر به الناس”.

وأكد أن الحكومة قلّصت عدد الفنادق المخصصة لطالبي اللجوء من 400 إلى 200.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، قالت وزيرة الدولة لشؤون أمن الحدود واللجوء، أنجيلا إيغل، إن الحكومة تعمل على “إغلاق الفنادق، واستعادة النظام، ووضع العدالة في صميم نظام اللجوء”.

وأكدت وزارة الداخلية أنها ستسحب الدعم عن طالبي اللجوء الذين يرفضون الانتقال إلى مساكن جديدة، كإجراء وقائي لمنع احتجاجات إضافية، خصوصاً في إسيكس.

“بشر مثلي ومثلك”

يحظى الشارع المضاد لهذه الاحتجاجات بدعم سياسي، إذ أعلن سياسيون مثل جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال السابق، والنائبة العمالية ديان أبوت، دعمهما للمظاهرات “المناهضة للعنصرية”.

وقال كوربين: “لقد عانى اللاجئون كثيرا في سبيل الوصول إلى ملاذ آمن. إنهم بشر مثلنا. المشكلة ليست في المهاجرين، بل في نظام اقتصادي منحاز يُثري أصحاب المليارات ويُفقر الطبقة العاملة”.

أما ديان أبوت فكتبت على منصة “إكس”: “الادعاء بأن الشرطة نقلت مناهضين للعنصرية بالحافلات للاحتجاج أمام فندق للاجئين هو محض هراء، كما أكدت الشرطة. اليمين المتطرف بارع في خلق مظالم وهمية بينما يصنع العنف الحقيقي”.

من جانبها، اتهمت حركة “انهضوا في وجه العنصرية” اليمين المتطرف بالوقوف وراء هذه الاضطرابات، وقالت عبر “إكس”: “تُظهر الأحداث الأخيرة أن اليمين المتطرف يريد تكرار شغب العام الماضي، لكن الحشد المناهض للعنصرية قادر على صدهم، كما رأينا في إيبينغ”.

دعوات للفهم بدلا من الخوف

في المقابل، حذر نايجل فاراج، زعيم “حزب الإصلاح”، قائلا: “لا أعتقد أن أحدا في لندن يدرك مدى قربنا من عصيان مدني واسع النطاق”.

وأوضح أن المحتجين في إيبينغ لم يكونوا جميعا من أقصى اليمين، بل “عائلات قلقة”.

وفي نيسان/أبريل الماضي، كشفت مؤسسة الصحة النفسية أن أعمال الشغب العام الماضي تسببت بتدهور كبير في الصحة النفسية لطالبي اللجوء، حيث ازدادت مخاوفهم من القيام بأنشطة يومية خشية التعرض للاعتداءات.

كما أكدت مؤسسة “صحة الشعب” أن النساء والفتيات المسلمات كنّ من أكثر المتضررين، ووصفت الآثار النفسية والجسدية للاضطرابات بأنها “مدمّرة وطويلة الأمد”.

المزيد من أعمال الشغب هذا الصيف؟

توقع أوريليان موندون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باث، أن تشهد المملكة المتحدة “المزيد من أعمال الشغب العنصرية هذا الصيف”، مشيرا إلى أن هذه التحركات لا تنبع جميعها من قواعد شعبية محلية، بل تُنسق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكنه نبّه إلى ضرورة “عدم المبالغة في قوتها”.

وكان تومي روبنسون، الناشط اليميني المتطرف المعروف بعدائه للإسلام، قد أعلن نيته زيارة إيبينغ ثم ألغاها، وهو يواجه محاكمة جديدة عام 2026 بعد الإفراج عنه مؤخرا.

في خلفية هذه الأحداث، تبين أن اثنين من كل خمسة أشخاص ألقي القبض عليهم في شغب الصيف الماضي، لديهم سجل سابق في العنف الأسري، بحسب بيانات نشرتها صحيفة “ذا غارديان”.

وفي رسالة كتبها شاب يمني يُدعى نبيل (اسم مستعار) من أحد فنادق إسيكس، قال: “لم أهرب من الفقر بل من الخوف والاضطهاد. رسالتي ليست نداءً للتعاطف، بل دعوة للتفهم والإنصاف”.

يُذكر أن ما يقارب 24 ألف مهاجر وصلوا إلى المملكة المتحدة عبر بحر المانش منذ بداية عام 2025، وهو رقم قياسي يضغط على حكومة كير ستارمر التي تواجه صعودا لحزب “الإصلاح” اليميني المتطرف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى